أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى أجازت فيها احتفال المسلمين بالمولد النبوى الشريف، والذى يحتفل به في الثالث عشر من جانفي الجارى، وأوضحت الدار في فتواها أن المَولد النبوى الشريف إطلالة للرحمة الإلهيَّة بالنسبة للتاريخ البشرى جَميعِه، فلقد عَبَّرَ القرآنُ الكريم عن وُجود النبى -صلى الله عليه وآله وسلّم- بأنَّه رَحْمَةٌ للعالمين، وهذه الرحمة لم تكن محدودةً، فَهى تَشمل تربية البشرَ وتزكيتَهم وتعليمَهم وهدايتَهم نَحوَ الصراط المستقيم، على صعيد حياتهم المادية والمعنويّة. كما أنَّها لا تقتصر على أهل ذلك الزمان، بل تمتدُّ على امتداد التاريخ بأسره وآخرينَ مِنهم لمَّا يَلْحَقوا بِهم. وأكدت الدار أن الاحتفالُ بذكرى مَولِد الرسول {صلى الله عليه وسلم} أصلٌ من أصول الإيمان. وقد صحَّ عنه أنَّه، صلى الله عليه وآله وسلّم، قال: (لا يؤمنُ أحدُكم حتَّى أكونَ أحَبَّ إلَيه مِن والده وَوَلَدِه والناس أجمعين). وأوضحت أن الاحتفال بمولده صلى الله عليه وآله وسلّم هو الاحتفاءُ به. والاحتفاء به {صلى الله عليه وآله وسلّم} أمرٌ مقطوع بمشروعيته، لأنه أصل الأصول ودعامته الأولى، فقد علم الله سبحانه وتعالى قدر نبيه، فَعَرَّفَ الوجودَ بأسره، باسمه وبمَبعثه وبمقامه وبمكانته، فالكونُ كله في سرور دائم وفرحٍ مُطلق بنور الله، وفَرَجِه ونِعمته على العالمين وحجَّته. وأشارت إلى أن جماهير العلماء سلفاً وخلفاً أجمعوا عَلى مَشروعية الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، بل ألف في استحباب ذلك جماعةٌ من العلماء والفقهاء، بَيَّنوا بالأدلة الصحيحة استحبابَ هذا العَمل، بحيث لا يبقى لمن له عقلٌ وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف. وورد في السنة النبوية ما يدل على احتفال الصحابة الكرام بالنبى {صلى الله عليه وآله وسلّم} مع إقراره لذلك وإذنه فيه، فعن بُرَيْدَةَ الأسلمى رضى الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم في بعض مغازيه، فلمَّا انصرف جاءت جاريةٌ سوداءُ فقالت: يا رسول الله، إنِّى كنت قد نذرت إنْ ردَّكَ الله سالماً أن أضربَ بينَ يَديْكَ بالدَفِّ وأتغنَّى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: إن كنت نَذرت فاضربي، وإلا فَلا). وسنّ لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم بنفسه الشريفة الشكرَ لله تعالى على ميلاده الشريف، فقد صحَّ عنه أنه كان يصوم يوم الاثنين ويقول: (ذلك يومٌ ولدتُ فيه) رواه مسلم من حديث أبى قتادة رضى الله عنه، فهو شكر منه عليه الصلاة والسلام على منة الله تعالى عليه وعلى الأمة بذاته الشريفة.