اتّفق وأجمع العلماء والمشايخ الجزائريون الّذين نزلوا ضيوفاً على ندوة ''الخبر'' بسطيف، الّتي خصّصَت لرؤية الشرع حول جواز الاحتفال بذِكرى المولد النّبويّ الشّريف، وطريقة الجزائريين في التعامل معها، على جواز ذلك، إلاّ أنّهم اختلفوا حول طريقة الاحتفال بهذه المناسبة الكريمة. * الشيخ محمد مكركب ''أؤكد على إنكار المفرقعات وباقي العادات كالشُّموع والحنَّاء وغيرها'' يجد الشيخ محمد مكركب بأن الاحتفال بالمولد النّبويّ الشّريف، يتلخّص في مدلول وأبعاد واجبنا نحو خاتم النّبيّين، وواجبنا حسب الشيخ قوامه سبعة عناصر: الإيمان بنبوته والعمل على الدعوة إليها، فإن علّمنا أولادنا وسائر الأجيال كنّا قد احتفلنا واحتفينا، الإيمان والعمل بالرِّسالة الّتي بعث بها إلى الإنسانية أجمع فقد كان ميلاده ميلاد الإنسانية من جديد، والعمل بسُنَّتِه وبناء الأخوة الإيمانية وجمع شمل الأمّة الإسلامية، إلى جانب الاقتداء بحديث رسول الله عليه الصّلاة والسّلام ''إنّما بُعِثت لأتمِّم مكارم الأخلاق'' للتّحسيس وإيقاظ المشاعر في قلوب الأجيال الصاعدة، إضافة إلى حُبِّه صلّى الله عليه وسلّم، والصّلاة عليه في جلسات الذِّكر والدعاء وتلاوة القرآن وفي حركاتنا وغيرها، وكذلك تعليم الأجيال حُبّ ما كان يُحبِّه صلّى الله عليه وسلّم. وأوصى الشيخ مكركب الأسر الجزائرية بتعليم أولادها اجتناب كلّ ما ابْتُدِع وما لم يكن على عهد الصّحابة رضوان الله عليهم. مؤكّداً أن الأمّة في مثل هذه الذكريات يجب أن تتعلّم الالتفاف حول مرجعياتها وأن تترك ما دون ذلك، مشيراً إلى أن مَن لم يبلغ علمه هذه الأهداف السامية فقد جانب الصّواب وتاه بين عادات الشموع والحناء وغيرها الّتي تمّ اختراعها في حقّه صلّى الله عليه وسلّم، مؤكّداً على إنكار المفرقعات ليلة المولد باعتبارها تُعوِّد الأطفال على العنف والتبذير. * الشيخ مولاي التهامي ''الاحتفال يكون بدراسة سيرة الرّسول والالتزام بأخلاقه'' يرى الشيخ مولاي التهامي بأن الاحتفال سُنَّة كونية، وكلّ الشعوب تحتفل بعظمائها وأن قائدنا وعظيمنا هو الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، وإذا كان في الوجود مَن هو أحق بالتّكريم فهو محمّد صلّى الله عليه وسلّم، الّذي مدحه ربّه تعالى من فوق سبع سماوات، وقد أخبرنا المولَى تعالى بأن لنا في رسول الله أسوة حسنة، فلا قدوة ولا أسوة غيره، معتبراً أن السعادة كامنة والنجاة كامنة في اتباع رسول الله، مؤكداً أن الاحتفال يكون بدراسة سيرته صلّى الله عليه وسلّم والالتزام بأخلاقه، كما أن الاحتفال بسيد البشر لا يكون إلاّ بتلاوة القرآن الكريم، والصّلاة على سيّد المرسلين. موضحاً أنّ هذا ''احتفال نؤجر عليه''، داعياً الأولياء إلى تربية أبنائهم وفق سيرة المصطفى صلّى الله عليه وسلّم. * الشيخ المأمون القاسمي الحسني ''نحتفي بمولده لمدّة شهر ونتدارَس سيرته العطرة'' ركّز الشيخ المأمون القاسمي الحسني على أسلوب احتفال الزوايا الجزائرية بذِكرى مولد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، وبطريقة تعامل الزاوية القاسمية مع الحدث، حيث يتم حسبه إحياء المناسبة كلّ سنة لمدة شهر كامل، تُدرَّس فيه السِّيرة المحمدية وشمائل المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، ويؤكّد أن المناسبة ستكون فرصة للدعوة إلى إحياء سُنّتِه والاهتداء بهديه والحرص على زرع محبّتِه عليه الصّلاة والسّلام، ويشير إلى أن جانب من التركيز سيكون منحصراً على فئة الأطفال من خلال العمل الجاد على زرع محبّة الرّسول الكريم في قلوبهم، كما تكون المناسبة فرصة لعرض المدائح الّتي تُعبِّر عن هذا المضمون. * الدكتورة عطية مريم ''الإحتفال بالمولد ليس بدعة في حدِّ ذاته'' تعتبر الدكتورة مريم عطية، مختصة في الفقه وأصوله، أنّ الاحتفال بذِكرى المولد النّبويّ الشّريف كانت في عهود ودويلات عرفتها الجزائر، وقد أخذت الاحتفالات طابع الغلو في العهد الفاطمي، وأكّدت أن الاحتفال ليس بدعة في حدّ ذاته، وإنّما بعض الأمور المستحدثة، كالشُّموع وغيرها والّتي في الغالب ما تستغل اقتصادياً، وأشارت إلى أنّه لا بأس أن يفرح أولادنا بالمولد، وأن تقوم النساء باستضافة الجيران والأقارب، موجّهة ملاحظة اعتبرتها إيجابية قائلة ''من الجيّد أن نجد الذكرى في نفوس الجزائريين''. * الشيخ ساسي شايبي ''كل الأدلة تُصَبُّ في جواز الإحتفال والمنكرين يركّزون على دليل واحد''. دعا الشيخ ساسي شايبي إلى الاحتفال والاحتفاء والامتلاء بحُبّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، معتبراً أن القائلين بعدم جواز الاحتفال مردُّه لشيء واحد وهو عدم احتفاء الصّحابة بالمولد. مؤكداّ أن هذه المسألة ''أصولية بحتة''. مشيراً إلى أن الترك لا يعني بأن هذا شيء غير مشروع، وأضاف ''إذا بحثنا في مرجعيات أخرى سنجد العكس كاحتفال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بمولده بالصِّيام، وأن القرآن احتفى بمولد الأنبياء مثل قوله تعالى: ''سَلاَمٌ عليْه يومَ وُلِدَ.، كما أنّ الشرع جعل من يوم الجمعة يوم عيد، معتبراً أنّ كل هذه الأدلة تدل على استحباب الاحتفاء بمولده صلّى الله عليه وسلّم.