ما أشبه المرض بحمام دمشقي عام، يدخله الإنسان مغبَرّاً عليه أكداس من الأتربة وأقذار وأكدار الحياة، فإذا به سرعان ما يخرج منه نشطاً مرحاً جديداً، مصقولاً كأنه المرآة، يحس إحساساً مباشراً بصفاء روحه، وانشراح صدره، وإشراقة قلبه، وتهلل جوارحه! كذلك يفعل المرض تماماً بتمام، بشرط واحد أصيل: هذا الشرط هو: أن يفهم المؤمن حكمة البلاء النازل به، فيستسلم لقدر الله - عز وجل فيه، مع بذل الأسباب للشفاء ما أمكن، ولا يكفي الاستسلام المجرد، بل لا بد ها هنا من الرضا عن الله -جل جلاله-، والاطمئنان إلى حكمته - عز وجل -، والوثوق برحمته ولطفه، (أليس الله بأحكم الحاكمين) بلى وأنا على ذلك من الشاهدين. مرض أحد السلف مرض شديدا أنهكه، فكان يقول لعوداه: إن الله لا يُتهم في قضائه، فله الحمد على ما قضى وقدر، ومن قيل: من ظن انفكاك لطفه عن قدره، فذلك لقصور نظره، فلطف الله -جل جلاله-، يرافق قدره، (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْر) المهم أن تفهم عن ربك، وتثق أن له في كل شيء آية وحكمة، وأنه إنما يبتليك ليربيك، أو يبتليك ليرقيك، فأنت بين بلاء من أجل التربية والتطهير والصقل، أو في بلاء من أجل الترقية ورفع الدرجات والمقامات عند الله، ففي كلا الحالين أنت في نعمة، فاشكر الله واهب النعم، هذا كله شيء، وأن نسأل الله العفو والعافية دائماً شيء آخر، فسؤال الله العفو والعافية هو نشيدنا الدائم، ولكن إذا نزل البلاء فلنكن كما يحب الله أن يرانا.