أوصى الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم، إمام وخطيب المسجد الحرام المسلمين بتقوى الله عز وجل. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها أول أمس بالمسجد الحرام، إن البشر بعامة محكومون بالجد والكدح وقد خلقهم الله في كبد، كل الناس يغدو فبائعٌ نفسه فمعتقها أو موبقها، وهم بين كادح وآخر متعلم قد يضعفوا مع المتاعب إلى حد الهوان، وقد ينتشوا مع المنافع إلى حدّ الطغيان، والكيِّس من هؤلاء جميعا، من لا يزيغ ولا يطغى ويظل رابط الجأش متماسكا في حاليه كلتيهما ويدفع نفسه دفعا إلى الوقوف في باب خالقه ومولاه، يسأله العفوَ والعافية في دينه ودنياه وأهله وماله، لأن إيثار العافية فطرة فطرها الله في الأنفس، إذ لا يحب البلاءَ والأوجاع إلا مختلُّ المزاج مختوم الفؤاد، وإنه لا يدرك قيمة العافية إلا من فقدها في دينه أو دنياه، فالعافية إذا دامت جهّلت وإذا فُقدت عُرفت وثوب العافية من أجل لباس الدنيا والدين، وفيهما تلذ الحياة الدنيا ويحسن المال في الأخرى. ومن هنا كان توجيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، لأمته رحمة بها وحرصا عليها حينما قال (سلوا الله العفو والعافية، فإن أحدا لم يُعط بعد اليقين خيرا من العافية)، وأردف ذلك صلى الله عليه وسلم بفعله المتكرر لتشعر أمته بقيمة هذه النعمة العظيمة، فكان صلى الله عليه وسلم يقول (اللهم إني أسالك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسالك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي). قال بن الجزري رحمه الله: من أعطي العافية فاز بما يرجوه ويحبه قلبا وقالبا ودينا ودنيا ووُقي ما يخافه في الدارين. وقال فضيلته: العافية قيمة مطلقة لا تقبل التجزئة والنسبية ولذلك يخطئ من يقصرها على عافية البدن فحسب، دون عافية الدين، فمن اقتصر على طلب العافية في البدن دون الدين، فقد أسرف بالصدود وانحاز عن جادة الصواب، ومن طلب العافية في الدين دون البدن، فقد ظلم نفسه وربما أضعف دينه بضعف عافية بدنه؛، والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، والسعيد هو من ذل لله وسأل العافية، فإنه لا ثوب للعافية على الإطلاق إذ لابد من بلاء ولا يزال العاقل يسأل الله العافية، ليتغلب على جمهور أحواله ومن عوفي فشكر أحب إلى كل ذي لب من أن يبتلى فيصبر.