أكّدت عدّة منظّمات حقوقية أن عملية الاستفتاء على الدستور في مصر شهدت تجاوزات عديدة تطعن في النتائج ومدى تعبيرها عن إرادة المصريين، في حين أكّد المجلس القومي لحقوق الإنسان أنه تلقّى أكثر من 300 شكوى بشأن العملية الانتخابية، لكنه وصف تلك التجاوزات بغير المؤثّرة في العملية الانتخابية. تنوّعت التجاوزات حسب المرصد العربي للحقوق والحريات، ما بين منع مراقبين وصحفيين من مراقبة العملية الانتخابية وتوجيه للتصويت بنعم للدستور، وكذلك الدعاية للتصويت ب (نعم) أمام اللجان، واستخدام المساجد والكنائس لحشد الناخبين للتصويت ب (نعم)، بالإضافة إلى ضرب واعتقال بعض الناخبين الذين صوتوا ب (لا) للدستور. وأضاف المرصد في تقرير رسمي، أن اللجان الفرعية شهدت انتهاكات وتجاوزات صريحة، تطعن في قانونية إجراءات العملية الانتخابية، حيث تم توثيق حالات تسويد أعداد كبيرة من البطاقات والصناديق داخل أقسام الشرطة ومديريات الأمن ونقلها إلى اللجان العامة للفرز قبيل ساعات من انتهاء عملية التصويت، وكذلك التصويت الجماعي لمواطنين وعمال وموظفين حكوميين داخل اللجان وخصوصا الوافدين والمغتربين. مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان، هيثم أبو خليل تساءل عن كيفية إدلاء الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، بصوته في الاستفتاء على دستور الانقلاب في حين أنه ما زال ضمن الهيئة القضائية، بصفته رئيسا للمحكمة الدستورية العليا، لا سيّما وأن ممارسة حق الانتخاب محظور على أعضاء الهيئات القضائية. وردّا على ذلك قال أبو خليل في مدونة له عبر موقع التواصل الاجتماعي (الفايس بوك) (إنه سؤال وجيه جدا يحتاج لإجابة فورا المفترض أن عدلي منصور لا يزال ضمن الهيئة القضائية، بصفته رئيس المحكمة الدستورية العليا والتي أقسم يمينها يوم 4 جويلية 2013، ويشغل منصب رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة، فكيف أدلى بصوته في الاستفتاء؟). بدوره، أكّد عضو اللجنة القانونية للتحالف الوطني لدعم الشرعية، عمرو علي الدين، أن الهدف من إجراء الاستفتاء على هذا (الدستور الباطل) هو إضفاء الشرعية على الانقلاب، لذلك لم يحتمل قادة الانقلاب الذين تربوا في مدرسة الرئيس الأسبق حسني مبارك أن يتركوا العملية تتم دون تزوير، على الرغم من مقاطعة جميع معارضي الانقلاب لها، وقال (إن أكبر تجاوز شهدته عملية الاستفتاء على الدستور، هو قتل 12 من معارضي الاستفتاء بدم بارد، واعتقال 400 شخص، في سابقة هي الأولى من نوعها في العالم في يوم ممارسة الحقوق السياسية)، واعتبر كثرة التجاوزات في عملية الاستفتاء وخاصة توجيه الناخبين أمام وداخل اللجان والتصويت الجماعي واعتقال كل من يقول لا للدستور، أكبر دليل على عودة الأوضاع في مصر لما هو أسوأ من أيّام مبارك بكثير. وأشاد علي الدين بما سمّاها (المقاطعة الشعبية الإيجابية لدستور الدم)، مرجعا سبب ضعف الإقبال على المشاركة في الاستفتاء إلى (وحشية الانقلابيين والتي لم تترك بيتا في مصر إلاّ وتضرّر من جرائمها، حيث قتلت أكثر من ستة آلاف واعتقلت نحو 21 ألفا ناهيك عن 25 ألف مصاب).