افتتحت نهاية الأسبوع في العاصمة البوسنية سراييفو مكتبة الغازي خسروبك الثقافية التاريخية التي أعادت قطر تمويلها وبناءها. ومكتبة خسروبك من أقدم المكتبات في دول البلقان إذ أنشئت عام 1537، وتتضمن مائة ألف مادة في العلوم الإسلامية والأدب والفلسفة والمنطق والتاريخ والطب والرياضيات والطب البيطري والفلك والعلوم الأخرى. وقال وزير الأوقاف القطري الدكتور غيث بن مبارك الكواري في كلمته بهذه المناسبة إن إعادة فتح المكتبة رسالة إلى كل العالم بضرورة حفظ التراث الإنساني لأجيال المستقبل). وأضاف أن هذا التراث (ملك لنا) وكذلك (ملك لمن سيعمرون هذه الأرض بعدنا من الأجيال القادمة)، مشيرا إلى أن إحياء هذه المكتبة (يعد تعزيزا للحوار والتفاهم ونشر السلام)، ووصفها بأنها (مصدر مشع للعلم وتعبر عن هوية أهل البلد وشعوب البلقان). وأكد الكواري أن دعم قطر للمكتبة (يعد دعما لمؤسسة بنت عقولا سليمة وأجيالا من العلماء طيلة قرون مديدة)، معتبرا أن هذه المكتبة (بكامل كنوزها تعد تراثا للإنسانية وجب تأمينه للأجيال). من جهته أرجع مدير المكتبة مصطفى يحيتش أثناء كلمته بحفل الافتتاح إعادة إحياء مكتبة الغازي خسروبك -حفيد السلطان العثماني با يزيد الثاني- إلى (تحالف الحضارات وخلق حوار بين الأديان والثقافات، وتسليط الضوء على حقيقة وسماحة الدين الإسلامي)، مضيفا أنها (بينت قيمة التراث والعلم). وأشار إلى الصعوبات والتحديات التي واجهتها المكتبة عبر السنين، ومن بينها نقلها بما فيها من مخطوطات وكتب قيمة ثماني مرات خلال الحرب على البوسنة بين عامي 1992 و1995 لحمايتها والحفاظ عليها. وأوضح يحيتش أن المكتبة تضم أكثر من 110 آلاف مخطوطة أثرية، أقدمها كتاب إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي، والتي تعود إلى سنة 500 للهجرة، بالإضافة إلى مخطوطات وكتب قيمة من جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي. ويغلب على المكتبة الكتب الدينية والتاريخية، ومعظمها باللغة العربية والبوسنية والتركية والفارسية. ويرى يحيتش أن هذه المكتبة تعتبر (تراثا إِسلاميا وثقافيا مشتركا يجب الحفاظ عليه وإيصاله إلى كل الأجيال، كما أنها تمثل جزءا من التراث الإسلامي البوسني). أما عضو مجلس رئاسة البوسنة والهرسك باكر عزت بيغوفيتش فيرى أن افتتاح المبنى الجديد لمكتبة الغازي خسروبك يشكل (رسالة كبيرة لمن يهدم المدن ويحرق الكتب والمكتبات بأن الشر والحقد لن يتغلب في النهاية). وأضاف أن افتتاح هذه المكتبة "رسالة قوية للذين يتهجمون على قيم التسامح والعيش المشترك في هذا المكان، حيث تتجاور مكتبة الغازي خسروبك مع جامع الغازي والكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية والمعبد اليهودي، مما يؤكد حياة التسامح التي كانت موجودة عبر القرون ولا تزال). كما نوه بالدعم الذي قدمته دولة قطر لتشييد المكتبة وإعادة إحيائها من جديد، وقال إن هذه "البادرة الكريمة من دولة قطر ودعمها السخي يؤكد من جديد عمق الروابط بين الدول والشعوب المتباعدة جغرافيا ولكنها متقاربة ثقافيا وحضاريا). وقال إن المكتبة ستكون مفتوحة أمام الجميع ممن يريدون أن يتعلموا تاريخ وواقع البوسنة والهرسك وتاريخ العالم والحروب التي شهدها، مؤكدا أن مبنى المكتبة العصري وما يضمه من أدوات حديثة سيمكن من الاحتفاظ بالتراث والتاريخ العميق للبوسنة والهرسك. من جانبه قال رئيس العلماء والمفتي العام في البوسنة والهرسك حسين كفازوفيتش إن مستودعات المكتبة (ستنتظر عطشى العلم من داخل وخارج البلد، للإجابة على أسئلتهم وسبر أغوار العلم والتاريخ). وذكر كفازوفيتش أن افتتاح المكتبة (يعد بمثابة عيد لشعب البوسنة والهرسك، فمع وجود هذا المبنى وجدنا مسكنا وملجأ آمنا للذاكرة التاريخية للبوسنة، وحققنا حلم أجيال جمعت هذه العلوم القيمة التي تضمها المكتبة).