رفعت رئاسة المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) الجلسة العامة التي انطلقت مساء أول أمس بعد أن سادها توتر عند تقديم مقترح تعديل للفصل السادس من الدستور الذي ينصّ على حريّة المعتقد ويمنع التكفير بعد أن فرضت احتجاجات مراجعته مجددا رغم المصادقة عليه منذ أيام. قالت وكالة الأنباء التونسية الرسمية إن جلسة ليل الثلاثاء إلى الأربعاء رفعت دون التمكن من تعديل الفصل السادس والمصادقة عليه بعد إعلان مجموعات نيابية أنها لم تمض على مقترح التعديل الصادر عن اجتماع رؤساء الكتل والمجموعات، معتبرة أن هذا التعديل ليس توافقيا رغم إمضاء رؤساء الكتل عليه. وذكر المصدر ذاته أن صيغة التعديل للفصل السادس تتمثل في إضافة فقرة ثانية تنص على أن (الدولة تلتزم بنشر قيم الاعتدال والتسامح وحماية المقدسات من كل الانتهاكات، ويحجر التكفير والتحريض على الكراهية والعنف). واعتبر نواب أنّ إضافة فقرة تنصّ على التزام الدولة بنشر قيم الاعتدال والتسامح وبمنع التكفير، ومنع كل أشكال الاعتداء على المقدسات، غير كافية لتحقيق التوازن بين حرّية الضمير وتجريم التكفير وبين حماية المقدسات الدينية. وطالب بعضهم بالتراجع عن منع التكفير، في حين عبّر نوّاب آخرون من كتل مختلفة عن تمسّكهم بهذا البند. وينص الفصل السادس في صيغته الأصلية على أن (الدولة راعية للدين، كافلة لحرّية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، وحامية للمقدسات وضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي، ويحجر التكفير والتحريض على العنف). غير أن هذه الصيغة التي صادق عليها النواب بالأغلبية لقيت رفضا، حيث تقدم عدد من النواب الإسلاميين بعريضة تطالب بإعادة النظر فيه عملا بأحكام النظام الداخلي للمجلس التأسيسي. كما أصدرت جمعيات إسلامية فتوى وقع عليها 33 من العلماء والشيوخ حرموا التصديق على الفصل السادس. ووفق وكالة الأنباء الألمانية فإن المعارضين لهذا الفصل يعتبرون أن حرّية الضمير ستفتح الباب للاستخفاف بالمقدسات بما يتنافى مع ثوابت الدين، ويمكن أن يشعل حربا أهلية وفق رأيهم. وقال الأستاذ بجامعة الزيتونة محمد المستيري (أحد المطالبين بتعديل الفصل السادس) إن (تجريم التكفير على الإطلاق سيدفع إلى التأويل بأن حرّية التعبير يمكن أن تطال انتهاك المقدسات)، مضيفا: (نحن ندعم حرّية التعبير ونؤمن بذلك كما نؤمن بأن الدولة مسلمة ويجب على الدولة أن تضمن احترام المقدسات والحرمات الدينية فيها). وكانت وتيرة المصادقة على مشروع الدستور قد تسارعت مؤخّرا، حيث تمّت المصادقة على جل أبواب المشروع عدا باب الأحكام الانتقالية. بيْد أن الخلافات التي ظهرت اليومين الماضيين تنذر بعدم التصويت على المشروع برمته قبل أيام.