أنهى المجلس الوطني التأسيسي في تونس المصادقة على فصول باب القضاء، وشرع في إقرار الفصول المرتبطة بباب الهيئات الدستورية ليقترب بذلك من استكمال الدستور الجديد للبلاد، بينما تظاهر إسلاميون مساء أول أمس الجمعة مطالبين بإلغاء فصل حول (حرية الضمير) و(تحجير التكفير). وصادقت الجلسة العامة للمجلس على الفصل 118 بموافقة 112 نائبا، وهو ينص على (أن تصدر المحكمة الدستورية قراراتها بالأغلبية ويكون صوت الرئيس مرجحا عند تساوي الأصوات، وتكون قراراتها معللة وملزمة لجميع السلطات). كما حظيت الفصول 119 و120 و121 بتأييد أغلبية النواب، وهي تتعلق على التوالي بالجهة التي تحال إليها مشاريع القوانين المخالفة للدستور، وصلاحية المحكمة الدستورية في النظر بالطعون التي تتم إثارتها، والقانون المنظم للمحكمة والضمانات التي يتمتع بها أعضاؤها. وتم قبول مقترح بإضافة فصل يلي الفصل 102 من باب السلطة القضائية يتعلق بالمحاماة، وأقر 158 نائبا نص هذا الفصل الذي يقضي بأن (المحاماة مهنة حرة مستقلة، ويتمتع المحامي بالضمانات القانونية التي تكفل حمايته وتمكنه من تأدية مهامه). وقد قرر قضاة تونس إنهاء إضراب عام بدؤوه الأربعاء الماضي بعدما رأوا أن باب السلطة القضائية في الدستور أصبح "يشكل إطارا عاما ملائما لبناء وتطوير سلطة قضائية مستقلة"، عقب إدخال تعديلات على فصوله، لاسيما الفصل 103 الذي أثار جدلا واسعا داخل المجلس التأسيسي وخارجه. ونص الفصل 103 في صيغته النهائية التي تم إقرارها على (أن تسمية القضاة تتم بأمر رئاسي بناء على رأي مطابق من المجلس الأعلى للقضاء، وتتم تسمية القضاة السامين بأمر رئاسي بالتشاور مع رئيس الحكومة بناء على ترشيحهم من المجلس الأعلى للقضاء). وبعد الانتهاء من باب السلطة القضائية شرع نواب المجلس التأسيسي منذ مساء أول أمس في إقرار الفصول المتصلة بباب الهيئات الدستورية، وخاصة هيئة مكافحة الفساد وهيئة حقوق الإنسان وهيئة الإعلام. وأعلنت النائبة عن حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات لبنى الجريبي أن رؤساء الكتل توصلوا خلال اجتماعهم مع رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر إلى توافق حول تعديلات أدخلت على الفصلين 122 و124 المتعلقين بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهيئة الإعلام قبل عرضهما على الجلسة العامة. وبعد الانتهاء من باب الهيئات الدستورية ينتقل المجلس التأسيسي للمصادقة على فصول تتصل بالجماعات المحلية وبالأحكام الانتقالية التي ستحدد صلاحيات المجلس حتى تنظيم الانتخابات القادمة المتوقعة هذا العام. في الأثناء، نظم متظاهرون إسلاميون محسوبون على التيار السلفي وقفة احتجاجية أمام مقر المجلس التأسيسي للمطالبة بإلغاء الفصل السادس من الدستور الجديد حول (حرية الضمير) و(تحجير التكفير). وتجمع العشرات من المحتجين المنتمين لجمعيات إسلامية ورابطات حماية الثورة رافعين شعارات تتهم المجلس التأسيسي بالعمالة للغرب، وسط حضور أمني مكثف. وكانت جمعيات إسلامية أصدرت فتوى وقع عليها 33 من (العلماء والشيوخ) حرموا المصادقة على الفصل السادس، ويدفع العلماء في فتواهم بأن حرية الضمير ستفتح الباب للاستخفاف بالمقدسات بما يتنافى مع ثوابت الدين، كما أن تحجير التكفير يجب أن يستثني القضاء والمراجع الشرعية التي يحق لها التكفير، بحسب رأيهم. وينص الفصل السادس في الدستور الجديد على أن (الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، وحامية للمقدسات وضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي، ويحجر التكفير والتحريض على العنف).