يواجه آلاف الجزائريين العاملين بنظام نوبات العمل الليلية، مخاطر عديدة، سواء من ناحية سلامتهم وغياب الأمن في بعض الأماكن باختلاف المواقع، أو من ناحية الإرهاق الشديد واستنزاف ساعات النوم الطبيعية في العمل، وفي هذا الصدد حذر باحثون بريطانيون من أن نوبات العمل خلال الليل تسبب اضطرابات جسدية بالغة وقد تسبب أضرارا صحية طويلة المدى، وأوضح الباحثون في هذه الدراسة أن نوبات العمل في فترة الليل ترتبط بمعدلات مرتفعة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني والأزمات القلبية والسرطان مقارنة بفترات العمل الطبيعية خلال النهار. س. بوحامد/ق. م بين الاختيار والإجبار يجد العديد من الأفراد أنفسهم في مواجهة صعوبات كبيرة على مستوى العمل، ولأن فرص العمل تقل في الكثير من الأحيان، فإنهم يرضون بالمغامرة والمجازفة بالعمل ولو في الفترة الليلية، فهذا النوع من العمل الذي يمارسه آلاف الجزائريين، والذي استعاد حيويته في الآونة الأخيرة بالمقارنة مع سنوات العشرية السوداء، بالنظر إلى غياب الأمن وفرض حظر التجوال في أوقات معينة.. وعلى الرغم من كل المخاطر التي لا زالت تحيط بمهنة العمال في الفترة الليلية على اختلاف مواقعهم، إلا أن الإقبال على هذا النوع من العمل تضاعف في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، بل أن الجنس اللطيف راح يزاحم الرجال في نوبات العمل خاصة في القطاع الصحي. وبالحديث عن الصحة، فإن هذه الأخيرة تكون محاطة بأخطار كبيرة لدى العاملين بهذا النظام، فلقد تمكن العلماء بمركز بحوث النوم بمقاطعة سري البريطانية من الكشف عن الخلل الصحي الذي يحدثه نظام العمل الليلي على أعمق مستوى داخل جزيئات الجسم، ويقول الباحثون إن معدل وسرعة الضرر الذي يسببه العمل خلال الليل كان مفاجئا. ويتميز الجسم البشري بإيقاع طبيعي خاص يعرف بالساعة البيولوجية للجسم وهو إيقاع مبرمج على النوم ليلا وعلى الحركة والنشاط نهارا. ووجد الباحثون أن نوبات العمل الليلية لها تأثيرات عميقة على جسم الإنسان فهي تقلب كل شيء بدءا من الهرمونات ودرجة حرارة الجسم إلى القدرات الرياضية والحالة المزاجية ووظائف الدماغ. وتابعت الدراسة التي نشرت في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم حالات 22 شخصا من الذين تحولوا من نظام العمل الطبيعي إلى نظام العمل الليلي. وأظهرت الاختبارات التي أجريت على هؤلاء الأشخاص أن ستة في المائة من الجينات التي فحصت خلال عملهم في فترات النهار كانت مضبوطة أو مبرمجة بدقة لتكون أكثر أو أقل نشاطا في أوقات محددة، وبمجرد تحول هؤلاء الأشخاص للعمل ليلا فقدت تلك البرمجة الدقيقة للجينات. وقالت سيمون أرتشر من فريق البحث بجامعة سري البريطانية إن أكثر من97 في المائة من الجينات المسؤولة عن ضبط إيقاعات النوم واليقظة تصاب بالخلل مع النوم غير المنتظم وهو ما يفسر سبب شعورنا بالإرهاق عند السفر واختلاف التوقيت أو إذا اضطررنا للعمل بنظام الفترات الليلية. ويقول البروفيسور ديرك جان ديجيك إن كل أنسجة الجسم لها إيقاع يومي خاص بها لكن مع نظام العمل الليلي تفقد ذلك الإيقاع مع اختلاف أوقات عمل القلب والكلى والدماغ. وأظهرت دراسات سابقة أن الذين يعملون في فترة الليل وينامون قليلا في أوقات النهار قد تزيد لديهم مخاطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني والسمنة. وتقول دراسات أخرى إن الإصابة بالأزمات القلبية أمر شائع بين الأشخاص الذين يعملون في فترات الليل. وفي نفس الإطار أفاد مجموعة من العلماء بأن الأشخاص الذين يعملون بنظام النوبات أكثر عرضة للإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. حيث قام فريق بحث دولي بدراسة والاطلاع على البيانات الخاصة ب34 دراسة سابقة، شملت أكثر من 2 مليون شخص، للوقوف على ما إذا كان هناك صلة بين العمل بنظام النوبات ومخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية أم لا. وتجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من أنظمة العمل الذي يشمل نوبات العمل الليلية وساعات العمل غير المنتظمة يرتبط بزيادة فرص الإصابة بارتفاع معدلات ضغط الدم، والكوليسترول والإصابة بالسكري. وتوصل العلماء إلى أن النوبات القلبية والسكتات الدماغية كانت أكثر شيوعاً بين الأشخاص الذين يعملون بنظام النوبات مقارنة بالأشخاص الآخرين الذين لا يعملون بالنظام نفسه. وبشكل عام، فإن العمل بنظام النوبات يرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية بنسبة 23 بالمائة، وزيادة احتمال حدوث مشاكل بالشريان التاجي بنسبة 24 بالمائة، وأخيراً ارتفاع فرص الإصابة بالسكتات الدماغية بنسبة 5 بالمائة. وارتبطت النوبات الليلية بصفة خاصة بزيادة مخاطر الإصابة بمشاكل الشريان التاجي. ووفقاً للنتائج التي نُشِرت في المجلة الطبية البريطانية، فإن برامج الفحوصات والاختبارات الطبية من الممكن أن تحدد الأشخاص الذين لديهم عوامل خطورة للإصابة بأمراض القلب مثل ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول. وبناء عليه، يتم إعطاء العامل العلاج المناسب لتقليل مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.