لم تمض إلاّ ساعات قليلة على البيان (الناري) الذي أصدرته وزارة التربية واتّهمت فيه نقابات القطاع بالتمادي في الإضراب الذي وصفته بغير الشرعي، مشيرة إلى أنها تكفّلت بكلّ المطالب المهنية للنقابات حتى سارعت هذه الأخيرة إلى الردّ بقوة من خلال تمديد عمر الإضراب الذي انضمّت إليه نقابة أخرى ممثّلة في (الكنابست)، وعادت وزارة التربية إلى لغة التصريحات مرّة أخرى أمس ردّا على إضراب النقابات، وهو الوضع الذي يمدّد معاناة ملايين التلاميذ الذين يواجهون ورطة حقيقية. قال نواري العربي المنسّق الوطني للمجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني الموسّع أمس إن تنظيمه النقابي لم يتلقّ أيّ اتّصال من الوصاية رغم مرور 9 أيّام عن إشعاره بالإضراب ورغم تأكيد هذه الأخيرة فتحها أبواب الحوار، وفي هذا الإطار، أكّد نواري كذلك على دخوله في إضراب مفتوح بدء من الغد. وفي هذا السياق، ذكر نواري أمس خلال الندوة التي نظّمها بمقرّ النقابة بحي الينابيع الجزائر العاصمة أنه أصبح لا يثق في محاضر الوصاية بعد إخلافها بوعود المحضر الأخير، فيما اتّهمت (الكناباست) أطرافا داخل الوصاية بدفعهم إلى الإضراب من أجل تأليب الوصاية والرّأي العام ضدهم بحجّة استغلالهم للرئاسيات. وقرّر المجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني الموسع (الكناباست) رفع التجميد عن إضراب أكتوبر الماضي بدء من يوم غد الثلاثاء ليوم واحد متجدّد آليا إلى غاية تلبية مطالبهم بطريقة عملية بعيدا عن توقيع المحاضر، مؤكّدا أنهم كنقابة رفعوا الثقة عن محاضر الوصاية نظرا لعدم التزامهم بمحضر 21 أكتوبر 2013. في هذا الصدد، أفاد المتحدّث بأن إيقاف الإضراب لن يكون إلاّ عن طريق بعث حلّ ميداني لمطالبهم، بخاصّة عقد جلسة عمل ثلاثية بين الاتحاد والوظيف العمومي ووزارة المالية وترسيم لجنة طب العمل وتسوية ملف الأساتذة المفصولين عن العمل. وفي سياق حديثه، اتّهم المنسّق الوطني أطرافا في الوزارة بتضخيم الإشكالات العالقة بينهم وبين الوصاية بعد فشلهم في إسقاط مطالب المجلس خلال المفاوضات، مفيدا بأن كلّ مطالب (الكناباست) قابلة للحلّ كونها لا تشترط إعادة النّظر في القانون الأساسي، في حين أن نفس الأطراف التي اتّهمها هي من تسعى إلى تصوير مطالبهم في صورة تعجيزية حفاظا على مناصبها بالوصاية. وتتمثّل مطالب (الكناباست) التي لازالت عالقة لدى الوصاية على حد تعبيرهم في إصدار قرار فوري يرسل إلى مديريات التربية يقضي بعدم تحويل المناصب المخصّصة للترقية (أستاذ رئيسي وأستاذ مكوّن) إلى مناصب للتوظيف وتحويل المناصب النوعية (أستاذ منسّق) إلى مناصب للترقية في الرتب المستحدثة، مع تحيين منحة تعويض المنطقة وفق الأجر الأساسي الجديد وبأثر رجعي ابتداء من 01 جانفي 2008. وأضاف المتحدّث أنه تمّ عقد جلسة عمل بحضور ممثّلي الوظيفة العمومية ووزارة المالية لمناقشة تطبيقات القانون الخاص لإيجاد حلّ للموصوفين بالآيلين للزوال والأساتذة خرّيجي المدارس العليا للأساتذة والأساتذة المنتدبين والأساتذة المهندسين. من جهته، أبدى الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين أسفه لما جاء في بيان وزارة التربية الوطنية من محاولات لتحميل الاتحاد مسؤولية الإضراب، موضّحا أن المؤشّرات الأوّلية أثبتت فيها عدم تمكّن الوزارة من تحقيق أبسط الالتزامات والمتعلّقة بالرخص الاستثنائية، وأكّد أن هذا الأمر هو الذي جعلهم يطالبون بوثيقة رسمية من الوظيفة العمومية كضمان لتجسيد بنود الاتّفاق التي تضمّنتها المحاضر السابقة. ودعا (الاينباف) جميع موظفي وعمال التربية إلى مواصلة الإضراب، حسب بيان تلقّت (أخبار اليوم) نسخة منه، وعدم الاستجابة للمغالطات وللإشاعات المغرضة التي تصدر من هنا وهناك وعدم الانقياد إلى أيّ استفزاز مهما كان مصدره واستقاء المعلومات عبر القنوات الرّسمية للاتحاد، حسب البيان. وأكّد البيان على مواصلة الإضراب، وذلك بتسجيل استمراريته للأسبوع الثاني ودخوله كذلك لكلّ أسلاك التربية. واعتبر البيان أن هذا الإضراب هو صرخة الفئة المظلومة في وجه هذا القانون الخاص لمستخدمي التربية الوطنية الجائر والحيف والإجحاف الذي طال أسلاكا كثيرة. من جانب آخر، اعتبر وزير التربية الوطنية عبد اللطيف بابا أحمد أمس الأحد بالجزائر العاصمة أنه (من السابق لأوانه) الحديث عن تحديد عتبة للدروس التي سيجري الامتحان فيها في نهاية السنة الدراسية بسبب الإضراب الذي تشنّه بعض النقابات التابعة للقطاع منذ أسبوع. وفي تصريح أدلى به للصحافة على هامش اختتام مجلس الأمّة لدورته الخريفية أوضح الوزير أن (يومين أو ثلاثة أيّام من الإضراب الذي شرع فيه الأحد المنصرم لا تستدعي تحديد العتبة)، معتبرا أنه (من غير المعقول ومن السابق لأوانه) الحديث عن ذلك في الوقت الرّاهن، غير أنه حرص بالمقابل على التأكيد على حقّ التلميذ في اجتياز الامتحانات في المواد والبرامج التي درسها فقط. وكان الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين قد شرع الأحد الفارط في إضراب (متجدّد آليا) للمطالبة ب (ضرورة تعميم المبدأ القاضي بإدماج أساتذة التعليم الثانوي في رتبتي أستاذ رئيسي وأستاذ مكوّن على أساتذة الأطوار التعليمية الأخرى بما فيها التعليم المتوسط والابتدائي (إرساء لمبدأ العدالة) بين أساتذة الأطوار التعليمية الثلاثة.