ما أن وصلت أنباء الوعد الذي قطعه رئيس الوزراء الإيطالي ايريكو ليتا خلال زيارته قطر حول افتتاح متحف إسلامي على ضفاف البندقية حتى استعر جدل واسع في أوساط سكان المدينة والأحزاب اليمينية. فلطالما كانت البندقية بمثابة صلة وصل بين الشرق والغرب، سواء في التجارة أو الحضارات. فهي كانت مركزًا تجاريًا مهمًا تشتري من العثمانيين وتبيع لأوروبا، إضافة إلى بهارات الشرق الأوسط التي اعتادت تصديرها إلى دول العالم أجمع. وهذا التقارب التاريخي لم يعد صالحًا في العصر الحديث بالنسبة للبندقية، وظهر ذلك بوضوح في موجة الغضب التي أثارها تعهد رئيس الوزراء الإيطالي بأن تبحث حكومته مسألة بناء متحف إسلامي على ضفاف القناة العظيمة في مدينة البندقية. وعلى الرغم من أن عمدة المدينة جورجيو أورسوني يعتبر أن إقامة مثل هذا المتحف (تعبير عن انفتاح المدينة والحوار بين الثقافات والأديان)، فإن مجرد الحديث عن هذه الخطة يحظى برفض قاطع وغاضب من قبل بعض الأحزاب وسكان المدينة، التي شهدت صراعًا بين العثمانيين والأوروبيين في القرن الرابع عشر. قال محافظ المنطقة لوكا زيا إنه من الصعب التصديق أن الحكومة ستضيع أموالها في متحف إسلامي، (فيما تواجه البندقية الكثير من المشاكل المتعلقة بتاريخها وثقافتها، كما تواجه مشكلة ارتفاع منسوب البحر داخل المدينة ما يهدد السياحة فيها). وأضاف: (هذه الخطة تأتي في ظل ارتفاع معدلات البطالة وإغلاق العديد من الشركات أبوابها بسبب الضرائب العالية في أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك تقول الحكومة إنها تفكر في صرف الأموال على بناء متحف عديم الفائدة). لورنزو فونتانا، الذي يمثل رابطة الشمال في البرلمان الأوروبي ببروكسل، يقول: (إذا حاولوا بناء المتحف سنخيم ليل نهار في الموقع ونعرقل عملهم، وإذا أبعدونا بالقوة سنعود مجددًا لنمنعهم، فالمنطقة تريد الاستقلال وليس المتاحف الإسلامية). لكن أورسوني ينظر إلى المسألة من زاوية مختلفة. يقول: (رابطة الشمال تعتقد خطًأ أن دافعي الضرائب سيدفعون تكاليف المتحف، لكن هذا غير صحيح لأن المتحف سيكون ممولًا بالكامل من قطر). وأضاف: (البندقية تحتاج دائمًا إلى السيّاح، لكن لا ينبغي التشدد في هذا الأمر، فالمدينة تحتاج إلى مزيد من المتاحف والمؤسسات التعليمية والهيئات البحثية من أجل وقف نزوح السكان منها وتنويع اعتمادها على السيّاح).