أكّد وزير المجاهدين محمد الشريف عباس أمس الأحد بالجزائر العاصمة أن تسوية ملف التجارب النووية التي قامت بها فرنساجنوبالجزائر إبّان حرب التحرير وما ترتّب عنها سيبقى (محلّ نقاش وحوار إلى غاية حصول الجزائر على حقوقها). أوضح الوزير في تصريح على هامش ترؤسه لاجتماع خصّص لعرض حصيلة نشاطات قطاعه لسنة 2013 أنه (سواء تعلّق الأمر بملف التجارب النووية أو بمسألة استرجاع أرشيف الثورة التحريرية من فرنسا أو بغيره من القضايا ذات الصلة فإن الحوار حولها سيظلّ قائما بين الطرفين إلى غاية حصول الجزائر على حقوقها). وقال السيّد الشريف عباس إن القضية (مسألة وقت وسنساير حتى استرجاع حقوقنا كما يريدها الجزائريون). وفي ردّه على سؤال حول إمكانية التعاون مع الدول المجاورة التي تضرّرت جرّاء التجارب النووية الفرنسية التي أجرتها فرنسا في صحراء الجزائر أشار وزير المجاهدين إلى أنه (يمكن التنسيق مع الدول المعنية). وكانت اليومية الفرنسية (لوباريزيان) قد قامت يوم الجمعة بالكشف عن خريطة للجيش الفرنسي حول التجارب النووية في الصحراء الجزائرية بيّنت فيها مدى امتداد أثار الإشعاعات. وتظهر الخريطة أن الأثار الإشعاعية للتجارب النووية لم تبق منحصرة في الصحراء الجزائرية، بل غطّت كافّة منطقة شمال إفريقيا وحتى إفريقيا الواقعة جنوب الصحراء. وتمّت الإشارة إلى أن 13 يوما بعد تفجير القنبلة الجوية الأولى المعروفة باسم (اليربوع الأزرق) بلغت الأثار الإشعاعية السواحل الإسبانية وغطّت نصف منطقة صقيلية (إيطاليا). وفي سياق آخر، أكّد وزير المجاهدين أن تبادل بعض المجاهدين التهم فيما بينهم ما هي إلاّ (حالات شاذّة لا يقاس عليها)، مشيرا إلى أن ذلك لا يعدو إلاّ أن يكون (تعاملا ذاتيا للبعض منهم قد يكون فيه شيء من الحقيقة وشيء من الشكّ). وأضاف السيّد الشريف عباس في ذات السياق أن أحسن شيء يمكن أن يقدّمه المجاهدون هو تدوين مذكّراتهم (في جو من الهدوء وبعيدا عن الاضطرابات العابرة) لتكون مادة أوّلية للمؤرّخين لاستخراج ما يرونه متناسقا مع السياق العام لتاريخ الثورة التي قال عنها إنها (لن تتضرّر أبدا من التهم التي يتقاذفها بعض المجاهدين). في سياق ذي صلة، دعا عدد من الحقوقيين أمس الأحد بالجزائر العاصمة البرلمان الفرنسي إلى إعادة النظر في قانون تعويض ضحايا التجارب النووية الفرنسية لإنصاف كلّ الضحايا دون تميّز، وكذا الأخذ بعين الاعتبار (تطهير) البيئة التي كانت كذلك من ضحايا الإشعاعات. وقال رئيس اللّجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية إن نشر الصحافة الفرنسية لجزء من أرشيف التجارب النووية الاستعمارية (يفرض على البرلمان الفرنسي مراجعة القانون السابق لتعويض ضحايا التجارب النووية الاستعمارية) لأن (هذه الوثائق أبرزت مخاطر الإشعاعات النووية التي ما تزال قائمة إلى اليوم). وأضاف السيّد قسنطيني أن القانون الذي أصدره البرلمان الفرنسي فيما يخص تعويض الضحايا (قانون ناقص ولم يأخذ بعين الاعتبار ضحايا هذه الجرائم من الجزائريين، خاصّة أولئك الذين تعرّضوا لإصابات في السنوات الأخيرة من سكان الجنوبالجزائري). وأشار نفس المتحدّث إلى أن (الخريطة التي كشفت عنها الصحافة الفرنسية فضحت مرّة أخرى الأساليب الوحشية للاستعمار الفرنسي بالجزائر)، وبالتالي حسب قوله (لم يبق لفرنسا أيّ مبرّر للتأخّر في التعويض) عن هذه الجرائم (بإنصاف وعدالة مع الأخذ بعين الاعتبار تطهير البيئة) التي كانت مسرحا لهذه التجارب النووية. وخلص السيّد قسنطيني إلى القول إنه من (حقّ الجزائر أن تقدّم طلب تعويض رسمي عن هذه التجارب النووية) لأن (تطهير المحيط كما أشار يتطلّب إمكانيات مالية وبشرية وتقنية باهظة). وبدوره، دعا الرئيس السابق للرّابطة الجزائرية لحقوق الإنسان بوجمعة غشير إلى ضرورة (التقدّم بطلب رسمي إلى السلطات الفرنسية للتعويض عن التجارب النووية الاستعمارية بالجنوبالجزائري)، مضيفا أنه (يجب أن تشمل التعويضات الأشخاص وكذا البيئة التي كانت محلّ هذه الجرائم الاستعمارية).