دعا عدد من الحقوقيين البرلمان الفرنسي إلى إعادة النظر في قانون تعويض ضحايا التجارب النووية الفرنسية في صحراء الجزائر، المعروف بقانون موران الصادر سنة ,2010 وذلك بهدف إنصاف كل الضحايا دون تميز وكذا الأخذ بعين الاعتبار تطهير البيئة التي كانت كذلك من ضحايا الإشعاعات. قال رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، إن نشر الصحافة الفرنسية لجزء من أرشيف التجارب النووية الاستعمارية يفرض على البرلمان الفرنسي مراجعة القانون السابق لتعويض ضحايا التجارب النووية الاستعمارية لأن هذه الوثائق أبرزت مخاطر الإشعاعات النووية التي لا تزال قائمة إلى اليوم. وأضاف أن القانون الذي أصدره البرلمان الفرنسي فيما يخص تعويض الضحايا، ناقص ولم يأخذ بعين الاعتبار ضحايا هذه الجرائم من الجزائريين، خاصة أولئك الذين تعرضوا لإصابات في السنوات الأخيرة من سكان الجنوب الجزائري. وأشار نفس المتحدث إلى أن الخريطة التي كشفت عنها الصحافة الفرنسية فضحت مرة أخرى الأساليب الوحشية للاستعمار الفرنسي بالجزائر وبالتالي لم يبق لفرنسا أي مبرر للتأخر في التعويض عن هذه الجرائم بإنصاف وعدالة مع الأخذ بعين الاعتبار تطهير البيئة التي كانت مسرحا لهذه التجارب النووية. وخلص قسنطيني إلى القول أنه من حق الجزائر أن تقدم طلب تعويض رسمي عن هذه التجارب النووية لأن تطهير المحيط يتطلب إمكانيات مالية وبشرية وتقنية باهظة.وبدوره دعا الرئيس السابق للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، بوجمعة غشير، إلى ضرورة التقدم بطلب رسمي للسلطات الفرنسية للتعويض عن التجارب النووية الاستعمارية بالجنوب الجزائري، مضيفا أنه يجب أن تشمل التعويضات الأشخاص وكذا البيئة التي كانت محل هذه الجرائم الاستعمارية. وقال نفس المتحدث، إن تقدم الجزائر بطلب رسمي للحصول على هذه التعويضات أمر مشروع لأن خطر الإشعاعات النووية لا يزال مستمرا وهو كذلك على المدى البعيد أيضا، لذلك يجب الإسراع في الحصول على تعويضات وتطهير المنطقة بالوسائل والتكنولوجيات الحديثة والاستفادة من تجارب البلدان التي عرفت عمليات تطهير المحيطات النووية. كما أوضح أن ملف التجارب النووية الاستعمارية يجب أن يحظى بأولوية اهتمامات الجزائر ويجب ألا يبقى الملف بين أيدي الحقوقيين وتنظيمات المجتمع المدني فقط. وأكد غشير أن القانون الذي صادق عليه البرلمان الفرنسي والخاص بتعويض ضحايا هذه التجارب غير منصف للطرف الجزائري سواء كانوا أشخاصا أو ما تعلق منه بالبيئة، مشددا على أن فرنسا تملك أرشيفا يقر بوجود عدد معتبر من الجزائريين استعملوا كعينة أبحاث في هذه التجارب النووية وطالب في نفس السياق المشرع الفرنسي بتعديل هذا القانون بما ينصف الجزائريين سواء الأشخاص الذين تعرضوا لمخاطر هذه الإشعاعات خلال هذه التجارب أو أولئك الذين لازالوا يتعرضون لها اليوم وكذا الأخذ بعين الاعتبار تطهير البيئة. من جهته أكد الحقوقي حسين زهوان أن فتح النقاش حول ملف التجارب النووية الاستعمارية بالجزائر وتوفير معطيات جديدة مؤشر ايجابي لمعالجة هذه الجريمة الاستعمارية من كل جوانبها، واقترح الأستاذ زهوان تكوين لجان مختصة لإجراء دراسة شاملة وكاملة حول هذه الجرائم الاستعمارية ومن ثمة رصد التعويضات اللازمة لمعالجة أثار هذه الجريمة«. يذكر أن الجريدة الفرنسية »لوباريزيان« كشفت الجمعة الماضي عن خريطة للجيش الفرنسي حول التجارب النووية في الصحراء الجزائرية كانت مصنفة ضمن ملفات سر الأمن لعدة عقود والتي أزيلت هذه الصفة عنها في إطار تحقيق جنائي حركه قدماء محاربي حملات التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية. وتكشف هذه الخريطة عن مناطق إشعاع شاسعة ظلت سرية خلال عقود بشكل حصري. وصرح وزير المجاهدين محمد شريف عباس أول أمس بولاية ميلة أن النقاش حول ملف ضحايا التجارب النووية الفرنسية في الجزائر ما زال مفتوحا ولم يغلق بعد والقضية أصبحت تتجاوز تعويض الأشخاص إلى البحث عن ميكانيزمات لتطهير البيئة في المناطق التي تعرف تلوثا بالإشعاع النووي.