أثارت التصريحات التي أطلقها الزعيم الليبي معمر القذافي في القمة العربية الافريقية التي استضافتها مدينة سرت يوم الاحد الماضي وحذر فيها من انفصال جنوب السودان عن شماله، غضب زعماء "الحركة الشعبية لتحرير السودان" والتي تمثلها حكومة الجنوب برئاسة سلفا كير، والتي ردت على تصريحات القذافي وذكرته بانه هو أول من دعا الى الانفصال، واكدت أن استقلال جنوب السودان أصبح حتميا في ظل تأييد غالبية الجنوبيين للانفصال عن الشمال. واعتبر نائب رئيس حكومة الجنوب، الدكتور رياك مشار، ان تصريحات القذافي تراجع عن مواقفه، وأكد في تصريحات لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، أن القذافي كان أول من دعم استقلال الجنوب في عام 1975 إبان فترة الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري. وقال مشار: "إن الزعيم الليبي أول من دعم الحركة الشعبية في أواخر عام 1983، وأضاف: أنا شخصيا كلفت من قبل قيادة الحركة والتقيت الزعيم القذافي في طرابلس أواخر عام 1983 وقدم لنا مشكورا دعما كبيرا.. وبذلك يعتبر أول الداعمين لتحرير السودانيين من التهميش، وشارك مشاركة فعالة في ذلك". واضاف: إن "القذافي سبق في عام 1975 أن أيد انفصال الجنوب، وذلك خلال احتفال جرى بمدينة واو في الجنوب"، وتابع: "ما زال الناس هنا في الجنوب يذكرون ذلك الخطاب الذي ألقاه القذافي". وتابع: "انفصال الجنوب أو وحدته شأن سوداني، ولو تعامل السودانيون مع قضية الاستفتاء بصورة جيدة ومن دون تخوفات للمواطنين في السودان وفي دول الجوار يمكن أن تتم معالجة القضايا العالقة كافة". وشدد مشار على أنه لا عودة إلى الحرب مرة أخرى، وقال: "أدعو كل من يفكر في عودة الحرب أن يفكر مليا في ما هي الفائدة من ذلك وقد جربناها وتوصلنا إلى اتفاق سلام"، وأضاف: "من يفكر في الحرب هو العاجز عن معالجة القضايا التي تواجهه وتحتاج إلى التروي"، وعبر عن تفاؤله بأن الاستفتاء سيتم إجراؤه في موعده وسيكون سلميا. وكشف مشار عن أن الحركة الشعبية لم تعلن رأيها النهائي في قضيتي الوحدة والانفصال، وقال: "سنعلن عن موقفنا بعد أن يجتمع مجلس التحرير الثوري في الرابع عشر من الشهر الحالي"، غير أنه قال إن استطلاعات جرت في الجنوب أظهرت أن غالبية شعبه ينحازون إلى الانفصال. وأضاف: "الأفضل أن نتعامل مع نتيجة الانفصال ليصبح السلام في كل السودان بدلا من تعقيد الأوضاع في البلاد والإقليم بالحديث المكرر عن الحرب"، وقال: "أنا مطمئن بأن الاستفتاء سيتم إجراؤه، وفي موعده". وكان القذافي أكد في كلمته أمام القمة العربية الأفريقية أن من حق جنوب السودان تقرير مصيره، لكنه حذر من العواقب الوخيمة لانفصال الجنوب، واعتبر أن هذا العمل في حال حدوثه "سيجعل من جنوب السودان بؤرة لتشجيع الانفصال في أفريقيا ورسم خريطة جديدة" في القارة السمراء. ورأى الزعيم الليبي أن أفريقيا هي "عبارة عن فسيفساء من الأعراق والديانات وفي حال مطالبتها جميعا بالاستقلال فسيرتدي الموضوع خطورة كبيرة". وكان نائب رئيس السودان ورئيس إقليمهالجنوبي سلفا كير، قد فجر في شهر جويلية من لعام الماضي، مفاجأة من العيار الثقيل عندما كشف عن حصوله على وعد من الزعيم الليبي معمر القذافي بتأييد إقليمهالجنوبي إذا صوت من أجل الاستقلال عن شمال السوادن. واتهمت ليبيا بتسليح الجيش الشعبي لتحرير السودان في الجنوب في أوائل الثمانينات لمحاولة تقويض حكم الرئيس السوداني الراحل جعفر النميري وقتها وبحشد الأسلحة والنفوذ في إقليم دارفور السوداني في إطار مشروعه لتعزيز التضامن العربي عبر الصحراء الإفريقية.