تحوّل النقل الخاص إلى مأساة يومية يتجرعها المواطنون في تنقلاتهم بسبب الصور المشوهة التي باتت تطبع قطاع النقل الخاص، فمن المركبات المهترئة التي تخاطر بحياة المسافرين إلى التصرفات الغريبة التي يطلقها الناقلون والتعامل مع المسافرين وكأنهم بضاعة يملأون بها مركباتهم مما حول صور الاكتظاظ والتدافع إلى ميزة تطبع تلك الحافلات، ودون هذا وذاك بات الناقلون الخواص يشكلون خطرا على حياة المسافرين الذين يمسكون قلوبهم طيلة المشوار بسبب السرعة الفائقة التي ينطلقون بها مما أدى إلى كوارث مرورية راح ضحيتها العشرات من المسافرين. نسيمة خباجة القناعة تحولت إلى عملة نادرة لدى السائقين الخواص الهادفين إلى الربح ولو على حساب سلامة المسافرين، فبقدر ما ساهمت تلك الوسائل الخاصة في التخفيف من أزمة النقل بقدر ما شاركت في المخاطرة بالمسافرين بسبب السرعة الجنونية المستعملة مما أدى في الكثير من المرات إلى كوارث حقيقية خلّفت جرحى وحتى موتى، في لحظة تناسى فيها الناقلون المسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقهم في حفظ سلامة الركاب ووصولهم آمنين إلى مشاويرهم لكن حدث العكس بسبب العشوائية والفوضى التي باتت تميز قطاع النقل ، لاسيما وأنه بات واحدا من العوامل التي تؤدي إلى حوادث مرور خطيرة أودت بحياة الكثيرين. ولم تردع بعض المجازر المرورية المرتكبة من طرف أصحاب الحافلات الخاصة غيرهم بل واصلوا المخاطرة بالمسافرين وانطلاقهم في سباق ماراطوني من أجل الظفر بعدد هائل من المسافرين وملء مراكبهم في لمح البصر دون أدنى اهتمام بالخطر الذي يهدد أرواح المسافرين. مأساة نقل يومية ... من يوقفها؟ النقل الخاص تعلق به المواطنون من دون أن يشعروا بالنظر إلى ضرورته في التنقل عبر العديد من النواحي لقضاء بعض المشاغل والتوجه إلى العمل أو الدراسة، لكن الصورة التي يظهر بها جعلت ممن يرتبطون به ارتباطا وثيقا يندبون حظهم كونه تحوّل إلى كابوس يومي يعيشه المسافرون بكل تفاصيله المأساوية، ولعل أن أخطر مشكل يتمحور حول ارتكاب تلك الحافلات لحوادث مرورية يذهب ضحيتها المسافرون، وهو ما نسمع عنه هنا وهناك وحتى حدوث مجازر مرورية أدت إلى موت العشرات خصوصا في خطوط النقل المشغولة عبر الولايات والتي يجبر فيها السائقون على القيادة ليلا مما أدى إلى حوادث رهيبة، ولم تكن الخطوط المشغولة عبر العاصمة أو غيرها من المدن في منأى عن تلك المآسي أو حوادث المرور المرتكبة في حق المسافرين بسبب القيادة الجنونية ومخالفة القواعد المرورية وكل ذلك لغاية سلك المشاوير في لمح البصر والعودة ثانية للظفر بمسافرين ومضاعفة الربح مما أحدث شبه تنافس بين الناقلين الخواص تطور إلى تشاحن وصراع متكرر أوصل في الكثير من المرات إلى عراكات محتدمة بسبب جمع المسافرين الذين تحولوا في أذهان بعض الناقلين إلى بضاعة يملأون بها مركباتهم وينطلقون بها بسرعة البرق. اقتربنا من بعض المسافرين عبر المحطات فبينوا عدم رضاهم عن وسيلة ارتبطوا بها ارتباطا وثيقا بسبب ظروف العمل والتنقل وأجمعوا على عدم احترام بعض الناقلين لمشاعر المسافرين ولحق الأمر إلى حد استعمال الخشونة في التعامل معهم إن حدث وأن طالبوا بحقهم في التخفيف من السرعة الفائقة وعدم التعامل معهم وكأنهم بضائع أو بهائم. إحدى السيدات قالت إنها لا تستعمل تلك المركبات إلا للضرورة القصوى بسبب الظروف الخطيرة المحيطة بتلك المركبات والتي يطبعها سوء التسيير، إلى جانب المغامرة بالمسافرين في كل لحظة بعد أن كانت الغاية الأولى للناقلين هي الربح على حساب المغامرة بسلامة المسافرين. حوادث مرورية يومية تخلف ضحايا باتت تشكل تلك الحافلات مصدر خطر على المسافرين بسبب الحوادث المرورية المرتكبة والتي باتت تخلف ضحايا عبر كامل ولايات الوطن تكون بانحراف تلك الحافلات عن مسارها الطبيعي وتقلبها بسبب السرعة الفائقة، والتي تعد من بين الأسباب التي أدت إلى مجازر رهيبة لم نعد نسجلها عبر المشاوير الطويلة بين الولايات فحسب، بل حتى داخل المدن والسبب الأول والأخير يعود إلى تهور بعض الناقلين الخواص ورسم هدف الربح في أذهانهم وجعله كأول الأهداف مما أدى إلى إفراز تلك النتائج السلبية الخطيرة. فكم من حادث تسببت فيه المركبات الخاصة أو أوشكت في عديد المرات على ارتكاب تلك الحوادث لولا لطف الله وستره، والسبب وما فيه أن تلك المراكب أضحى يحكمها قانون الغاب والضحايا هم المسافرون. وهو ما سمعناه على أفواه المواطنين في أغلب المحطات، منهم سيدة قالت إنها مؤخرا عاشت فزعا لن تنساه بعد أن ارتطم صاحب الحافلة الخاصة التي كانت تقل عددا كبيرا من المسافرين بشاحنة مما أدى إلى سقوطهم ولحسن حظهم صاحب الشاحنة تدارك الموقف وانفلت من قبضة صاحب المركبة التي كانت تقلهم لكنها ومع ذلك ارتطمت بسيارة من نوع ماروتي وأصابتها بأعطاب متفاوتة، والسبب هو السرعة الفائقة التي كان يقود بها السائق الحافلة إلى حد عدم التحكم في القيادة في الظروف المفاجئة، ودفعوا هم الثمن بنزولهم في الطريق السريع واستبدال الحافلة وتركوا السائق مع عناصر الدرك الوطني لاستكمال الإجراءات القانونية عن الحادث المرتكب، وذكرنا العينة على سبيل المثال لا الحصر بحيث أن تلك الحوادث هي روتينية ومنها ما أدت بالمسافرين إلى أبواب المستشفيات بل وإلى الموت بفعل المجازر الخطيرة التي يتسبب فيها الناقلون الخواص. المركبات المهترئة... إهانة وخطر تحوّلت حظائر النقل بالعاصمة إلى شبه مجمعات للمركبات المهترئة، والناظر إلى محطات النقل يظهر له ذلك ويلمسه من الحالة المهترئة لبعض الحافلات التي تعود إلى سنوات السبعينيات وتعد كواحدة من الأسباب المؤدية إلى الحوادث المميتة، بل حتى أن أغلب المسافرين يرون أن استعمالها يجسد الإهانة التي تلحقهم كونها ليست مسخّرة للاستعمال البشري بسبب قدمها وحالة مقاعدها التي تكون في غالبها مكسرة وممزقة الأغلفة، بحيث يظهرون على متنها في مناظر يندى لها الجبين، وأحصت المصالح المختصة أن 20 ألف مركبة تهدد المسافرين في تنقلاتهم بسبب قدمها الظاهر للعيان وحتى دون حاجة إلى رقابتها التقنية. كما أدت الشكاوى المرفوعة من طرف المسافرين إلى تسليط 370 عقوبة صدرت ضد أصحاب حافلات النقل الحضري خلال 2013 حسب ما أكدته مؤخرا مصادر رسمية من مديرية النقل لولاية الجزائر بناء على شكاوى تقدم بها المسافرون تتعلق معظمها بمخالفات أثرت على سلامة الركاب، إذ تم مناقشة 584 محضر متعلق بالمخالفات الصادرة عن أصحاب حافلات النقل، كما أن اللجنة المكلفة هي بصدد تطبيق عقوبات صارمة في حال ارتكاب أصحاب وسائل النقل الجماعي لمخالفات قد تصل إلى وضع المركبة محل المخالفة في المحشر لمدة 30 يوما.