يبدو أن أزمة مياه الشرب بالطارف هي معظلة أبدية حسب ما يرى فيها سكان المنطقة الذين ضاقوا ذرعا من الوعود التسويفية للمسؤولين حتى سلسلة الحركات الاحتجاجية التي تشنها مختلف المناطق بين الحين والآخر سيما خلال المواسم الصيفية التي يشرب فيها السكان بالتقطير على شاكلة السياسة الفلاحية الري بالتقطير. تمتلك ولاية الطارف ثروة مائية جد هامة سواء أكانت من المياه الجوفية أو السطحية على غرار السدود تقدر في مجملها بأكثر من مليار متر مكعب حسب التقارير الرسمية سيما وان الطارف تعتبر من أهم ولايات الوطن التي تشهد نسبة كبيرة في كميات تساقط الأمطار خلال المواسم الماطرة، فكل هذا المخزون الهام من المياه لم يغط احتياجات قرابة نصف مليون من تعداد سكان الولاية بهذه المادة حيث تتزود مختلف بلديات الولاية لمدة ساعتين في ظرف 48 ساعة في أحسن الأحوال في حين أن هناك مناطق أخرى تتزود مرة في الأسبوع ومرة واحدة في الأسبوعين وهو ما دفع بسكان هذه المناطق خاصة النائية بالاستنجاد بمياه الآبار غير المراقبة صحيا ويجلبون المياه من مسافات بعيدة بوسائل بدائية في عصر التكنولوجيا واحدث التجهيزات وهي قصة طويلة ذات فصول من مشاهد معاناة سكان يركضون وراء قطرة ماء بدل لقمة العيش . حلم أكثر من 200 ألف نسمة بقطرة ماء عذب يحلم مواطنو منطقتي البسباس والذرعان غرب ولاية الطارف التي يناهز عدد سكانها 200 ألف نسمة بقطرة ماء عذبة منذ أمد طويل حيث يتزود سكان هذه المناطق يمياه مالحة المذاق بسبب فشل مختلف مشاريع ربط هذه المناطق انطلاقا من سدود ولاية الطارف التي يتواجد بها ثلاثة سدود وهي الشافية، ماكسنة وبوقوس فيما تعكف السلطات الولائية على بعث مشاريع تزويد الذرعان والبسباس بمياه صالحة للشرب غير أن هذه المشاريع لازالت حبرا على ورق، ولأجل إطفاء عطش سكان هذه المناطق اضطر المواطنون بشراء المياه الصالحة للشرب انطلاقا من الصهاريج المتنقلة لبيع المياه بثمن يقدر ب 50 دينارا للبرميل بسعة 20 لترا وقد خصص مواطنو هذه المناطق ميزانية شهرية تقتطع من ميزانية عيشهم لشراء المياه، وفي ظل هذه الظروف الصعبة التي ألفها سكان المنطقة الذين فقدوا الثقة في المسؤولين المحليين بالولاية أصبح مشروع تزويد المنطقة بمياه صالحة للشرب حلما بعيد المنال. ثلث سكان بوقلاز ينتفضون انتفض مؤخرا سكان بلدية بريحان احتجاجا منهم على رداءة مياه الشرب التي يتزودون بها حيث تحمل هذه المياه أتربة مما تحول لونها إلى البني بالإضافة إلى الروائح الكريهة التي تنبعث منها حتى باتت هذه المياه لا تصلح حسب سكان المنطقة حتى للغسيل بعدما كانوا يشربون في وقت سابق من مياه بوقلاز وهو الأمر الذي دفع بسكان المنطقة إلى قطع الطريق الوطني رقم 84 أ الرابط بين مدينة القالة وولاية عنابة من الجهة الشمالية لولاية الطارف لمدة يومين حتى استدعى الأمر تدخل قوات مكافحة الشغب للدرك الوطني لفتح الطريق غير أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل تحول المحتجون إلى غلق مقر مبنى البلدية وطالب برحيل رئيس المجلس الشعبي البلدي واعضائه كما دخل تجار المنطقة على الخط تضامنا مع هذه الحركة الاحتجاجية وشنوا هم كذلك اضراب عن العمل حول هذا الوضع المزري الذي يعيشونه بسبب حرمانهم من مياه بوقلاز التي تم استثمارها في مجال اخر حسبهم ليهدأ الوضع نسبيا بهذه المنطقة بعد لقاء جمع رئيس المجلس الشعبي الولائي ومديري القطاعات المعنية مع ممثلين من سكان بريحان لدراسة الوضع و إيجاد الحلول المناسبة. من جهتهم سكان بلدية بحيرة الطيور التي لا تبعد سوى ب 9 كلم عن بلدية بريحان عانت من نفس الوضع الذي اضر بالسكان كثيرا حيث أشارت بعض المصادر السكانية أن هناك حالات مرضية جراء تزودهم بهذه المياه الرديئة حيث أقدم سكان احد الأحياء بالمنطقة قبيل شهر رمضان إلى غلق الطريق الوطني رقم 44 وفي سيناريو مماثل قام به سكان قرية فزارة التابعة لإقليم نفس البلدية فيما أرسل سكان بلدية بحيرة الطيور مركز عرضة شكوى ممضية من طرف العشرات من المواطنين تحصلت «آخر ساعة» على نسخة منها موجهة إلى المسؤول الأول التنفيذي بالولاية يطالبون فيها التدخل العاجل لمعالجة مشكل مياه الشرب التي تحولت منذ فترة طويلة من مياه بوقلاز العذبة الى مياه لا تصلح حتى للغسيل، أما سكان بلدية بوثلجة الذين كانوا سباقون في الشكوى والاحتجاج بعد حرمانهم هم كذلك من مياه بوقلاز التي تتواجد ينابيعها بإقليم بلدية بوثلجة حيث طالب سكانها بالإضافة إلى ممثليهم في المجلس الشعبي الولائي بضرورة إعادة توزيع مياه بوقلاز على المنطقة بلوحين بتصعيد احتجاجهم في حالة ما يكون عكس رغبتهم وهو المطلب الذي رضخت له السلطات المحلية لتبقى فصول أزمة مياه الشرب متواصلة بمنطقتي بريحان وبحيرة الطيور التي تمت معالجتها بصفة ظرفية فقط. ثورة صهاريج مياه الشرب تغزو العديد من المناطق كانت في وقت سابق عملية بيع مياه الشرب انطلاقا من الصهاريج المتنقلة للمياه مقتصرة على مناطق الجهة الغربية للولاية لتعم هذه الظاهرة باقي المناطق الأخرى التي يعاني سكانها من رداءة مياه الشرب حيث عرفت عملية بيع مياه الشرب رواجا كبيرا وهو ما استغله الشباب الذي استفاد من العربات والشاحنات في إطار دعم وتشغيل الشباب من وكالة «الأونساج» حيث قام هؤلاء الشباب بتجهيز شاحناتهم بصهاريج يتزودون فيها بمياه بوقلاز ونطلقون لمختلف المناطق لبيع المياه بسعر 50 دينار كما ذكرنا للبرميل بسعة 20 لترا وهي الظاهرة التي أعاب فيها المتتبعون الشأن المحلي للولاية السلطات الولائية التي لم تفلح في احتواء هذه الأزمة بالرغم من دق ناقوس الخطر خلال دورة استثنائية للمجلس الشعبي الولائي قبيل حلول الموسم الصيفي لدراسة ملف أزمة مياه الشرب حيث شهدت الدورة مدا وجزرا وقبضة حديدية بين أعضاء المجلس والقطاعات المعنية بهذا الملف الذي يبقى الشغل الشاغل لسكان ولاية الطارف في ظل سياسة الترقيع وتسكين الآلام المنتهجة من طرف المسؤولين المحليين بالولاية.