شهدت ولاية عنابة على مدار السنوات الأخيرة الكثير من الاحتجاجات التي كانت جلها تتعلق بالمطالبة بالسكن العمومي الإيجاري الذي أصبح الشغل الشاغل لسكان الولاية وحتى أولئك الذين يقطنون خارجها، بعد أن أصبحت «بونة» دجاجة تبيض سكنا لكل من هب ودب... حيث يكفي شراء بيت فوضوي بقرابة 10 ملايين سنتيم واستعمال «المعريفة» من أجل الحصول على بطاقة إقامة التي تعتبر التأشيرة الأولى نحو الحصول على سكن بالولاية التي شهدت على مدار العشريات الماضية توزيع الآلاف من السكنات ورغم ذلك لم تنته معاناة سكانها مع هذا المشكل، فبعد أن كان طلب السكن الاجتماعي في الماضي محصورا على سكان الأحياء الشعبية ظهرت مع مطلع الألفية الجديدة ظاهرة البنايات الفوضوية التي تكاثرت مع مرور السنوات كالفطريات، خصوصا بعد أن أعلنت السلطات العليا في البلاد أن أولويتها هي القضاء على البيوت الفوضوية، إلا أن هذه الأخيرة لم تزل من الوجود وخصوصا في ولاية عنابة رغم البرامج السكنية المعتبرة التي خصصت لقاطنيها، وذلك ربما يرجع إلى السياسة العرجاء التي اتبعها وما يزال يتبعها المسؤولون المحليون في الولاية، ففي كل مرة يتم فيها توزيع السكنات يتم تهديم بضعة بيوت فوضوية فقط «على عينين الناس» فيما تبنى العشرات منها بعدها بأيام كما يتم بيع تلك التي استفاد أصحابها من سكن اجتماعي، دون أن تحرك الجهات الوصية ساكنا، وهو ما دفع العديد من سكان الولاية إلى توجيه أصابع الاتهام إلى هؤلاء المسؤولين بتعمد عدم التعامل بحزم مع هذه الظاهرة كونهم جزءا من هذه «المافيا» التي تضع يدها على قطاع السكن بعنابة، فهذا الوضع جعل ولاية عنابة وخصوصا عاصمتها تعيش في حلقة مفرغة يؤكد الواقع أنها لن تنتهي حتى لو تم توزيع مليون سكن في «بونة»، فلو كلفت السلطات المحلية نفسها عناء التنقل إلى المناطق التي ينتشر فيها البناء الفوضوي لوقفت على عمليات التشييد التي تتم في الفترة الليلية ب «الفخارين»، «بوحديد» وغيرها من المناطق الأخرى. سكان الأحياء الشعبية ضحية البناء الفوضوي وربما ما قام به سكان المدينة القديمة «بلاص دارم» أول أمس الأحد بشل حركة المرور بجوار «ساحة الثورة» يعد قمة ما يمكن أن تعيشه عنابة لكون هذا المكان يمثل قلبها النابض، ولعل ما أخرج السكان للاحتجاج بحرق العجلات المطاطية وغلق الطرق هو «اللاعدل» في عملية توزيع السكن، فالكثير من سكان «بلاص دارم» أودعوا ملفاتهم من أجل الحصول على سكن اجتماعي منذ مطلع الثمانينات ومع ذلك لم يستفيدوا إلى غاية الآن، رغم البرامج السكنية التي خصصت لها على مدار السنوات الماضية، ففي كل مرة يتم تشميع السكنات التي استفاد أصاحبها يتم اقتحامها مرة أخرى، كما تعاني المدينة القديمة من مشكل «الغرباء» الذي يشترون سكنات فيها بهدف الحصول على سكن، دون أن تقوم الجهات الوصية باستعمال عصا القانون من أجل وضع حد لهذه الظاهرة، التي نجدها في جل الأحياء الشعبية على غرار «جبانة ليهود»، «لاسيتي أوزاس»، «برمة الغاز»، «لوري روز» وغيرها من الأحياء الشعبية التي مات الكثير من شيوخها وهم يحلمون بالمبيت ولو لليلة واحدة في سكن لائق، لدى فإن الجهاز التنفيذي للولاية الذي ما زال بلا والي منذ قرابة ستة أشهر يتوجب عليه التصدي لظاهرة المتاجرة بالسكنات الفوضوية، والالتفات أكثر إلى سكان البنايات الهشة بالإضافة إلى منح السكن لمن يستحقه وليس لمن يتركه شاغرا أو يبيعه ويعود لبيته الفوضوي على أمل الاستفادة من جديد. وليد هري