فتح الدكتور مراد بومعزة صاحب كتاب « إيدوغ» قلبه ل «آخر ساعة» وتطرق إلى كامل تفاصيل كتابه الذي يعتبر كنزا حقيقيا وعملا مميزا وثمرة 4 سنوات كاملة من الأبحاث والدراسات. حيث يضم هذا العمل صورا ووثائق قديمة وتفاصيل تاريخية نادرة حول تاريخ منطقة جبل الإيدوغ وبالضبط منطقة «ويشاوة» وتأثيرها على مر السنين في عنابة، وفضل الكاتب مراد بومعزة أن يتعرف الجيل الحالي على عراقة وأصالة المنطقة من الناحية التاريخية، كما عرف بجمالية المنطقة. الكتاب يكشف عادات وتقاليد الأجداد في منطقة الإيدوغ كشف الدكتور بومعزة مراد فيما يخص فكرة كتابة هذا الكتاب قائلا:«أردنا أن نترك هذا الكتاب للأجيال القادمة، أردنا أن نترك لهم معلومات التي سنحت لنا الفرصة لكي نتحصل عليها حيث حاولنا التعريف بعادات وتقاليد أجدادنا في منطقتنا، جبال الإيدوغ، وجبال ويشاوة، أردنا أن نقدم للأجيال القادمة معيشة أجدادنا وأصولنا وتقاليدنا ،فقد بدأنا بحكاية أجدادنا و»الزرد« والزردة« هي فرصة للعائلة لتجتمع حيث يعملون في هذه المناسبة على ذبح ديك أو كباش أو بقرة والعائلة كلها تلتقي في هذه المناسبات كما كانوا يقيمون حفلات ختان للأطفال الصغار أو حفلات الخطوبة وهذه المناسبات العائلية كانت تقام بالقرب من أماكن الأولياء الصالحين، وتوجد العديد من المناطق على غرار «بابا عبد» و«سيدي بن منصور» هذا الأخير هو من الأولياء الصالحين الذي كان يتكفل بالفقراء والمعوزين والمتشردين وكان يدرسهم في دين الإسلام ويتكفل بتوفير أكلهم وإقامتهم وملابسهم ،ويقوم بالأعمال الخيرية لنشر الدين وتفسير الآيات القرآنية والنهي عن المنكرات والفساد ولهذا تمت تسميتهم «الأولياء الصالحين» لأنهم كانوا يؤدون دورا تربويا وحتى سياسي حيث يمكن تشبيههم بالمسؤولين المحليين في الوقت الحالي وفي نفس الوقت يقومون بدور اجتماعي ويعتبرون بمثابة القاضي، فمثلا عند وقوع سوء تفاهم بين قبيلتين فالوالي يصلح بينهما ويقرأ لهم آيات قرآنية ويفسر لهم ما هو المنكر ومن هو الظالم ويهديهم للخير ويعود الجميع إلى بيوتهم راضون تجتمع القبيلتان ويقيمون حفلة عشاء. وبقيت تلك العادات والتقاليد تقام كل عام أين تجتمع العائلات لتقيم «الزردة» وتحضر آلات موسيقية ك «سيدي براهم» كانوا يقيمون سهرات ب «المالوف» والاحتفال في جبل الإيدوغ ب «الطبلة والزرنة» في أجواء مميزة لأن كل من العائلتين تصالحتا وبعدها تعود المياه إلى مجاريها بينهم ويتصاهرون ويقيمون حفلات وعشاء. هذه التقاليد إختفت في الزمن الحالي حيث أصبح الناس يعيشون إلا ب «الفايسبوك» والأنترنات وكل أفراد العائلة تجدهم في غرف مغلقة ولا يعرفون هذا الجانب من تقاليد وعادات أجدادنا وبهذا الكتاب أردنا تذكيرهم بها وبوقت «النية» و«الخير». منطقة ويشاوة صمدت في وجه المستعمر على مر الزمن ومن جهة أخرى قدم الدكتور مراد بومعزة في كتابه لمحة تاريخية عن منطقة «ويشاوة» وجبال الإيدوغ ووقوف أبناء المنطقة في وجه المستعمر على مر الزمن فجبل الإيدوغ أنجب نساء ورجال حاربوا المستعمرين في كل الأوقات، منذ فترة الرومانيين والوندال والبيزنطيين إلى غاية الاستعمار الفرنسي حيث كان أهل المدينة يتحصنون ويلجؤون إلى سكان جبل الإيدوغ ومن جبل الإيدوغ كانوا يخططون وينظمون الهجمات ضد المستعمر، ولها بعد تاريخي كبير ومنهم الشيخ زغدود من مواليد «أم الرخا« المسماة ببرحال الآن من قرية الكاليتوسة وهو شيخ درس في جامعة قسنطينة فتعلم الدين وبعد ذلك عاد إلى منطقة لجبل «صنهاجة « وعندما رأى المنكر حارب مع عرشه الاستعمار الفرنسي الذي كان مستعمر المنطقة من قسنطينة إلى عنابة سنة 1832 وهي الفترة الذي وصل فيه المستعمر إلى عنابة ، وهناك «السي محمد بن حربي« الجبايلي« ومقبرة «سيدي حرب» مسماة على اسمه وهو مدفون تحت شجرة الزيتون حيث توجد في الكتاب صورة قبره، وتم ذكر الكثير من الشهداء والأبطال الذين حاربوا الاستعمار في بعض فصول الكتاب. «إيدوغ الفاجل كل شجرة براجل» وتطرق مراد بومعزة لمقولة « إيدوغ الفاجل كل شجرة براجل»والتي قالها الأجداد ومعناها أن كل شجرة لديها تاريخها فهناك شجرة فرنان فيها آثار طلقات الرصاص ومازالت شاهدة على ما فعله المستعمر في الجزائريين وهناك أشجار غرست في حقبة الفينيقيين والرومانيين كشجر الزيتون التي تبقى حتى لألف سنة، والمستعمر الفرنسي أراد استعمار جبل الإيدوغ من أجل غنائه وفوائده حيث توجد أشجار الزيتون والفرنان الذي كان يرسل في السفن إلى أوروبا. وكما يوجد الحديد في منطقة مقطع الحديد ببرحال حيث استنزفوا كامل ثرواته، وأيضا النحاس، السيراميك كما بحثوا كذلك حتى عن الذهب. الأعشاب الطبية، الفواكه والخيرات كثيرة ويوجد في منطقة الإيدوغ خيرات وثروات لا تعد ولا تحصى من مختلف أنواع الفواكه والأعشاب الطبية التي كان يستعملها الأجداد من أجل التداوي ونباتات عديدة على غرار «الريحان» و»اللنجل» ومختلف أنواع الأزهار كزهرة السوسن والياسمين، ومازالت متوفرة إلى حد الآن حيث يوجد بعض السكان الذين يفضلون أكل واستعمال كل ما هو طبيعي. الرومان أنجزوا قناة مياه تربط بين سرايدي وعنابة وكان يوجد بها أكثر من 160 منبعا مائيا تطرق الكاتب في عمله لما أنجزه الرومان في عنابة وفي منطقة سرايدي حيث أنجزوا قناة مياه تربط بين جبال الإيدوغ ووسط المدينة حيث كانت تتوفر المنطقة على أكثر من 160 منبعا مائيا وكانت غنية بالمياه وتمر مجاري المياه ب بوزيزي مرورا ببن عثمان وصولا إلى الفخارين، كما يوجد أيضا مهبط للمياه يصل الى حي «ليسنطون» حاليا بالقرب من دار الثقافة محمد بوضياف حيث كانت تصل المياه من سرايدي إلى هذه المنطقة وتوجه بعدها الى المدينة القديمة، وتصل المياه من الإيدوغ إلى غاية كنيسة القديس أوغستين حيث تتوجه من المنابع مباشرة إلى الصهاريج الخاصة في متحف هيبون، وكانت مدينة بكاملها تشرب من مياه الإيدوغ، وجفت غالبية هذه المنابع وتوجد أخرى بنوا فوقها أو تم ردمها. الجبال، الثلوج، البحار وجمال الإيدوغ يصفهم مراد بومعزة بطريقة مميزة وفضل الكاتب مراد بومعزة أن يوصل رسالته إلى الجيل الحالي وينصحه بضرورة المحافظة على «كنز» جبال الإيدوغ حيث طالب بضرورة المحافظة على المنطقة وتفادي تلويثها من طرف المواطنين من خلال الرمي العشوائي للأوساخ، ووضع صورا في كتابه خاصة بالنفايات التي ترمى بطريقة عشوائية وأكد أن الجبال، الثلوج والبحار المتوفرين في عنابة وفي هذه المنطقة لا يوجد مثلهم في أي دول أخرى لذلك يجب الاعتناء بهم. التجول في الإيدوغ راحة نفسية لا مثيل لها وكشف مراد بومعزة ل «آخر ساعة» وكونه طبيبا فإنه ينصح بالتجول في سرايدي وفي منطقة الإيدوغ لأن هدوء وجمال المكان والهواء النقي والأزهار والأشجار يمنحون للإنسان راحة نفسية لا مثيل لها، وأكد أنه يتوجه إلى سرايدي ذهابا وإيابا سيرا على الأقدام وهو نفس ما كان يقوم به المؤرخ العنابي الكبير حسان دردور، واعتبرها بمثابة رياضة خاصة أنها مفيدة للصدر والأقدام والدورة الدموية، وأثنى الكاتب على المبادرات التي تقوم بها الجمعيات التي تحاول التعريف بالمنطقة من الناحية السياحية ويوجد آخرون يحرصون على المحافظة على الجانب البيئي في سرايدي وشجع مثل هذه المبادرات. الذين يأكلون «البيتزا» في الإيدوغ من الأفضل أن يرموا الأوساخ في بيوتهم وفي حديثه عن السلوكات المشينة التي أصبحت ضحيتها الطبيعة أكد الدكتور مراد بومعزة أنه يشعر بالحزن عندما يتوجه إلى جبال الإيدوغ ويجد على حافة الطريق قارورات البلاستيك و»الكارتون» الخاص ب «البيتزا» أو الحلويات وقال أنه من الأفضل أن يقوم الأشخاص الذين يتنزهون في سرايدي بوضع الفضلات في سياراتهم وبعدها يرمونها في بيوتهم أحسن من تلويث الطبيعة لأن هذه المنطقة بيت جميع العنابيين وثروة حقيقية يجب الحفاظ عليها، فالجبل يتعرض للحرق في كل مرة من طرف الأشخاص الذين يرعون بالمواشي لكي ينبت الحشيش مجددا في السنة الموالية إضافة إلى بعض المتهورين الذين يرمون سيجارتهم حيث يحرقون في ثواني شجرة عمرها أكثر من 100 سنة. طرح 2000 نسخة للبيع ونحو إنجاز طبعة ثانية من الكتاب أما عن الراغبين في شراء كتاب : Edough: Mystique et Fabuleux Pays de Ouichaoua فهو متوفر في مكتبة «الكور» حيث طرح الكاتب حوالي 2000 نسخة للبيع وهو بصدد تحضير الطبعة الثانية من الكتاب والتي ستتضمن صورا تعذر عليه إضافتها في الطبعة الأولى بسبب كثرتها حيث سيضيف معلومات أخرى قيمة وتاريخية وحصرية عن جبال الإيدوغ، كما توجد طبعة باللغة العربية بصدد الإنجاز وستكون جاهزة في الأشهر القادمة لكي يتسنى للقراء التعرف على كامل التفاصيل على منطقة الإيدوغ وتاريخها وعاداتها وتقاليدها.