حي 1000 مسكن بسيدي سالم يضم 2700 مسكن فوضوي مجمع كبير للفوضى والأوبئة والآفات الاجتماعية حي 1000 مسكن بسيدي سالم تسمية أطلقت عليه إبان السنوات الأخيرة من الاستعمار الفرنسي حين إنشائه، لكنه اليوم وبعد مرور 53 سنة من الاستقلال صار يضم 2700 مسكن حسب آخر الإحصائيات التي قامت بها بلدية البوني مؤخرا هذا التجمع الفوضوي لهذه السكنات أصبح جزء لا يتجزأ من ديكور سيدي سالم، بعد أن كان محتشدا عسكريا للاستعمار الفرنسي منذ أزيد من 50 سنة مضت. غير أن أزمة السكن الخانقة التي تعرفها بلدية البوني أمام الطلب المتزايد على السكن، وأمام عجز المسؤولين عن مكافحة هذه الظاهرة شجع ذلك على نشوء البناءات الفوضوية وتفاقمها وتضاعفها يوما بعد يوم ، بل أن البعض منهم أصبحوا يتاجرون ببيع بعض الغرف الضيقة التي قد يصل سعرها إلى 20 مليون سنتيم. الشيء الذي خلق فوضى عارمة وسط الحي، كما أدى إلى تلاصق البيوت ببعضها البعض لدرجة الالتحام شبه التام، حتى باتت عملية إخراج الموتى عملية شاقة وشبه مستحيلة، فعرض بعض الأزقة لا يتعدى النصف متر، لدرجة منعت معها دخول الشمس أو الهواء ما أثر سلبا على صحتهم وصحة أبنائهم خاصة الأطفال. والملاحظة أيضا أنهم يستعملون الكهرباء بطريقة عشوائية جدا، فهم يمررون الأسلاك الكهربائية فوق بيوتهم على شكل خيوط للعنكبوت. ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى أعطاب متكررة نتيجة فوضى الأسلاك من جهة، وتعديها طاقة استيعابها من جهة أخرى، هذا الحي بات يفتقر لكثير من ضروريات الحياة، ومقاييس العيش والإيواء حيث تتعرض قنوات صرف المياه القذرة لكثير من الانسدادات، ما يجعل هذه المياه تجري في الأزقة الضيقة، ختصة في فصل الشتاء، حتى أنها تختلط في بعض الأحيان مع المياه الصالحة للشربّ، وعند نزول الأمطار الغزيرة تغمر المياه منازلهم وتفسد أغراضهم، حتى أن الكثير منهم يفضل البقاء في المنزل على الذهاب إلى العمل خوفا من حدوث شيء ما. أما الأطفال الصغار فقد أعدمت هذه الظروف الاجتماعية القاسية طفولتهم، وانتزعت منهم براءتهم وجعلتهم عرضة للأمراض الجسدية والعقد النفسية ما أثر تأثيرا واضحا على سلوكاتهم وطريقة تعاملهم مع الآخرين. بل قد خلقت هذه الظروف سلوكات مشينة جدا وسط شباب هذا الحي من تعاطي للمخدرات وشرب للخمر، وأشياء كثيرة لا يتسع المجال لذكرها كلها، حتى أن معدل الجريمة ارتفع كثيرا عما كان عليه في السابق خاصة بالنسبة لجرائم الاعتداءات الجسدية من ضرب وجروح، فالسيف صار لديهم أصدق إنباء من الكتب في حده بين الجد واللعب. ما جعلهم يخرجون مرات عديدة إلى الطريق الوطني الرابط بين الطارف وعنابة، والقيام بغلقه عن طريق حرق العجلات المطاطية، ووضع الأحجار، الشيء الذي اضطر السلطات الولائية إلى الحضور إلى هذا الحي. حيث قدم والي الولاية لمعاينة قساوة الوضع، والوقوف على حجم الكارثة بنفسه ووعدهم بأن ينهي مشكلتهم هاته في أقرب الآجال، وذلك عن طريق منحهم حصة 1500 مسكن، والموزعة على ثلاث مناطق، منها حصة 186 مسكنا توجد بسيدي سالم، والباقي يتوزع على كل من بوزعرورة والبوني. ومن يومها وهؤلاء المواطنين في انتظار هاته الوعود على أحر من الجمر، فقضاء ليلة واحدة بهذه السكنات ليس بالشيء الهين خاصة وأن بعض الشيوخ والعجائز لم يروا نور الاستقلال لحد الساعة على حد تعبير بعضهم، حيث ولدوا في ظل الاستعمار وترعرعوا وكبروا في هذه البيوت وتزوجوا فيها وأنجبوا أولادهم بها، وأمنيتهم الوحيدة هي العيش في سكن لائق ومحترم يحفظ لهم صحتهم وكرامتهم. م. ياسين