عاشت ولاية تبسة ليلة سوداء لا تنسى بعد كارثة يوم الأربعاء الفارط، والتي تركت آثارا وخيمة على المواطن التبسي وممتلكاته وهذا على إثر تهاطل أمطار رعدية غزيرة مصحوبة بحبات برد مع هبوب رياح قوية كانت كفيلة بإغراق وعزل عدد من الأحياء بعاصمة الولاية. الحمزة سفيان كما أودت السيول الجارفة بحياة الطفل أدم محمودي الذي لا يتعدى سنه الخامسة من العمر إضافة إلى العديد من المصابين برضوض وجروح، وذلك بعد أن طافت مياه الوديان وجرفت كل من يصادفها في طريقها من أحجار وخردوات والأرصفة والممهلات وحتى المركبات لم تصمد أمام قوتها حيث تسببت في تحطم العشرات منها كما غمرت السيول بيوت المواطنين وكذلك مؤسسات وهيئات عمومية وخاصة، مما لاشك فيه أن الضمير المهني والحس الاجتماعي لا يوقض عند إطارات ومسؤولي الولاية إلا عند وقوع الكارثة فالوقاية من حدوث مثل هذه الكوارث لا ترد في قاموسهم بقدر ما هم مهتمين بالوعود الزائفة لحل الأزمات ومسايرة الوضع التنموي بالولاية بالشكل الصحيح. من يتحمل مسؤولية وفاة الطفل أدم ؟ بعد ساعة من الكارثة انتشر خبر وفاة الطفل أدم بسرعة البرق تاركا حسرة وحزنا كبيرين في القلوب خاصة بعد تداول ما حصل له بالمواقع الاجتماعية وسرد قصة مؤلمة عن مفارقته أمه حينما كانت بجوار مغازة للمواد الغذائية بشارع هواري بومدين لشراء بعض الأغراض للبيت، قبل أن يضيع فجأة من يدها وتصعق بجرف السيول له أمام أنظار أعينها حيث أصيب فلذة كبدها بجروح عجلت بوفاته على الرغم من الإسراع به إلى المؤسسة العمومية الإستعجالية عاليا صالح فبوفاة هذه الروح البريئة لم تهضم عائلة محمودي نهايته المأسوية في حادثة كارثية ذكرت أسبابا كثيرة عنها أبرزها تجاهل السلطات المحلية احتمالية فيضان وادي الميزاب ووادي الناقص وإحداث كارثة لا يحمد عقباه مع العلم أن شارع هواري بومدين ومبانيه أنجزت فوق هذا المجرى المائي القديم الذي تعود فترة انجازه إلى سبعينات القرن الماضي ويصل امتداد القناة إلى القناطر السود بطريق عنابة على مسافة حوالي 10 كلم حيث أن الموقع تم ردمه في سنة 1982 وتشييد عليه مباني ومؤسسات وما إلى ذلك من العمران ولم يولى أي اهتمام للخطر المحدق في حالة فيضانه. 18 مصابا جراء الفيضانات في حصيلة مسجلة بإستعجالات تبسة استقبلت المؤسسة العمومية الاستعجالية منذ عشية الأربعاء، 18 شخصا كانوا قد أصيبوا بجروح وكدمات وصدمات نفسية حيث تلقوا خلالها الإسعافات اللازمة قبل السماح لهم بمغادرة قسم الاستعجالات نظرا لعدم خطورة الإصابات التي تعرضوا لها في أماكن مختلفة على إثر الاضطراب الجوي الذي ضرب الولاية تبسة. أكثر من 80 مركبة جرفتها السيول وأصحابها يطالبون بالتعويض تضررت بفعل السيول الجارفة أكثر 80 مركبة من مختلف الأصناف في حصيلة مرشحة للارتفاع بعضها مسّته أضرار بليغة أي تحطمها بالكامل ودعا أصحابها بالتعويض لهم عن خسائرهم من خلال وقفات احتجاجية بمواقعهم، هذا وغمرت المياه العديد من السكنات والعشرات من المحلاّت التّجارية التي مسّ التلف أجزاء من محتوياتها وتضرّرت 200 بالوعة، وأصاب الضرر أرصفة واهتراء طريق على مسافة 2 كلم على مستوى» شارع هواري بومدين» وسجّلت أضرار على مستوى القنوات الأرضية الباطنية «لحي الجرف وحي الميزاب « ومسّ الضّرر البنية التحتية لشبكات التّطهير وشبكات المياه الصالحة للشرب «بحي ذراع الإمام « وانجراف التربة «بحي الزاوية» وتعري شبكات المياه والصرف الصحي إضافة إلى أنابيب الغاز التي تشكل قنابل موقوتة وهبوط أرضية بشارع «الأمير عبد القادر» . كما تمّ تسجيل حوالي 5 كلم بحواف الطرق بمختلف الأحياء التي تتطلب إعادة التهيئة في أقرب الآجال. مواطنون بأحياء المدينة يتجّندون لتقديم يد العون إلى أخر ساعات الليل هرع المواطنون منذ الدقائق الأولى لحدوث الكارثة لمساعدة المتضررين من السيول الجارفة وتقديم العون لأصحاب السيارات والمحلات التجارية المغمورة بالمياه وفتح الطرق والمسالك بأدوات ووسائل بسيطة وكذلك أصحاب المنازل والعائلات التي حاصرتها السيول كما أبدوا تضامنهم مع المنكوبين، كما كان لهم دورا كبيرا في تقديم يد العون للحماية المدنية وأفراد الشرطة الذين لمسوا فيهم الحس المدني فبالمحور الدوراني بشارع هواري بومدين تجمع العشرات من المواطنين بمختلف الأعمار للمساعدة في إفراغ النافورة التي غمرتها المياه بعد شكوك حول تواجد مفقودين غارقين بداخلها وتواصل تواجدهم إلى ساعات متأخرة من الليل . هل مصالح الأرصاد الجوية سبب في حدوث الكارثة؟ لقد حدث في تبسة ما حدث من كارثة تسببت في أضرار مادية وجسدية جسيمة وبالعودة إلى الأسباب نجد الكثير من الأسئلة التي طرحت على مصالح الأرصاد الجوية المتحفظة لغاية الآن والتي لم يصدر منها أي تصريح رسمي إذا ما كانت قد أصدرت نشرية لتبليغ المواطنين بصفة عامة والجهات الرسمية بصفة خاصة، بحدوث أمطار طوفانية وهو من شأنه عدم إلحاق الأذى البشري على أقل تقدير، باعتبار مصالح الأرصاد الجوية كجهة يمكن للجهات الأخرى الاعتماد عليها والتنسيق معها من خلال تقاريرها من حيث التأهب وإمكانية التواجد الميداني الآني للتقليل من الأضرار وتوجيه المواطنين من تجنب مواقع الوديان والمجاري المائية، وفي انتظار أي تصريح أو بيان رسمي على المنصة الإعلامية أو الموقع الرسمي لمصلحة الأرصاد الجوية فهي للآن قاب قوسين سبب غير مباشر في حدوث الكارثة وتأزم الوضع. مواطنون يغلقون طريق عنابة احتجاجا على عدم إزالة الأوحال أقدم منتصف نهار أمس الجمعة العشرات من سكان حي طريق عنابة على غلق الطريق المزودج بالقرب من الممر السفلي وذلك باستعمال الحجارة والمتاريس وقد ادى ذلك لشل حركة المرور عبر هذا الطريق الحيوي الذي يربط عدة أحياء بوسط مدينة تبسة من الجهة الشمالية حيث إضطرت المركبات بتغيير مسارها عبر طريق المطار وبقى الوضع على حاله لأكثر من ساعتين وتاتي هذه الخطوة لأجل لفت إنتباه السلطات للتحرك لإزالة مخلفات الفيضانات خاصة الأوحال تكدست بكل أرجاء الحي وشكلت عوائق مرورية. وأخرون يضرمون النار بالطريق للمطالبة بالتعويض جراء الخسائر التي طالت محلاتهم وما زاد الطين بلة هو الخراب الذي طال العشرات من المحلات التجارية بطريق عنابة خاصة التي يتاجر اصحابها بسلع حساسة كالأجهزة الإلكترونية والمواد الغذائية، وهو الأمر الذي دفع بأصحابها بالخروج إلى الشارع للإحتجاج بإضرام النار في العجلات المطاطية ومطالبة السلطات المحلية بتعويضهم للخسائر التي تسببت فيها سياسة البروكولاج ونتيجته طوفان الشارع في لحظات وتسرّب السيول إلى المحلات على جانبي الطريق مما خلف ذلك أضرار معتبرة في السلع والعتاد. أولياء التلاميذ يمنعون أبنائهم من الإلتحاق بمدراسهم في اليوم الثاني إضطر الأولياء إلى منع ابنائهم خاصة الذين يدرسون بالطور الإبتدائي، من الإلتحاق بمقاعد الدراسة وهذا ما عرفته العديد من المؤسسات التربوية بمدينة تبسة يوم الخميس الفارط، وجاءت ردة الفعل هذه حيطة وتوخي الحذر وخوفا على سلامتهم في حالة ما تكررّت الكارثة في اليوم الثاني. إعلان حالة طوارئ بعدة أحياء وإحصاء مخلّفات الفيضانات أوردت خلية الإعلام بمديرية الحماية المدنية لولاية تبسة بيانا يفيد بأن الاضطراب الجوي المصحوب بتهاطل أمطار غزيرة مصحوبة بحبات برد الذي مس بلدية تبسة مساء الأربعاء الماضي حوالي الساعة (16سا:30د) تدخلت على إثره مصالح الحماية المدنية لولاية تبسة مع استنفار جميع وحدات الحماية المدنية والمراكز المتقدمة ووحدات القطاع وفرق الرتل المتحرك لولاية تبسة في عدة أحياء متفرقة حيث بدأت عملية التدخل مسجلة عدة أضرار مادية وبشرية حيث تم انتشال جثة الطفل الذي جرفته السيول وجاء في البيان أن محاولات إنقاذه لم تشفع لبقائه على قيد الحياة وذكر بأنه تم إنقاذ العديد من العائلات التي حاصرتهم سيول الأمطار والأوحال داخل المنازل والسيارات والمحلات التجارية والمؤسسات، مع تسجيل حوالي 22 سيارة من مختلف الأنواع ودراجة نارية كإحصاء أولي كما تم امتصاص مياه من 59 منزلا كإحصاء أولي كذلك حيث بلغ منسوب المياه حوالي متر بعدة أحياء، وتمت العمليات المتفرقة بكل من أحياء هواري بومدين ولارمونط وذراع الامام وطريق قسنطينة والجرف والزواية والمرجة ولاروكاد. تبسة تستنجد بفرق التدخل للحماية المدنية بولايات مجاورة نظرا لحجم الكارثة تدعمت الولاية بفرق الدعم للحماية المدنية من ولايات مجاورة وهي قسنطينة، خنشلة، أم البواقي، سوق أهراس والعمل بالتنسيق مع الديوان الوطني للتطهير لولايتي خنشلةوسوق أهراس كما تواصلت عمليات فرق التدخل للحماية المدنية فتم تسجيل عدة تدخلات متفرقة منذ صبيحة يوم الخميس حيث تم امتصاص مياه من حوالي 20 منزلا وقبوين ومستودع بأحياء المرجة،حي الأمل،شارع هواري بومدين،حي الملعب،الأقواس الرومانية،حي الهواء الطلق،ذراع الامام،واد الناقص، كما تم امتصاص مياه من طرق وطرق رئيسية أهمها طريق عنابة وممره السفلي كما تم وضع نقاط مراقبة بعدة أحياء وطرق رئيسية. إنقاذ 03 أشخاص علقوا بمجرى مائي ببلدية الماء الأبيض تدخلت مساء الخميس الماضي على الساعة (14سا:25د) وهو اليوم الموالي من حدوث الكارثة الوحدة الثانوية للحماية المدنية سليمان جلول ببلدية الماء الأبيض لإنقاذ ثلاثة أشخاص تتراوح أعمارهم 29 و57 سنة، بينما كانوا عالقين داخل سيارة سياحية من نوع بيجو 505 بمجرى واد المحروقة بمنطقة برزڨال حيث تم إخراجهم في صحة جيدة كما تم إخراج السيارة وتم في نفس اليوم على الساعة (18سا:15د) إخراج سيارة سياحية من نوع داسيا لوقان من طرف فرق التدخل حيث كانت عالقة بواد المحروقة برزڨال علما أن بلدية الماء الأبيض عرفت أيضا تساقطا معتبرا للأمطار فرفع ذلك منسوب المياه. الغش في المشاريع وضعف البنية التحتية داء لا دواء له في تبسة هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى حدوث الكارثة لكن يحتل الغش في انجاز مشاريع البناء والتعمير والتهيئة والصرف الصحي نال نصيب الأسد باعتباره السبب الرئيسي، ولم يكن هذا وليد الأمس بل هو نتيجة لتراكمات للفساد والغش الذي حدت في السنوات الأخيرة شيء مباح من خلال ما يتبين للرأي العام إنجاز مشاريع فاضحة عنوانها سوء التخطيط والدراسة والفوضوية وغياب المتابعة التقنية للمشاريع والمصداقية في المراقبة الدورية والميدانية من المصالح المعنية ممثلة في البلدية ومديرية الأشغال العمومية والموارد المائية والبناء والتعمير، كل ذلك يعنى به أن تبسة تتخبط لسنوات من معضلة الغش والتلاعب بالصفقات العمومية وكذلك لا يخفى أن من بين الأسباب الرئيسية هو ردم الوديان وتحويلها إلى مناطق عمرانية. انعقاد اجتماع طارئ بعد نزول ممثلين عن وزارة الري والموارد والأشغال العمومية انعقد مساء الخميس الماضي بقاعة الاجتماعات بمقر ولاية تبسة اجتماعا طارئا بحضور المفتش العام لوزارة الري والموارد المائية « سليمان زناقي» ووالي ولاية تبسة «عطالله مولاتي» لمناقشة الوضع العام لأحياء مدينة تبسة بعد الأمطار الطوفانية التي خلّفت أضرارا معتبرة في المركبات والبنية التحتيّة لأحياء «الميزاب، شارع هواري بومدين، ذراع الإمام ، طريق قسنطينة والطريق الاستراتيجي» . بعد نزول كميّة معتبرة من الأمطار المصحوبة بالبرد قدّرتها المصالح المعنيّة ب 50 متر مكعب في وقت قدره 45 دقيقة أدّت إلى فيضان»واد الناقص» وخروجه عن مساره الحديث ورجوعه إلى مجراه الطبيعي. ممّا كوّن سيولا عارمة جرفت معها الرّواسب والنفايات الصلبة وجذوع الأشجار تسببت في أضرار جسيمة لحقت بالبنية التحتية بعدد من أحياء مدينة تبسة. وقال بشأن ذلك والي الولاية أنّ الوضع تحت السّيطرة ومتكفّل به تماما وأضاف انّه يجري العمل وعلى أعلى مستوى لتقدير الوضع واتخاذ الإجراءات المناسبة لتفادي تكرار ما حدث. تخصيص حصة مالية معتبرة لحماية مدن تبسة من الفيضانات وإصلاح الشبكات أفاد المفتّش العام لوزارة الموارد المائية « سليمان زناقي» خلال الاجتماع أن وزارته وجّهت مبالغ مالية لحماية المدن من الفيضانات قدرها 100 مليار دج واستفادت تبسة من حصة معتبرة، وأكد أن وزارته تسعى أيضا إلى تحسين الخدمة العمومية عن طريق تأهيل شبكات التّطهير والحرص على تدعيم المشاريع المجسّدة وصيانتها بالتنسيق مع السلطات المحلية بالولاية وكشف في إطار البرنامج الوطني لحماية المدن من الفيضانات عن اقتناء مئة «100» محطّة للتنبؤ بالكوارث الطبيعية وتقدير الأخطار النّاجمة عن الفيضانات، وبدوره أكّد المدير العام للهياكل بوزارة الأشغال العمومية والنّقل « بوعلام شطيبي « أنه سيتّم رصد «25 مليار دج» من ميزانية « 2019 « لتحسين شبكة الطّرقات الرئيسية بالمدن عبر التراب الوطني ستخصّص منها نسبة معتبرة الى ولاية تبسة لإعادة تأهيل شبكات الطّرقات بها .وأثناء معاينة ممثّل وزارة الأشغال العمومية للوضع بمدينة تبسة صرّح أنه تمّ حصر خمس نقاط سوداء عقب الأمطار الرّعدية الأخيرة وهي « الممّر السفلي بطريق عنابة، نهج هواري بومدين، الطريق الإستراتيجي، حي لاروكاد ونهج الأمير عبد القادر»، وسيتّخذ المناسب من الإجراءات بالتّنسيق والتّشاور مع السّلطات المحلية بالولاية، إلى ذلك كشف والي الولاية عن تشكيل لجنة عليا من طرف وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، تضم الوزارات ذات الصّلة وستحلّ بالولاية وتعاين الوضع وتتّخذ ما يمكن اتّخاذه من إجراءات وخلال ندوة صحفية احتضنتها قاعة الاجتماعات الصّغرى بمقرّ الولاية ونشّطها والي ولاية تبسة « عطالله مولاتي « استهلّها بتقديم تعازيه الخالصة إلى أسرة الفقيد الطفل « محمودي ادم « . وعبّر عن مواساته العميقة للمتضررين، وكشف عن حجم الأضرار التي لحقت بعدد من أحياء مدينة تبسة جرّاء الأمطارالطوفانية و أكّد والي الولاية أن الوضع حاليّا متكفّل به من جميع النّواحي وأنه كان في عين المكان لحظات الكارثة وتابع عن كثب مجريات الأحداث وتابع على المباشر تدخّلات الحماية المدنية والمصالح ذات الصّلة و شاهد إنقاذ المتضرّرين من مواطنين وتجّار واتخّذ جملة من الإجراءات الفورية وأفاد أن وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية قد شكّلت لجنة عليا تضّم كل من وزارة الداخلية ، وزارة الريّ والموارد المائيّة ،وزارة الأشغال العموميّة، وزارة السّكن ومندوب الأخطار الكبرى بالوزارة لمتابعة الموضوع و حصر الأضرار والتكفل بصفة جديّة.