عادة ما نسمع عبارة الآباء يخطئون و الأبناء يدفعون الثمن لكن اليوم وبطرقنا بوابة السجن وجدنا العبارة تنعكس أمام معاناة أولياء من هم وراء القضبان خاصة الأمهات إذ عادة ما يلجأن إلى رهن مجوهراتهن أو بيعها في بعض الأحيان وقد يضطرهن الأمر أحيانا أخرى إلى بيع أثاث بيوتهن من أجل توفير ثمن ملء قفة أبنائهن الأمر الذي يكلفهن . أسبوعيا ما يفوق 6 آلاف دينار ناهيك عن مصاريف بيوتهن و السفر في بعض الأحيان. وللتقرب أكثر من هؤلاء تنقلت "آخر ساعة" إلى المؤسسة العقابية ببوزعرورة أين اصطف حشد كبير من زوار المساجين أكثرهم نسوة وبأيديهن قفف ممتلئة عن آخرها لا يقوين على حملها في انتظار دورهن على أحر من الجمر لرؤية فلذات أكبداهن تجدهن يتبادلن أطراف الحديث حول مصاريف القفة من جهة و الحاجة زيادة على العراقيل التي تفرضها إدارة السجون وفي بعض الأحيان طول فترة محاكمة ذويهم المقوفين لأكثر من شهرين أو ثلاثة على ذمة التحقيق. وهو ما أكدته لنا خالتي " وردة" و التي كانت في زيارة لأخيها الذي اعتقل بتهمة القتل العمدي و الذي قضى لغاية اليوم مدة 03 أشهر بالسجن دون محاكمته وهو ما استنكرته قائلة أن طول مدة المحاكمة تزيد من معاناتها المعنوية ناهيك عن المادية التي تكلفها أسبوعايا أزيد من 8000 دج بين الأكل ، الفواكهة ، المجلات ، وعلب السجائر هذه المصاريف باتت تنقل كاهلها خاصة و أنها أم لثلاثة أطفال ما يدفعها لحرمانهم في معظم الأحيان مما تشتهيه قلوبهم من أجل توفير متطلبات أخيها السجين وفي ذات السياق تحدثنا مع "الحاج براهيم" القادم من ولاية سطيف لزيارة ابنته السجينة و المحكوم عليها بالسجن المؤبد بتهمة حيازة وتهريب المخدرات لتونس مصرحا أنه يتقاسم مهمة الزيارة مع زوجته الطاعنة في السن أما عن المصاريف فرد بكل أسى تكاليف الزيارة عامة تكلفني أسبوعيا حوالي 9000 دج مصاريف السفر و القفة التي سمح لنا بالقاء نظرة عما إحتوته من طبق تقليدي "الشخشوخة" ، بعض المجلات ، بعض الفواكه ، وما أثار دهشتها علب سجائر و لما سألناه عن سبب تواجدها بالقفة خاصة و أن سبب الزيارة ابنته و ليس ابنه فلم يتمكن من إجابتنا سوى بكلمة واحدة "ربي يهديها". تركنا عمي براهيم لنتقرب من سيدة حامل لم تتجاوز ال 25 من العمر كانت واقفة أمام بوابة السجن لوحدها و بيدها قفة مملوءة عن آخرها سألناها عن صلة القرابة بينها و بين سجينها قالت أنه زوجها المحكوم عليه لمدة سنتين سجنا بجنحة التعدي على عقارات صناعية وفي حديث معها عن مصاريفها ومصاريف قفة زوجها أكدت لنا أنها رهنت معظم مجوهراتها ناهيك عن عملها كعاملة نظافة بإحدى المؤسسات التربوية خاصة و أن قفة زوجها تكلفها كل أسبوعين مبلغ 07 آلاف دينار جزائري. فهكذا اختارت هاته الأخيرة وسيلة تأمين قفة زوجها فيما عمدت أخرى إلى بيع أثاث بيتها لتبيع ثانية مجوهراتها لتبقى عائلات هؤلاء السجناء تتكبد تكاليف قفة أبنائها خاصة و أن معظم تلك العائلات من الطبقة الفقيرة التي تتصارع مع ساعات يومها من أجل توفير لقمة عيشها من جهة و توفير و ملء قفة سجنائها من جهة أخرى زيادة عن أساهم و حزنهم جراء أخطاء أبنائهم و تواجدهم وراء القضبان. لتبقى الأولياء وحدهم من يواجهون و يتحملون مسؤولية أخطاء أبنائهم لتنعكس العبارة و تصبح الأبناء يخطئون و الآباء يدفعون الثمن.