لا تزال العديد من الأحياء و القرى المتواجدة ببلدية قدارة الواقعة جنوب شرق ولاية بومرداس تعاني سياسة التهميش و الإقصاء بسبب العزلة المفروضة عليهم،فهي تفتقر لأدنى ضروريات الحياة الكريمة ،على غرار اهتراء الطرقات،أزمة السكن، غياب المرافق الترفيهية،انعدام الأمن.. وغيرها من النقائص التي جعلت سكان البلدية يكابدون مظاهر التخلف ويعيشون يوميا واقعهم المر تحت وطأة البؤس والحرمان. المواطنون يشتكون من اهتراء الطرقات يشتكي سكان عدة أحياء و قرى تابعة لبلدية قدارة من الاهتراء الكبير الذي تتواجد عليه الطرقات،خاصة في الأيام التي تتساقط فيها الأمطار،إذ تتحول بمجرد سقوط قطرات قليلة من المطر إلى برك مائية يستحيل المشي فيها،إذ أكد لنا في هذا الصدد أحد قاطني أحياء بلدية قدارة أنهم يستعينون كلما تساقطت قطرات قليلة من الأمطار بالأحذية البلاستيكية،كما أنهم –يضيف ذات المتحدث- يعانون من عزوف الناقلين عن الدخول إلى الحي خوفا من تعرض مركباتهم إلى اعطاب فتزيدهم أعباء مالية إضافية،و هو ما اشتكى منه سكان البلدية،الذين أكدوا في هذا السياق أنهم يعانون من هذه الاهتراءات التي تعرفها الطرقات . لذالك يطالب هؤلاء من السلطات المعنية و على رأسها البلدية التدخل العاجل لها من اجل برمجة جملة من المشاريع التنموية و التي من أهمها وضع حد للمعاناة التي يتخبطون فيها من الاهتراء الذي تعرفه بعض الطرقات البلدية.. أزمة السكن ...الهاجس العويص الذي لا مخرج له مشكل أخر طرحه علينا سكان البلدية خلال الزيارة التي قادتنا إلى هذه المنطقة هو مشكل السكن الذي يفرض نفسه بالقوة بكل قرى و احياء البلدية،حيث أكد العديد منهم أنهم يعيشون مشاكل حادة في هذا المجال بالرغم من أن البعض منهم استفادوا من برامج المساعدات الاجتماعية في إطار السكنات الريفية ،لكنهم لم يخفوا أن النسبة المخصصة لبلديتهم ضئيلة جدا مقارنة بعدد العائلات التي هي بأمس الحاجة للسكن. و قد اكتشفنا أن أزمة السكن في هذه المنطقة تعتبر مصدر قلق السكان و كذا شعورهم بالإحباط واليأس. وقد صرح المواطنون الذين استفادوا من مساعدات البناءات الريفية أنه من المستحيل بناء مسكن بمبلغ 50 مليون سنتيم، لاسيما مع الفقر الذي يسود المنطقة وكذا ارتفاع أسعار مواد البناء. هذا وقد اكتشفنا خلال زيارتنا أن قرى هذه البلدية تعيش حقيقة أزمة سكن حادة بدليل تواجد سكنات يعود تاريخ انجازها إلى العهد الاستعماري، إضافة إلى كثرة البيوت القصديرية. هذا دون أننسى العائلات المنكوبة التي استفادت من الشاليهات أثر الزلزال الذي ضرب الولاية في 21 ماي 2003 ،إذ أصبحت تصلح هذه الأخيرة لكل شيء ما عدا السكن في ظل اهتراء أسقفها و تصدعها بالكامل. البطالة...انعدام المرافق الترفيهية ... طريق الشباب إلى عالم الانحراف ..."مشكلتنا العويصة هو غياب فرص العمل وانعدام المرافق الترفيهية " هي العبارة التي رددها العديد من شباب المنطقة، حيث صرحوا أن ظاهرة البطالة تفشت بشكل واسع في صفوفهم خاصة في السنتين الأخيرتين.. إذ وحسبهم فان بلديتهم تفتقر لكل أنواع الاستثمار خاصة مع تأخر أشغال انجاز 100 محل تجاري لفائدة الشباب المبرمج من قبل رئيس الجمهورية. ولأجل الحصول على لقمة العيش ،يمارس البعض منهم المهن الحرة كالعمل في ورشات البناء والبعض الأخر يمتهنون الفلاحة ويستغلون فرص الشغل الموسمي، حيث وجدنا شباب يعملون لدى بعض العائلات في حقول الزيتون مقابل حصولهم على مبلغ لا يتعدى 300 دج، أو على بعض لترات من زيت الزيتون. لكن ما يلفت الانتباه في معظم قرى هذه البلدية هو شعور فئة الشباب الجامعيين الذين أنهوا دراستهم الجامعية منذ سنوات باليأس وخيبة أمل كونهم لم تتح لهم فرصة الحصول على شغل بعد مشوار دراسي مليء بالطموحات لعيش مستقبل أفضل. و في هذا الصدد أكد مواطن متحصل على شهادة الليسانس في الترجمة "الحصول على شهادة جامعية هو الحلم الوحيد الذي راودني منذ صغري،كنت أعتقد أنه بعد تخرجي من الجامعة سأحقق بعض أحلامي وطموحاتي وأعيش مستقبلا زاهرا، لكن الواقع أراد عكس ذلك،فأنا بطال خائب الأمل" إن اختفاء جميع أشكال المرافق الترفيهية ومراكز تنشيط الشباب لقضاء أوقات فراغهم و لتنمية مواهبهم الإبداعية جعلتهم عرضة لمختلف الآفات الاجتماعية ،و لم يخفوا أن تعاطي المخدرات و المشروبات الكحولية فاقت كل الحدود في المنطقة و التي مست حتى القرى المتحفظة،فحسبهم هي الحل الوحيد لنسيان مشاكلهم. المياه الشروب تغيب أكثر مما تحضر من جهة أخرى أكد سكان قرى وبعض أحياء بلدية قدارة، أنهم يواجهون مشكلة أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها وهي أزمة المياه الشروب، إذ وحسبهم تقتصر مدة تزويدهم بهذه المادة الحيوية أربع ساعات كل 25 يوما. و يقول أحد السكان : "الحنفيات جافة حتى في فصل الشتاء، الأمر الذي دفع بالسكان إلى جلب الماء من الينابيع الطبيعية المتواجدة في الجبال" وقد شد انتباهنا ،تواجد الحمير بكثرة في المنطقة، وعندما سألنا أحد المواطنين عن سر ذلك فقال لنا : "الحمار لا يزال مقدسا في هذه المنطقة،فنحن نستخدمه كوسيلة لجلب الماء من الجبال. وما زاد من استياء وتذمر السكان هو استفادة البلدية خلال السنة الماضية من 50 مليون دج في إطار المخطط القطاعي للتنمية لأجل تحسين خدمات الماء الشروب ،لكن تبقى معاناتهم مستمرة و مؤجلة إلى إشعار أخر. التحركات المريبة للعناصر الإرهابية ترعب السكان انعدام الأمن في بلدية قدارة جعل السكان يعيشون يومياتهم في حالة خوف شديد ،حيث أكد العديد من الذين التقيناهم أن العناصر الإرهابية تقوم بصفة متكررة بتحركات مريبة وتجردهم من ممتلكاتهم خصوصا وأن المنطقة محاذية للشريط الغابي. وفي هذا يقول احد مواطني هذه البلدية" أن الإرهابيين يتواجدون في كل مكان في هذه البلدية، فنحن نعيش يوميا الخوف والرعب". وفي ذات السياق،يشتكي هؤلاء السكان كذلك من انتشار جماعات الأشرار في المنطقة الذين يستغلون حسبهم غياب الأمن لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية بصفة متكررة، إضافة إلى تناولهم للمخدرات والمشروبات الكحولية على مرأى الجميع،ناهيك عن السرقات التي فاقت كل الحدود في القرى والمد اشر المتحفظة والمعزولة. المواطنون في انتظار تدخل المسؤولين و رئيس البلدية ولحد كتابة هذه الأسطر لم تبرمج السلطات البلدية أية مشاريع تنموية التي من شأنها رفع الغبن عن السكان وبالتالي إنهاء معاناة دامت لسنوات عدة، إذ أكد هؤلاء أنهم لم يفقدوا الأمل، وأنهم لا يزالون ينتظرون التفاتة السلطات على كل مستوياتها بتجسيد المشاريع الإيمائية لمنطقتهم التي من شأنها فك الغبن عليهم وإخراجهم من العزلة و بالتالي التقليل من حدة معاناتهم اليومية. وفي هذا الصدد تطالب جل القرى المنتشرة ببلدية قدارة جنوب شرق بومرداس التفاتة السلطات إلى مشاغلهم التي باتت تؤرقهم و كذا تجسيد الوعود التي تمطرهم إياها بهم في كل المناسبات لتذهب أدراج الرياح بعد الانتهاء منها و هو ما أغضب سكانها و أجبرهم للخروج إلى الشارع لعلهم يوصلون صوتهم إلى السلطات التي تمر من بلديتهم دون منحهم أي اعتبار و كأنهم سكان منسيون وخارجون عن مجال التغطية. روبورتاج : حياة