العلاقات الجزائرية الصومالية "متينة وأخوية"    وزارة التضامن الوطني تحيي اليوم العالمي لحقوق الطفل    فلاحة: التمور الجزائرية تصدر إلى أكثر من 90 دولة    وزير الصحة يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 44056 شهيدا و 104268 جريحا    أيام إعلامية حول الإثراء غير المشروع لدى الموظف العمومي والتصريح بالممتلكات وتقييم مخاطر الفساد    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة:عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة التعاون الإسلامي: "الفيتو" الأمريكي يشكل تحديا لإرادة المجتمع الدولي وإمعانا في حماية الاحتلال    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    عميد جامع الجزائر يستقبل رئيس جامعة شمال القوقاز الروسية    فلسطين: غزة أصبحت "مقبرة" للأطفال    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    يد بيد لبناء مستقبل أفضل لإفريقيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    بحث المسائل المرتبطة بالعلاقات بين البلدين    حج 2025 : رئيس الجمهورية يقرر تخصيص حصة إضافية ب2000 دفتر حج للأشخاص المسنين    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    الجزائرية للطرق السيّارة تعلن عن أشغال صيانة    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن الالتزام العميق للجزائر بالمواثيق الدولية التي تكفل حقوق الطفل    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    الجزائر تشارك في اجتماع دعم الشعب الصحراوي بالبرتغال    مجلس الأمن يخفق في التصويت على مشروع قرار وقف إطلاق النار ..الجزائر ستواصل في المطالبة بوقف فوري للحرب على غزة    تكوين المحامين المتربصين في الدفع بعدم الدستورية    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    رئيس الجمهورية يشرف على مراسم أداء المديرة التنفيذية الجديدة للأمانة القارية للآلية الإفريقية اليمين    سعيدة..انطلاق تهيئة وإعادة تأهيل العيادة المتعددة الخدمات بسيدي أحمد    ارتفاع عدد الضايا إلى 43.972 شهيدا    فايد يرافع من أجل معطيات دقيقة وشفافة    القضية الفلسطينية هي القضية الأم في العالم العربي والإسلامي    حقائب وزارية إضافية.. وكفاءات جديدة    تفكيك شبكة إجرامية تنشط عبر عدد من الولايات    انطلاق فعاليات الأسبوع العالمي للمقاولاتية بولايات الوسط    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



''الجزائرنيوز'' تزور مهد العقيد عميروش، أحمد أويحيى وموسى صايب : واسيف •• مدينة يترصد بها الموت

دائرة واسيف، مثل معظم مناطق ولاية تيزي وزو المتميزة بطابعها الجبلي، تقع على بعد 35 كلم جنوب الولاية، سكانها يعيشون، يوميا، واقعهم المر تحت وطأة البؤس والحرمان في ظل عزلة تامة، يصارعون ظروف الحياة القاسية بسبب غياب أدنى ضروريات الحياة الكريمة، الناتجة عن نقص المشاريع التنموية
واستفحال أزمة السكن وغياب المرافق الترفيهية واهتراء شبكة الطرق ونقض الخدمات، إضافة إلى كثرة الظواهر والآفات الاجتماعية، كاستفحال ظاهرة البطالة، تزايد حالات الإنتحار، التشرد والفقر، ناهيك عن مشكل غياب الأمن، وكثرة شبكات الإجرام والإعتداءات·· وكل هذه المشاكل والظواهر تضافرت وتفاعلت لتنسق واقعا مأسويا دفع بالعديد من العائلات إلى الهجرة نحو الولايات الأخرى·
أنشئت، دائرة واسيف، سنة 1956 خلال العهد الإستعماري بمرسوم الحاكم العام الفرنسي، في ذلك الوقت، قسمت حاليا إلى ثلاث بلديات هي آيث بومهدي، آث تودارث، واسيف، وتتكون من 28 قرية، عدد سكانها يفوق 50 ألف نسمة·· هذه المنطقة تاريخية وهي مسقط رأس العقيد عميروش، فهي لا تزال شاهدة، إلى يومنا هذا، على بطولات مجاهديها الذين دفعوا بأغلى ما يملكون خلال الثورة التحريرية من أجل أن تحيا الجزائر، وأن تسترجع حريتها، لكن سكان واسيف يتجرعون مرارة الحياة إذ لم ينالوا، إلى حد الساعة، حقهم، فهم يئنون تحت وطأة التهميش ويكابدون مظاهر التخلف والبؤس نتيجة افتقارها لأدنى متطلبات الحياة بسبب التهميش والإهمال والإقصاء الذي مسهم·
ينحدر من هذه المنطقة، عدة شخصيات وطنية من بينهم الوزير الأول أحمد أويحيى، وهو من قرية بوعدنان التي كانت تابعة لواسيف قبل أن تحول إلى آث يني بعد إعادة التقسيم الإداري في سنة 1985، الصحفي محمد بن حنافي، لاعب كرة القدم السابق موسى صايب، الشاعر بن محمد، وهو كاتب أغنية ''أفافا إينوفا'' التي غناها إيدير، كما ينحدر منها العديد من الفنانين القبائليين الكبار أمثال حسان عباسي، سليمان شابي، عثماني، جمال كالون··
غياب التنمية يضع واسيف في خانة النسيان
إكتشفنا، خلال الزيارة التي قادتنا إلى واسيف، أن هذه المنطقة تبقى بعيدة كل البعد عن أعين المسؤولين على جميع مستوياتهم، منذ الإستقلال وإلى يومنا هذا، بسبب الغياب شبه الكلي للمشاريع التنموية، بما فيها الجانب الإقتصادي والاجتماعي والخدماتي·· ما أفضى إلى اهتراء شبكة الطرق، وانعدام التهيئة، وانقطاع التيار الكهربائي، وانتشار الأوساخ وغياب المفرغات العمومية، ونقص الماء·· وغيرها من النقائص التي أثقلت كاهل المواطنين· فأول ما يخطر ببال الزائر لأول مرة لبلدية واسيف، أنه دخل إحدى قرى منطقة القبائل وليس دائرة تضم ثلاث بلديات ويقطنها أزيد من 50000 نسمة، لأن لا شيء هناك يشير إلى معالم الدائرة، ولا المدينة، مثلما هو حال معظم دوائر ولاية تيزي وزو التي تتوفر على مدن كبيرة وشاسعة، وبنايات عديدة وضخمة على غرار ذراع بن خدة، بوغني، ذراع الميزان، عين الحمام، اعزازفة، بوزفان، أزفون، تيفزيرت·
المنطقة تعاني أزمة سكن حادة·· والسكان يقطنون أكواخا وبيوتا تعود إلى العهد الاستعماري
أول مشكل طرحه علينا سكان واسيف، خلال لقائنا بهم، هو مشكل السكن الذي يفرض نفسه بقوة في البلديات الثلاثة، حيث أكدوا أنهم يعيشون أزمة سكن حادة، قالوا أنها عويصة وتؤرقهم يوميا، وهذه الأزمة مست كل قرى المنطقة على غرار كل من قرية ثيزي ملال، أفني فورو، ثيفمونين، آيث ويحلان، آيث عباس، ثافمونت نآث أعلي، مشرق، ثفصفث، آيث طاهر، أزاغار، ثيقيشوث، ثيقيضونين، ثيمغراس، بوعبد الرحمان، آيث سيدي عثمان، أفدال·· حيث اكتشفنا أن أزمة السكن تعتبر مصدر قلق السكان، وكذا شعورهم باليأس والإحباط، وفي هذا الصدد، يقول أحد المواطن (علي 46 سنة) من قرية آيث عباس ''لا شيء يقلقني في هذه الحياة أكثر مما تقلقني أزمة السكن التي أعيشها منذ سنوات، فعائلتي تتكون من 10 أفراد، ونعيش في غرفتين، وحياتنا كلها مرارة''· وهو ما يؤكده أيضا (محمد) من قرية ثيقيشوث ''مشكل السكن هو الهاجس اليومي الذي يؤرقنا، فأنا من عائلة تتكون من 8 أفراد، ونعيش منذ أكثر من 15 سنة في أكواخ، ومعاناتنا تتأزم خلال تساقط الأمطار''·
هذه الأزمة تبقى متفاقمة بالرغم من استفادة بعض العائلات من مساعدات خاصة بالسكنات الريفية، لكنهم لا يخفون أن الحصة المخصصة لهذه المنطقة ضئيلة جدا مقارنة بعدد العائلات التي هي بحاجة ماسة للسكن، ويقول (كريم 31 سنة)، يقطن بقرية ثيفمونين ''نحن نعاني التهميش والإقصاء، فحتى مساعدات السكنات الريفية ليست من نصيبنا، ففي قريتي هناك أكثر من 50 طلبا، لكن عدد المستفيدين لا يتجاوز 5 %''· وقد صرح بعض المواطنين الذين استفادوا من مساعدات السكنات الريفية أن عملية إنجاز سكناتهم توقفت قبل انتهائها، فمبلغ 50 مليون، حسبهم، ضئيل جدا، لا سيما في ظل الفقر الذي يسود المنطقة، وكذا الإرتفاع المرعب لأسعار مواد البناء، ومايؤكد أن قرى دائرة واسيف تعيش حقيقة أزمة سكن، هو تواجد سكنات يعود تاريخ إنجازها إلى العهد الإستعماري، ناهيك عن كثرة البيوت القصديرية والأكواخ في المنطقة·
البطالة·· حدث ولا حرج·· وأصحاب الشهادات الجامعية يستغيثون
ما يلفت الإنتباه في كل من بلدية واسيف، آيث بومهدي وآث تودارث، هو كثرة تجمعات الشباب، الذين وجدناهم جالسين على الأرض، وآخرين يتخذون من جدران المباني أماكن لهم، والبعض الآخر واقف في الأرصفة وفي الأزقة، وفي الطرقات·· وجوههم يائسة وملامحهم حزينة، وحالات القلق والإستياء وخيبة الأمل تنتابهم·· وهي مشاهد توحي بأن البطالة ضربت أطنابها في المنطقة، وبعد حديثنا مع البعض منهم، إكتشفنا أن المنطقة تشهد تفاقما مرعبا في ظاهرة البطالة، وقد أكد هؤلاء الشاب أن البطالة تفشت بشكل واسع في صفوفهم، فبلديتهم تفتقر، حسبهم، تماما لمناصب الشغل في كل المجالات، وتنعدم فيها كل أنواع الاستثمار· وأشاروا إلى أن حتى العمل في المهن الحرة يكاد يكون من المستحيلات السبع نظرا لغياب الفرص، لكن بعض الشباب ومن أجل الحصول على لقمة العيش يواجه الواقع، حيث يستخرج الرمال ويجمع الأحجار بواد الأربعاء الذي يعبر المنطقة، ومن وادي حرزون كذلك، وفي هذا الصدد، يقول (جمال 26 سنة): ''ليس لدينا خيار آخر، ففرص العمل منعدمة في منطقتنا، ونحن مجبرون على استخراج الرمل والأحجار من الوديان لكسب قوت يومنا بالرغم من مشقة العمل''· لكن ما يلفت الإنتباه في معظم قرى هذه المنطقة هو شعور فئة الشباب الجامعيين الذين أنهوا دراستهم الجامعية منذ سنوات باليأس وخيبة الأمل، كونهم لم تتح لهم فرص العمل بعد مشوار دراسي مليء بالطموحات من أجل مستقبل أفضل، ''الحصول على شهادة جامعية هو الحلم الوحيد الذي راودني منذ صغري، وكنت أعتقد أنه وبعد تخرجي من الجامعة سأحقق بعض أحلامي وطموحاتي، وأعيش مستقبلا زاهرا، لكن الواقع أراد عكس ذلك، فأنا بطال خائب الأمل'' حسب تعبير (حسين) من بلدية آث تودارث، متحصل على شهادة ليسانس في التسيير والمحاسبة سنة .2003 كما يفضل بعض السكان مواجهة أزمة البطالة بممارسة بعض الحرف التقليدية كصناعة الغربال، اللوحات الفنية، تحويل الصوف الذي يزداد نشاطه، خصوصا في قرية زكنون، وصناعة السرج للحمير في قرية آيت عباس، لكن تبقى هذه الصناعات التقليدية لا تلقى الرواج بسبب نقص الإمكانيات والدعم·
الغياب شبه الكلي للمرافق الترفيهية جعلت الشباب يعيش الملل·· والإنحراف الملاذ الوحيد
مشكل آخر طرحه سكان واسيف، يتمثل في الإنعدام شبه الكلي لكل أشكال المرافق الترفيهية، كدور الشباب، وملاعب كرة القدم، وفضاءات اللعب، وقاعات الرياضة، وهذا على مستوى معظم قرى المنطقة، وقد أكد العديد من الشباب أن غياب جميع أشكال المرافق الترفيهية ومراكز تنشيط الشباب حرمهم من قضاء أوقاتهم ومن تنمية مواهبهم الإبداعية، ما أنتج مظاهر الملل والشقاء، التي كانت بادية على ملامح الشباب· فقد وجدنا في بلدية واسيف شبابا يقضي جل وقته في المقاهي حول لعبة ''الديمينو''، ولم يخف هؤلاء أن غياب مرافق الترفيه جعلهم عرضة لمختلف الآفات الاجتماعية، خصوصا تعاطي المخدرات والمشروبات الكحولية التي فاقت كل الحدود في المنطقة، والتي دخلت حتى القرى المحافظة، فهي الحل الوحيد، حسبهم، لنسيان مشاكلهم· أما أطفال قرى واسيف فحدث ولا حرج، فملامحهم كانت حزينة جدا، ما يوحي بأن هؤلاء لم يتمتعوا ببراءتهم ولا بطفولتهم·
التحركات المريبة للعناصر الإرهابية، المافيا، وغيرها··· تثير حفيظة السكان
أجمع سكان واسيف على أنه من بين المشاكل الخطيرة التي أصبحت تهدد حياتهم هو انعدام الأمن في منطقتهم، فهم يعيشون يوميا في حالة خوف شديدة، حيث أكد العديد من الذين التقينا بهم أن العناصر الإرهابية أصبحت تقوم بتحركات علنية ومريبة وتجردهم من ممتلكاتهم، وتنفذ عمليات إجرامية بصفة متكررة تستهدف المدنين ورجال الأمن، خصوصا وأن المنطقة محاذية للشريط الغابي الممتد إلى جبال وغابات جرجرة، وفي هذا الصدد، يقول المواطن (أحمد 42 سنة) الذي وجدناه بإحدى المقاهي يلعب الدومينو ''الإرهابيون يتواجدون في كل مكان بهذه المنطقة، ويمكن أن يكونوا حتى في داخل هذه المقهى، فنحن نعيش يوميا الخوف والرعب''·· ويقاطعه مواطن آخر ويقول ''هذه المنطقة معروفة بغياب الأمن، وأصبحت تلقب بالمنطقة الحمراء نتيجة لكثرة العمليات الإجرامية المرتكبة فيها''، ويشتكي هؤلاء السكان كذلك من انتشار شبكات الإجرام والمافيا في المنطقة، والتي تستغل، حسبهم، غياب الأمن لتنفيذ عملياتها الإجرامية بصفة متكررة، إضافة إلى تناول عناصرها للمخدرات والمشروبات الكحولية على مرأى الجميع· ويعتبر الطريق الوطني رقم 30 الرابط بين واسيف ومدينة تيزي وزو مرورا بثاخوخت، المكان المفضل لهؤلاء المجرمين من المافيا والإرهابيين لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية، فقد شهد هذا الطريق، العديد من عمليات القتل، وسرقة السيارات وممتلكات المارة، لا سيما منها ظاهرة الاختطافات، حيث تم تسجيل أكثر من 12 حالة اختطاف على مستوى هذا الطريق الذي تحيط به غابات كثيفة، والذي أصبح المواطنون يتجنبونه بسبب انعدام الأمن فيه·
وأضاف السكان أن ظاهرة السرقة فاقت كل الحدود وأصبحت تستهدف حتى المداشر والقرى المحافظة والمعزولة، وهذا الوضع دفع سكان واسيف منذ شهرين للقيام بمسيرة والدخول في إضراب عن العمل للتنديد بالعمليات الإرهابية والإعتداءات التي تهدد حياتهم، كما قاموا في الكثير من الأحيان بالوقوف في وجه الإرهابيين وإحباط العديد من عملياتهم الإجرامية، خصوصا إحباط ثلاثة محاولات اختطاف استهدفت التجار والفلاحين·
الهجرة، الإنتحار، الإضطرابات النفسية، الأمراض العقلية·· ظواهر تبحث عن حلول
في ظل انعدام أدنى ضروريات الحياة الكريمة في قرى واسيف وتفاقم المشاكل الاجتماعية، ظهرت خلال السنوات الأخيرة في هذه المنطقة ظواهر اجتماعية معقدة، بدأت تأخذ أبعادا جد خطيرة، أولها ظاهرة الهجرة، حيث تفضل العديد من العائلات ترك واسيف والهجرة إلى المناطق الأخرى التابعة لولاية تيزي وزو، على غرار فريحة، اعزازفة، مدينة تيزي وزو، واضية وغيرها·· بحثا عن الأمن والحياة الكريمة، كما تفضل عائلات أخرى الهجرة إلى الولايات الأخرى، وحسب ما علمناه من سكان المنطقة فمن بين الولايات التي يقصدها سكان واسيف بكثرة للإستقرار فيها نجد الجزائر العاصمة، تيارت، وهران، الشلف، قسنطينة· واكتشفنا كذلك خلال تواجدنا في واسيف أن العديد من السكان، لا سيما منهم الشباب وأرباب العائلات يعانون اضطرابات نفسية حادة بسبب المشاكل التي يعيشونها يوميا، والتي لم يجدوا لها حلولا، وفي هذا السياق أكد رئيس لجنة إحدى قرى واسيف أن المنطقة تحتل المرتبة الأولى في عدد حالات الأمراض العقلية، مشيرا إلى أن العديد من شباب واسيف يمرون على مستشفى الأمراض العقلية فرنان حنافي بوادي عيسي، نتيجة الضغوطات والظروف الاجتماعية القاسية، وأن الكثير منهم أصبحوا لا يستغنون عن الأدوية المهدئة، إلى جانب، ذلك صنفت منطقة واسيف ضمن المناطق التي سجلت أكثر حالات الإنتحار على مستوى ولاية تيزي وزو، فحسب ما علمنا من مصادر من الحماية المدنية، فإن البلدية تسجل من حالتين إلى أربع حالات انتحار على الأقل كل شهر، مؤكدا أن هذه الظاهرة مست كل فئات المجتمع ومن الجنسين، وهذا أحسن دليل يؤكد أن واسيف حقا تنعدم فيها أدنى ضروريات الحياة·
مركز البريد خارج مجال التغطية ·· والخدمات الصحية في الإنعاش
يشتكي سكان واسيف من الوضعية الكارثية التي آل إليها مركز البريد الذي يبقى، حسبهم، لا يقدم خدمات في المستوى المطلوب، فهو يشهد نقصا فادحا في السيولة المالية، وتنقطع فيه وبصفة متكررة، شبكة التغطية، ما يحرمهم من سحب أموالهم في كل وقت، وهذا ما دفع بالشيخ (محند أمزيان 68 سنة) للقول ''مركز بريد بلدية واسيف خارج مجال التغطية''· كما اشتكى كذلك سكان قرى دائرة واسيف من رداءة الخدمات الصحية المقدمة على مستوى المراكز الصحية المتواجدة بمقر كل من بلدية واسيف، آيث بومهدي، وآث تودارث، وصرحوا أن المركز الصحي المتواجد بمقر الدائرة يشهد حالة كارثية بسبب التوافد الكبير للمواطنين من مختلف أرجاء الدائرة، وكذا من المناطق المجاورة كسكان آث يني، إبوذراران وآيث زفان، ما صعب التكفل الصحي بالعدد الهائل من هؤلاء المرضى، وأضاف السكان أن هذا المركز يفتقر إلى الإمكانيات المادية والبشرية، كغياب جهاز الفحص بالأشعة، ويحتم على المرضى إجراء فحص الأشعة لدى الخواص، ناهيك عن نقص الأطباء وعدم كفاءة العديد منهم في المركز الصحي بواسيف، فالمرضى اعترفوا أنهم يخاطرون بحياتهم لدى هؤلاء الأطباء· وأكثر من ذلك، عبر السكان عن تذمرهم وسخطهم الشديدين من غلق العديد من قاعات العلاج المتواجدة على مستوى القرى، ما حرمهم من الخدمات الصحية، حيث أشاروا إلى أن قاعة العلاج المتواجدة بقرية ''تيروال'' إقتحمتها، مؤقتا، إحدى العائلات المنكوبة، كما اقتحم كذلك أحد المواطنين قاعة العلاج المتواجدة بقرية آيث علي منذ سنوات، فيما أقدم أحد المسؤولون ببلدية واسيف على اقتحام قاعة العلاج بقرية ثيفمونين وسكن فيها مع عائلته، فهذه الأخيرة لم تفتح بعد أبوابها، وهو نفس المشكل الذي تعيشه قاعة العلاج بقرية زكنون· هذه الأوضاع جعلت السكان يعانون، وهم يعترفون بأنهم مضطرون للإنتقال إلى المستشفى الجامعي نذير محمد بمدينة تيزي وزو لتلقي العلاج·
السكان فقدوا الثقة في المنتخبين المحليين
إعترف العديد من مواطني بلديات واسيف، آيث بومهدي، آث تودارث، الذين تحدثنا إليهم بالغياب الفعلي للمسؤولين المحليين، مشيرين إلى أنهم فقدوا الثقة بصفة كاملة في المنتخبين البلديين والولائيين، كونهم لم يوفوا بالوعود التي قدموها لهم في مختلف حملاتهم الانتخابية، وأكدوا أنهم لم يستطيعوا إخراج الدائرة من عزلتها، ولم يعملوا على تنميتها، ولا حتى على تلبية أدنى متطلبات السكان، وفي كل المجالات، واتهموهم بالسعي لتحقيق مصالحهم الشخصية·


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.