استقبل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أمس، رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي في أخر يوم من زيارته للجزائر، و التي أكد فيها أنه يرغب في الاستفادة من التجربة السياسية الجزائرية ما بعد التعددية، وقد غادر أمس الجزائر متوجها نحو بلاده وفي حقيبته، زادا سياسيا . وحضر اللقاء الذي جرى بإقامة جنان المفتي رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح و الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية و الإفريقية عبد القادر مساهل. كما حظي الغنوشي باستقبال من أحمد أويحيى الوزير الأول، بينما كان الغنوشي قد استقبل من طرف كل من رئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني والأمين العام للافلان عبد العزيز بلخادم، ورئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري. وأظهر زعيم المعارضة الليبية في عهدة الرئيس المخلوع وين العابدين بن علي رغبته في الإستفادة من التجربة الجزائرية سياسيا، باعتبار أن تونس دخلت عهدا جديدا ينذر بالتفتح وبنفس الوقت يحذر من الانحرافات السياسية، حيث تثار مخاوف من تكرار سيناريو التسعينات في الجزائر مع « الفيس»، بعد أن فازت النهضة بحصة الأسد من مقاعد المجلس التأسيسي، ولا يلبث زعيم حركة النهضة التونسية، أن تطأ أقدامه ارض الجزائر، إلا ووصف البلاد بالشقيقة الكبرى لتونس، اعترافا منه بأشياء، الجزائر وحدها من منحتها لبلاده، وفي ثاني زيارة على الجزائر بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي، حظي راشد الغنوشي باستقبال الزعماء، حتى أن الأجندة التي رتبت له لا تخصص إلا للملوك و الرؤساء. و يعي الغنوشي جيدا ما يفعل لما يقرر زيارة الجزائر، كما أن الجزائر تعرف مع من تتعامل، لذلك حظى امس باستقبال من قبل الرئيس بوتفليقة، ونادرا ما يستقبل الرئيس زعماء أحزاب أجانب، لكن الغنوشي حكاية أخرى، ليست كحكايات زعماء أحزاب آخرين، في بلدان أخرى، فزعيم النهضة يحمل بداخله دينا للجزائر التي كسرت طابوهات العلاقات الدولية وإحتظنت اجتماع المعارضة التونسية في الجزائر عام 1990. وقدمت مساعدة مالية لتونس بقيمة 100 مليون دولار.و يعمل الغنوشي على «تأسيس» مرحلة تعاون سياسي واقتصادي جديدة مع الجزائر، التي يعتبرها الشقيقة الكبرى، وبالموازاة يتدارس مع نظرائه في الجزائر من الإسلاميين مستقبل هذا التيار وسط التداعيات الدولية و الإقليمية المتسمة بالثورات العربية، فزعيم النهضة، أظهر أنه أدار ظهره لإسلاميي ليبيا، بدليل عدم التواصل معهم لا من قريب ولا من بعيد، وأمام إرهاصات الحكم الأتي في طرابلس، اختار الغنوشي المكوث على مسافة بعيدة من نظام ليبي جديد، يديه ملطخة بدماء الأبرياء، وفي أحشاءه «إرهابيون» تحولوا بقدرة قادر إلى زعماء وحكام، وسياسيون، ويعي الغنوشي خطورة الوضع في ليبيا، على خلفية الصدامات الحاصلة بين أعضاء المجلس الانتقالي وبينهم وبين كتائب الثوار الذين يبحثون عن مكان لهم في الحكومة، وبالتالي فإن قانون الغاب الذي جاء الناتو لوضع حد له في الجارة الشرقية، عاد من جديد عبر فوهة «كلاشينكوف الثوار» الذين لا يفقهون في السياسة إلا ما تعلق بصوت الرصاص ولذة القتل. وكما تفطنت دول إفريقية ، حتى تلك التي لا تنتمي إلى منطقة الساحل الصحراوي أهمية الدور الجزائري في المنطقة، أدركت دول شمال إفريقية كذلك، الدور المحوري للجزائر، ولا أدل من ذلك، دعوة وزير الخارجية المغربي الفهري الفاسي الجزائر إلى عقد اجتماع طارئ لإتحاد المغرب العربي، قصد إعادة بعث العلاقات من جديد بتنازلات باتت واضحة من النظام المغربي الذي أصبح معزولا مغاربيا، ثم لقاء مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي ، الرئيس بوتفليقة بالدوحة، تيقنا منه بان الاستمرار في تجاهل الجزائر لا يثمر لليبيين شيئا . ليلى/ع