تعقدت الأمور أكثر في مساعي إيجاد تسوية سياسية للنزاع في شمال مالي بعد استقالة رئيس الوزراء في باماكو تحت ضغط العسكريين، وتتجه الأنظار أكثر من ذي قبل إلى هذه الدولة، وظلال التدخل العسكري تقترب شيئا فشيئا في الجهة الشمالية، بينما تترقب الجزائر تطورات الوضع لوضع رؤية مرحلية للتعامل معه. أعطى العسكر في مالي بقيادة صاحب انقلاب مارس الماضي، سانوغو، المبرر الكافي للدول الراغبة في التدخل عسكريا لتحرير منطقة الشمال من التنظيمات الجهادية التي تسيطر على كامل المنطقة منذ رحيل الرئيس تونامي توري، اثر الانقلاب، وذلك لما أرغم رئيس الوزراء الشيخ موديبو ديارا، على الاستقالة من منصبه، في الوقت الذي ظن الجميع، ان المفاوضات التي دارت في بوركينافاسو بين الحكومة و بعض التنظيمات الشمالية، ستسفر على نتيجة تقي الماليين شر الحرب و التشرد، وتؤول تطورات الوضع في مالي لصالح الدول المدافعة عن الخيار العسكري، طالما أنها ترى أن الماليين أنفسهم، غير متفقين على مبدأ الحل السلمي للإشكال العويص المطروح بدليل استقالة رئيس الوزراء، في وقت استبق مجلس الأمن الدولي أمس، للتنديد بالقبض على رئيس وزراء مالي على أيدي أفراد من الجيش وهو ما أدى إلى استقالته وتعقيد الجهود الدولية لطرد عناصر التنظيمات المتشددة من شمال البلاد. وهدد أعضاء مجلس الأمن « باتخاذ الإجراءات المناسبة بما في ذلك العقوبات المستهدفة ضد من يمنعون إعادة النظام الدستوري ويقومون بتحركات تقوض الاستقرار في مالي»، وكان المجلس هدد من قبل بفرض عقوبات في محاولة لوضع حد للازمة في مالي. وأدرجت لجنة عقوبات القاعدة في المجلس الأسبوع الماضي في قائمتها السوداء حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا التي تنشط في شمال مالي وترتبط بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. وقال المجلس في بيانه «يشدد أعضاء المجلس على التزامهم بأن يجيزوا في أقرب وقت ممكن بعثة دعم دولي ذات قيادة افريقية في مالي».كما أدانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا «سلوك» العسكريين في مالي بعد إجبار رئيس الوزراء شيخ موديبو ديارا على تقديم استقالته، مطالبة بتشكيل حكومة تتمتع بصفة «تمثيلية». وقال رئيس مفوضية المنظمة الإفريقية ديزيريه كادري ويدراغو في ابيدجان «بلغت المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا بقلق كبير الأحداث التي أدت إلى استقالة رئيس الوزراء شيخ موديبو ديارا». وموازاة مع ذلك، عين الرئيس المالي بالوكالة ديونكوندا تراوري وسيط الجمهورية ديانغو سيسوكو رئيسا للحكومة بعد أن قام العسكريون بإرغام شيخ موديبو ديارا على تقديم استقالته، حسب ما جاء في مرسوم تلي عبر التلفزيون المالي العام.ومن جهته، برر زعيم الانقلابيين الماليين امادو هايا سانوغو إرغام رئيس الحكومة على الاستقالة بقوله انه كان «نقطة عرقلة» ولم «يكن يهتم بالشعب». مشيرا«لم يكن هناك أي شيء ماشي» مع شيخ موديبو ديارا «فبدل أن يكون رئيس فريق للقيادة كان في الوقت نفسه نقطة عرقلة». وأضاف إن رئيس الحكومة السابقة «لم يكن يعير أي اهتمام بالشعب ولم يعترف بسلطة رئيس الجمهورية» بالوكالة. وقد أعلن رئيس الحكومة المالية الجديد ديانغو سيسوكو أن استعادة الشمال من أيدي التنظيمات الجهادية، وتنظيم انتخابات عامة هما أولوية بالنسبة له.داعيا المواطنين إلى الوحدة» لان الشعب يستطيع موحدا أن يواجه المشاكل«.وقد ندد الاتحاد الإفريقي ب«ظروف» استقالة رئيس وزراء مالي شيخ موديبو ديارا مذكرا جيش هذا البلد ب«واجب الخضوع التام« للسلطة المدنية، في بيان صدر أمس، وشددت مفوضية الاتحاد الإفريقي على «عزم الاتحاد على فرض الاحترام التام للشرعية الدستورية» في مالي.وأعرب عن «أمله في إقامة حكومة تشمل جميع الأطراف بشكل سريع»، من المفترض أن «تعمل على إعادة بسط سلطة الدولة بشكل كامل على مجمل الأراضي وتنظيم انتخابات حرة وشفافة وذات صدقية». وتأتي استقالته القسرية غداة قرار للاتحاد الأوروبي بإرسال 400 عسكري إلى مالي في مطلع 2013 لتدريب الجيش المالي من اجل استعادة السيطرة على شمال البلاد الذي يحتله إسلاميون مسلحون منذ ثمانية أشهر.وسيكون إرسال القوات أول خطوة لتدخل أجنبي على الأرض في حين يتوقع أن توافق الأممالمتحدة على نشر قوة دولية.