استبعد الوزير الاول عبد المالك سلال امس مراجعة قاعدة 49/51 بالمائة المتعلقة بالاستثمار الاجنبي في الجزائر "في الوقت الراهن على الأقل". و قال سلال في تدخله خلال افتتاح اشغال المنتدى الاقتصادي و الاجتماعي الذي ينظمه المجلس الوطني الاقتصادي و الاجتماعي بمناسبة الذكرى الخمسين للاستقلال ان مبدأ 49/51 بالمائة “ليس قابلا للمراجعة على الاقل في الوقت الراهن” مضيفا ان الشركاء الاقتصاديين للجزائر “ليسوا منزعجين بخصوص هذا المبدا”.الا ان الوزير الاول ابقى المجال مفتوحا امام احتمال مراجعة هذا المبدا مستقبلا خاصة بالنسبة للمؤسسات المتوسطة و الصغيرة. و في هذا السياق اشار سلال قائلا “اذا كانت هذه القاعدة تطرح مشكلة بالنسبة للمؤسسات الصغيرة على مستوى بعض القطاعات فنحن مستعدون لدراسة الامر مستقبلا. لكن في الوقت الحالي لا مجال لمراجعتها”. وكان سلال يرد على اطراف قالت ان الجزائر ستتنازل على هذا المبدا في قانون المالية التكميلي المنتظر عرضه على البرلمان للمناقشة و المصادقة، واثارت هذه الاشاعات ردود فعل قوية من احزاب معارضة قالت ان التنازل بمثابة مساس بالسيادة الوطنية على غرار ما اكدته الامينة العامة لحزب العمال لويزة حنون. واشار سلال الى ان التدابير التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة افرزت “التقدم الاقتصادي و الاجتماعي المعتبر الذي احرزته الجزائر خلال خمسة عقود من الاستقلال مستشهدا بعدة ارقام تعكس هذا التقدم في العديد من الميادين. و اشار سلال الى ان الناتج الداخلي الخام للجزائر انتقل من 15 مليار دج غداة الاستقلال الى اكثر من 3.698 مليار دج سنة 2000 قبل ان يتجاوز مستوى 15.908 مليار دج السنة الماضية. و بلغ معدل نصيب الفرد من الناتج الداخلي الخام 5.798 دولار سنة 2012 مقابل 1.793 دولار سنة 2000 و 198 دولارا سنة 1962 حسب الارقام التي قدمها الوزير الاول. بالمقابل انتقلت نسبة الربط الوطنية بالمياه الصالحة للشرب من 32 بالمائة سنة 1962 الى 94 بالمائة السنة الماضية اما نسبة الربط بالشبكة الوطنية لتوزيع الكهرباء فقد بلغت بدورها 98 بالمائة حاليا مقابل 42 بالمائة غداة الاستقلال. بالموازاة مع ذلك اشاد الوزير الاول بالاداء العالي الذي يسجله الاقتصاد الكلي للبلاد و الذي يعكسه على وجه الخصوص التحكم في نسبة المديونية الخارجية اضافة الى الوضع المالي الجد مريح للجزائر.الا ان ذلك يضيف سلال يحتم على الجزائر العمل على تطوير اقتصادها نحو “افاق جديدة من خلال تشجيع الانتاج و تقليص التبعية للمحروقات”. و في هذا الاطار جدد دعم السلطات للمقاولة الوطنية العمومية و الخاصة من اجل المساهمة في تحقيق هذا الهدف. ويعتزم المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي قبل دراسة آفاق التنمية بعد 2015 إجراء تقييم شامل “بدون مجاملة” لجهود التنمية خلال السنوات الخمسين الماضية. وتطمح الهيئة من خلال هذه الحصيلة إلى تحديد دقيق للظواهر التي تعيق تحقيق أهداف التنمية المسطرة. وسيتم التطرق في هذا السياق إلى ظاهرتي البيروقراطية والرشوة بغرض بحث الوسائل الكفيلة “لاجتثاثها” بحسب تعبير باباس. وشدد سلال على أهمية استرجاع “القاعدة الصناعية” للجزائر للتمكن من تحقيق المزيد من مناصب الشغل وتسريع وتيرة النمو الاقتصادي. وتأتي هذه التوجيهات في سياق إقليمي يتميز بوجود تهديدات أمنية على حدود الجزائر وكذا تراجع مداخيل النفط إضافة إلى انخفاض “محسوس” في ميزان المدفوعات الجزائري حسب الحصيلة الأخيرة ل«بنك الجزائر”. و من جانبه اعتبر محافظ بنك الجزائر محمد لقصاسي أن هذه العوامل ساهمت في خفض احتياطي الصرف مؤكدا أن اقتصاد البلاد يقترب من “صدمة” خارجية مشابهة لعام .2009 وتسبب تراجع أسعار النفط في الأسواق الدولية في خفض مداخيل النفط بشكل محسوس بحيث فقدت الجزائر ما يقارب 3 ملايير دولار في الثلاثي الأول 2013 فقط مما يفرض أهمية إيجاد وسائل لتنويع اقتصاد البلاد وتقليص التبعية للمحروقات حسبما أكده المجلس. ويعتبر من جانب آخر التضخم العامل الرئيسي الثاني المؤثر سلبا على اقتصاد البلاد بحيث قارب معدله السنوي 10 % في 2012 على أمل خفضه إلى حدود 5 % في 2013. وانطلاقا من هذه الملاحظات فإن المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي يرى في هذا المنتدى الذي يدوم ثلاثة أيام “فضاء للتشاور يسمح للأمة باسترجاع نفسها من اجل انطلاقة جديدة تكون في مستوى طموحاته المشروعة والتي يمر تجسيدها بالضرورة عبر نمط نمو مستدام لما بعد 2015”.