أصبح اسم فريد بجاوي، ابن أخ وزير الخارجية الأسبق والذراع الأيمن لشكيب خليل ووزير الطاقة والمناجم السابق، كثير التداول بين الجزائريين خصوصا بعد أن ثبت نهبه لملايين الدولارات من خلال عقود النفط التي كانت تبرمها “سوناطراك” مع الشركات الأجنبية..وأصدر المدعي العام الايطالي، الأسبوع الماضي، مذكرة توقيف دولية في حق فريد؛ الملقب ب “الفتى الذهبي” بعد عدة أشهر من التحقيقات، كما أصدر قرارا يقضي بالتماس إنابة قضائية بغرض استرجاع ما قيمته 123 مليون دولار موجودة في حسابات بنكية لبجاوي وحاشيته، وحسب ما وصل إليه المحققون الإيطاليون فإن فريد يملك 100 مليون دولار موجودة في حسابات بنكية بسنغافورة و23 مليون أخرى في هونغ كونغ، هذا بالإضافة إلى حسابات بنكية أخرى في لبنان وبنما لم يتمكن المحققون من معرفة الأرصدة المالية الموجودة بها. وحسب التحقيقات فإن تحصيل هذه الأموال جاء من خلال الرشاوي التي كانت تدفعها شركة “سايبام” الإيطالية إلى مسؤولي “سوناطراك” بين عامي 2007 و2010 وذلك من أجل الحصول على عقود تنقيب عن البترول حيث كان فريد وسيطا بين الشركتين. وبعد أن لطّخ فريد اسم عائلة بجاوي خرج محمد بجاوي عمّه ورئيس المجلس الدستوري السابق ووزير الخارجية السابق ورئيس محكمة العدل الدولية السابق ليقول في أحد لقاءاته مع الصحافة بأنه لا علاقة له بما يقوم به ابن أخيه وأنه لم يقدمه لأي مسؤول في “سوناطراك” كما نفى أن يكون على علم بأن فريد يستغل سمعته الدولية للحصول على صفقات، وقال: “عالم الأعمال الذي تنشط فيه عائلة بجاوي منذ عقود طويلة له قواعده، شبكاته وعلاقاته”. فريد بجاوي كان يدعو الله ليبقى شكيب في الحكومة ولد فريد نور الدين بجاوي في 20 سبتمبر 1969 في فرنسا قبل أن ينتقل إلى كندا أين تحصل على شهادة من معهد الدراسات التجارية العليا بكندا قبل أن يدخل عالم التصدير نحو الجزائر لمواد غذائية قبل أن يستغل قرابته مع محمد بجاوي وشكيب خليل للوصول إلى قطاع المحروقات، حيث أسس عام 2002 مؤسسة “ريان” بدبي والتي تعتبر الوكيل الحصري لصندوق الاستثمار الأمريكي “روسيل”، وقد منح شكيب لهذه الشركة عملية بيع أسهم سوناطراك في مؤسسة “أناداركو” و«دوك إينيرجي”. ففي عام 2009 وفي مطعم فاخر بإمارة دبي أين كان فريد وشقيقه رياض يتناولان غداءهما مع أصدقائهما، حيث أخذهم الحديث للتكلم عن الجزائر وعن كيفية تسيير عائلة بجاوي لأعمالها هناك فأجابهم فريد: “ضعوا يدكم على الخشب وادعوا الله أن يبقى شكيب خليل في الحكومة”، لكن الله لم يستجب لدعاء فريد حيث أبعد شكيب عن حكومة أحمد أويحيى عام 2010 بعد 10 سنوات قضاها على رأس وزارة الطاقة والمناجم بالإضافة إلى عامين قضاهما مترأسا ل “سوناطراك”، وبرحيل خليل ودع بجاوي الدجاجة التي كانت تبيض له ذهبا، ووجهت لهما بعد ذلك مباشرة أصابع الاتهام بنهب الملايين من وراء عقود التنقيب عن البترول التي كانت تمنح للشركات الأجنبية. اشتغل نور الدين بجاوي وهو والد فريد في قطاع التجارة بليبيا وحقق الكثير من الأرباح جراء ذلك إلى درجة أنه منح شقة في أرقى شوارع العاصمة الفرنسية باريس مساحتها 300 متر مربع لابنه فريد، الذي التحق أيضا بثانوية “لويس الكبير” وهي من أرفع المؤسسات التعليمية في باريس، وذلك قبل أن يكمل دراسته في كندا. وبعد أن تحصل على شهادته التعليمية العليا اختار أن يسير على خطى أبيه حيث أسس عام 1993 بالتعاون مع شقيقيه رياض ورضا العديد من الشركات المتخصصة في الاستيراد والتصدير، حيث مكنتهم تعاملاتهم مع دول شمال إفريقيا من كسب أموال طائلة. متزوج من ابنة وزير لبناني وتعرف على شكيب في بيروت وتغيرت مجريات الأحداث في حياة فريد بجاوي، الذي كان قليلا ما يأتي إلى الجزائر، مع دخول الألفية الجديدة ففي عام 2003 عندما قرر شكيب خليل استثمار أموال النفط والغاز في الخارج، منح لشركة “راسل أنفاستيسمنت” وهي شركة أمريكية متخصصة في إدارة الأصول في دول الخليج مبلغ 2 مليار دولار لإدارته، لكن الشركة الأمريكية لم تسير هذه الأموال بنفسها مباشرة بل من خلال شريكها في الشرق الأوسط شركة “ريان أسيت ماناجمنت” التي تتخذ من دبي مقرا لها، وهي الشركة المملوكة من قبل فريد بجاوي، هذا الأخير الذي قدمه رجل الأعمال عمار حبور إلى صديقه شكيب خليل خلال مأدبة غداء في العاصمة اللبنانية بيروت عام 2002، باعتبار أن فريد متزوج من ابنة وزير الدفاع اللبناني السابق محسن دلّول. وقرر فريد وشكيب بعد أن توطدت العلاقة بينهما تأسيس شركة “ريان أسيت ماناجمنت” ليتمكنا من وضع نقود “سوناطراك” في جيوبهما وجيوب حاشيتهما. تمكن من جمع مليار دولار في ثماني سنوات وكان فريد بجاوي يلتقي بمسؤولي شركة “سايبام” الإيطالية في فنادق العاصمة الفرنسية باريس على غرار فندقي “جورج الخامس” و«كاليفورنيا” بالإضافة إلى فندق “بولغاري ريزورت” في مدينة ميلانو الإيطالية. وكانت تتم هذه اللقاءات بحضور وزير الطاقة والمناجم شكيب خليل بالإضافة إلى بعض إطارات من شركة “سوناطراك. وتشير الوثائق التي بحوزة المحققين الإيطاليين إلى أن الأموال التي حولتها “سايبام” إلى بجاوي عبر شركته “إيكران بيرل بارتنرز”، التي تتخذ من هونغ كونغ مقرا لها، بلغت 264 مليون دولار. ويقول مقربون من “الطفل الذهبي” كما يسميه البعض بأن هذا الأخير تمكن من جمع مبلغ مليار دولار بين عامي 2003 و 2011. لديه طائرة خاصة قيمتها 50 مليون دولار وقصر في دبي هذه الثروة الضخمة التي كونها فريد بجاوي مكنته من عيش حياة بذخ وترف، فلسفره اشترى طائرة خاصة ب 50 مليون دولار، وليستمتع بأشعة الشمس في الخليج العربي أو في الساحل الجنوبي لفرنسا اشترى يختا بمبلغ 25 مليون دولار. وفي مونتريال بكندا تملك عائلة بجاوي أملاكا فخمة في الأحياء الراقية للمدينة بالإضافة إلى فيلا في جزيرة مايوركا الإسبانية وقصر في إمارة دبي. ورغم ما حققه بجاوي من ثروة طائلة إلا أنه ارتكب أكبر حماقة من خلال استمراره في الاعتماد على “دجاجته” التي عودته أن تبيض له ذهبا كل مرة دون أن يضع في حسابه أن هذا الأمر قد يفضح يوما ما. يده امتدت حتى إلى أموال مشروع الطريق السيّار ولم يكتف بجاوي بتحصيل الأموال من خلال “سوناطراك” بعد أن وجد في الجزائر بحرا من الأموال يغرف منه كما يريد، حيث امتدت يده إلى مشروع الطريق السيّار شرق-غرب، ففي عام 2005، حسب ما ذكره موقع “جون أفريك”، وبعد أن قررت الحكومة الجزائرية إطلاق مناقصة دولية لإنجاز هذا المشروع وخصصت له غلافا ماليا قدره 11.4 مليار دولار، سال لعاب الصينيين الذي اتصلوا بوسيطين وهما رجل الأعمال بيير فالكون وفريد بجاوي، ووعدوهما بمنحهما 520 مليون دولار في حال حصولهم على عقود في هذا المشروع، الذي سيذر عليهم مليار الدولارات من الأرباح. فريد يملك شركة لصنع النبيذ التقليدي في إيطاليا تمكن المحققون الإيطاليون من اكتشاف أن فريد بجاوي يملك شركة لصنع النبيذ التقليدي في إيطاليا اسمها “أزيندا أغريكولا أجير فاليرنيس”، حيث أسست عام 2008 في ضواحي مدينة كازيرتي، ويملك فريدها نسبة 20 بالمائة من أسهمها، بينما يملك فينشنزو فاروني شقيق بييترو فاروني المدير السابق في شركة “سايبم” نسبة ثمانية بالمائة، وكشفت التحقيقات الإيطالية أن بجاوي حول في العديد من المرات مبالغ مالية تقدر إجمالا ب 1.5 مليون أورو إلى حساب هذه الشركة.