مازال الرأي العام ينتظر الإعلان عن الحكومة الجديدة والكشف عن الطاقم الذي سيرافق رئيس الجمهورية في تطبيق ما تبقى من برنامجه الانتخابي، واستكمال ملف الإصلاحات السياسية، وفي هذا الإطار يتساءل البعض عن أسباب تأخر الإعلان عن التركيبة الجديدة للجهاز الحكومي وما إذا كان لذلك علاقة بما تشهده الساحة السياسية من تطورات منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات؟ تأخر الإعلان عن الطاقم الحكومي الجديد، وفقا لما أفرزته انتخابات العاشر ماي المنصرم، جعل البعض من النخب يستذكر المرحلة التي أعقبت رئاسيات 2009، حيث أخد الرئيس بوتفليقة حينها مدة قاربت الثمانية أشهر للكشف عن الطاقم الحكومي، وسادت آنذاك تاوئلات وقراءات، ولكن أيضا الكثير من الإشاعات التي كذبتها الوقائع فيما بعد. وفي هذا السياق يعتقد بعض المتتبعين، أن تأخر الإعلان عن الطاقم الحكومي الجديد، مرده إلى التطورات السياسية التي أعقبت الانتخابات من جهة، وكذا الواقع الجديد الذي كرسته نتائج الاقتراع. فمسارعة العديد من الأحزاب ومنها حركة مجتمع السلم إلى إقرار فك الارتباط مع السلطة وعدم المشاركة في الحكومة المقبلة، فضلا على تلميح الآفلان إلى عدم رغبته في تجديد الثقة لأحمد أويحيى كوزير أول بحكم النتائج التي تحصل عليها الحزب، رغم الكشف عن نيته في الزهد في المنصب وعدم الإلحاح عليه، تجعل من رئيس الجمهورية يقف أمام جملة من المعطيات التي تفرض نفسها ميدانيا سواء على صعيد التوازن الجهوي أو التوازن السياسي، الذي يفرض توسيع قاعدة المشاركة في الحكومة، وعدم حصرها في حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي اللذين أعلنا استعدادهما للمشاركة، في حين ترفض باقي التشكيلات، التي تحظى بنوع من الثقل السياسي، المشاركة. وفي هذا الإطار تفيد مراجع سياسية أن الحكومة المقبلة، وإن كان لا أحد يعرف تركيبتها باستثناء رئيس الجمهورية نفسه، إلا أنها ستكون حكومة سياسية وليست تكنوقراطية، إذ سيتم توزيع الحقائب حسب نتائج الانتخابات، أي حصص أكبر للأفلان ثم الأرندي، مع إمكانية استحداث وزارات جديدة أو هيكلة أخرى من خلال دمج وضم وزارات متقاربة في وزارة واحدة، وتدعيمها بوزارات منتدبة أو كتاب دولة لتقليل الضغط على الوزارات الكبرى. أما من حيث التمثيل السياسي، فبالإضافة إلى الأفلان والأرندي تقول مصادرنا أن ما يسمى »مشكل التمثيل الإسلامي« في الحكومة غير مطروح على الإطلاق رغم مقاطعة »حمس« و »التكتل الأخضر«، ذلك لان أجندة رئيس الجمهورية تحتوي على العديد من الأسماء المحسوبة سياسيا على التيار الإسلامي، أمثال محمد علي بوغازي مستشار الرئيس، وعبد الوهاب دربال، ولحبيب أدامي أمين عام أسبق لحركة النهضة وسفير الجزائر سابقا في السعودية، فضلا على العديد من إطارات حركة »حمس« التي أعلنت نيتها في تلبية دعوة طاب الرئيس أن دعاها للمشاركة في الحكومة خدمة للمصلحة الوطنية، كما هو الحال بالنسبة للوزير السابق عمار غول ومصطفى بن بادة وغيرهما ممن يقرون بالمشاركة كخيار استراتيجي. علاوة على هذا فان بعض الحقائب السيادية ستكون كالعادة حكرا على ما يسمونهم بوزراء الرئيس، كالداخلية والخارجية والعدل والوزير المنتدب للدفاع الوطني. وتطرح مراجعنا فكرة في غاية الأهمية وهي إمكانية ذهاب الرئيس نحو تغييرات كبيرة وجوهرية في الجهاز التنفيذي تأخذ بالحسبان الرهانات المقبلة والأجندة السياسية والاقتصادية المسطرة لما تبقى من العهدة الرئاسية، لكن الأهم من ذلك هو بعث رسالة للرأي العام بحدوث تغيير وفق خطة الإصلاحات السياسية التي اقرها، خاصة وان هناك من يروج أن نتائج الانتخابات لم تؤد إلى ما كان مأمولا من تغيير في الوجوه والأداء والسياسات. وبخصوص الإعلان عن الحكومة، فترجح ذات المصادر إلا تتجاوز نهاية شهر جوان على أقصى تقدير، وتسوق بعض القراءات ذلك على أساس انتظار نتائج اللجنة المركزية للأفلان صاحب الأغلبية يومي 15 و16 جوان الجاري، لكن هذا العامل يبقى ضعيفا برأي أطراف أخرى.