وضعت حسابات تشكيلة الحكومة الجديدة على أرجوحة موازنات بين التوازنات السياسية والهاجس التقنوقراطي، وإن لم تتضح معالم الطاقم التنفيذي الجديد، إلا أن مكونات مستجدة للمشهد الانتخابي بعد إعلان المجلس الدستوري عن النتائج النهائية للتشريعيات تؤشر على تزكية الحكومة الحالية، إضافة إلى "عملية تجميل" تطال حقيبتين أو ثلاث. عدل المجلس الدستوري نتائج الانتخابات التشريعية، بإضافة 18 مقعدا لخمسة أحزاب، معظمها من المعارضة، وهو "تجميل" له دلالة تؤول إلى رسم معالم تشكيلة الحكومة الجديدة، بعد إقالة الرئيس بوتفليقة للوزراء الخمسة الذين أصبحوا نوابا، وتشير التعديلات النهائية لهيئة الطيب بلعيز إلى استجابة واضحة لاحتجاجات الأحزاب عن نتائج التشريعيات بما مكّن حزب العمال من سبعة مقاعد جديدة، وكذلك الأفافاس، في مقابل الاحتفاظ بنفس تشكيلة وزراء الآفالان في الحكومة، ومع انه فقد 13 مقعدا لا يستبعد ان يعود وزراءه في مجملهم إلى الطاقم التنفيذي. وتحمل إضافة سبعة مقاعد لحزب العمال والأفافاس دلالة أخرى عن سعي إلى إقناع زعيمة حزب العمال للدخول في الحكومة، وهو بمثابة عرض للحزب للاندماج في مسعى المشاركة الذي قاطعته حنون على مدار عشريتين من الزمن، وهي التي تعتبر أنه ما دامت الأغلبية ليست لها، فإنها لا تقبل بأي حقيبة وزارية. وفي الوقت الذي يستبعد فيه دخول الأفافاس الحكومة الجديدة، نظرا لمواقفه المعارضة، إلا ظهر بديل عن الأفافاس هو حزب عمارة بن يونس، حيث تكهنت قراءات بما مفاده أن بن يونس يكون تلقى عرضا للمشاركة في الحكومة، بغرض إيجاد ممثل عن منطقة القبائل، بعد أن كان الأرسيدي آخر من تخندق في الحكومة، عقب انتخابات 2002 ممثلا في عمارة بن يونس نفسه، الذي كان وزيرا للصحة، وعمر لوناوسي الذي مسك حقيبة وزارة النقل، قبل أن يخرج الأرسيدي مجددا إلى المعارضة. ويبتغى من محاولة استمالة ممثلين في الحكومة عن حزب العمال والأفافاس والحركة الشعبية الجزائرية لعمارة بن يونس، التعويض عن خروج وزراء حمس في الحكومة، وهم غول وبن بادة وخنافو، في وقت تستبعد العديد من الأطراف أن يكون الوزراء الثلاثة في أجندة الرئيس بوتفليقة للحكومة الجديدة، طالما أن الحركة التي ينتمون إليها كسرت عصا الولاء، وتخندقت في المعارضة، وقرأت إضافة ثلاثة مقاعد لتكتل الجزائر الخضراء في نتائج المجلس الدستوري الجديدة، مجرد "امتصاص لغضب" الإسلاميين في الجزائر. في سياق مماثل، طرحت احتمالات أن يلجأ الرئيس بوتفليقة إلى شخصيات غير متحزبة، أو بالأساس "تقنوقراطية" لتعويض الفراغ الذي أحدثته حركة حمس، خاصة في بعض الوزارات التي تتعامل بلغة الأرقام ووزارة التجارة واحدة منها. أما بخصوص قائد سفينة الحكومة، فتشير التوقعات إلى الاحتفاظ بأويحي وزيرا أولا، خاصة وأن الأفالان الذي حاز الأغلبية البرلمانية، قال أنه لن يطلب الوزارة الأولى التي تعتبر من صلاحيات الرئيس بوتفليقة، وهو ما يجعل أويحيى في راحة من أمره، وأكد الأمين العام للأفالان أن رئيس الجمهورية هو المخول بالفصل في منصب الوزير الأول بالدرجة الأولى. وعليه وبالنظر إلى النتائج التي أفرزتها الانتخابات البرلمانية يبدو أن الأفالان والأرندي اللذان حصدا الأغلبية الساحقة للمقاعد يمكنهما الاستئثار بالمناصب الهامة سواء في الحكومة أو في البرلمان، غير أن الأفالان ترك الانطباع على لسان بلخادم أنه يرغب في حكومة ائتلافية، في إشارة منه إلى إمكانية استمرار التحالف مع حركة مجتمع السلم، لكن الحركة أعلنت مبكرا عدم مشاركتها الأمر الذي أخلط أوراق بلخادم، كاختلاط أوراق حمس نفسها.