نفى أمس الزعيم التاريخي حسين آيت أحمد التصريحات الأخيرة للكاتب الصحفي المصري البارز محمد حسنين هيكل بخصوص الدور الذي لعبه الملك المغربي الراحل الحسن الثاني في قضية اختطاف طائرة قادة الثورة في 56، وهي شهادة متناقضة مع كثير من الشهادات ومنها ما جاء على لسان الرئيس الأسبق بن بلة، حين أعلن أنه تلقى تحذيرا بعدم توجه قادة الثورة إلى المغرب. قال آيت أحمد في حوار مسجل من باريس لقناة" ميدي1 سات المغربية" بث أمس ردا على اتهام حسنين هيكل قبل حوالي شهر عبر قناة الجزيرة للعاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني بالوشاية لصالح الفرنسيين، وتمكينهم من رصد واختطاف الطائرة التي كانت تقل قادة الثورة الخمسة،" أن فرنسا لم تكن في حاجة إلى وشاية لرصد الطائرة التي كان تقله رفقة أحمد بن بلة، محمد خيذر،محمد بوضياف ومصطفى لشرف لأن الاستخبارات العسكرية الفرنسية كانت في تلك المرحلة تتوفر على فروع لها في المغرب وتونس والقاهرة". وحاول آيت أحمد أحد أبرز القادة التاريخيين الدفاع عن دور المملكة المغربية إبان الثورة مكذبا ما صدر عن الكاتب الصحفي المصري بالقول أنه "كجزائري لا يستغرب ترويج شائعات خاطئة وتافهة تهدف إلى تحريف الحقيقة". وخلال استضافته في برنامج "ملفات الشاشة" للقناة التلفزيونية الفضائية المغربية "ميدي1 سات" المسجل من مقر معهد العالم العربي في باريس، قال زعيم الأفافاس المقيم في سويسرا منذ سنوات "إنه لم يكن من الوارد نهائيا أن يكون هناك تواطؤ من السلطة المغربية ، ما دام أن ولي العهد أبلغ الملك محمد الخامس بتحذيره ومخاوفه بخصوص المخاطر التي قد يتعرض لها الملك، الذي كان يرغب في أن يستقل نفس الطائرة التي تقل القادة الجزائريين . وعن سؤال حول هدف فرنسا الأساسي في عملية إيقاف زعماء الآفلان الخمسة، رد آيت أحمد إن هدف الجيش الفرنسي لأن هو الذي لديه احتكار إنهاء فتيل الثورة وحاول القيام بهجمات في الجبال لإنهاء القيادة الخارجية للثورة عبر توقيفنا. ويبدو أن العرش المغربي وفي مساعيه لتسويق رواية مغايرة لتلك المعروفة تاريخيا بخصوص الدور الذي لعبه في قضية اختطاف طائرة قادة الثورة في 56 لجأ إلى آيت أحمد المعروف برفضه العلني "للوصاية المصرية على الثورة الجزائرية في إشارة إلى تدخل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في شؤون جبهة التحرير، ومن باب ترسيخ هذه الرواية وتعزيز تصريحات حسين آيت أحمد بثته القناة المغربية ضمن نفس البرنامج الشهادة التي كان قد قدمها قبل سنوات ماكس لوجون كاتب الدولة الفرنسي في القوات المسلحة إبان هذه الواقعة، أي سنة1956، والتي توقف فيها عند الأحداث التي عرفها يوم22 أكتوبر 1956، حيث قال في تعليق على اختطاف طائرة القادة الجزائريين " كان الأمر يتعلق باعتراض سبيل طائرة، بطلب من الجنرال، القائد العام بالجزائر والجنرال، قائد المنطقة الجوية بشمال إفريقيا". وكان ماكس لوجون، قد أوضح في هذه الشهادة بأنه لم يكن بإمكانه أن "يترك الطائرة تمر، بينما كان العسكريون يطالبون باعتراضها"، وأضاف في هذا الصدد "إني أقول ، بأنه لم يكن بوسع أي وزير أن يعطي أمرا غير ذاك الذي أصدرته ". وفي وقت يعد الزعيم التاريخي حسين آيت أحمد والرئيس الأسبق أحمد بن بلة آخر القادة الخمسة الأحياء الذين شهدوا وعاشوا اختطاف الطائرة في سماء المتوسط، إلا أن شهادة آيت أحمد حملت حقائق مغايرة لتلك التي أدلى بها بن بلة في برنامج شاهد على العصر لقناة الجزيرة سنة2002 حين أكد في تعرضه لأول قرصنة جوية في التاريخ الحديث أن الأمور كانت تسير بصفة غير طبيعية خاصة وأن الملك المغربي الراحل محمد الخامس أخبر القادة التاريخيين عشية موعد السفر إلى تونس أنه سيقل طائرة خاصة به بذريعة أن الملكة سترافقه وأن طائرة أخرى ستقلهم بعدما كان مقررا السفر معهم على متن طائرة واحدة، وقال بن بلة في رده على سؤال حول ما إذا كان يشعر بخيانة مغربية حينها أنه لا يود الخوض بصراحة في الموضوع حفاظا على ما وصفه "بخدمة الصالح العام"، وتابع في روايته للوقائع والأحداث التي رافقت قضية الاختطاف أنه وفى لقاء جمعه بالرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر تم بهدف مد الثورة الجزائرية بالسلاح، تلقى تحذيرا شفهيا مباشرا من الراحل جمال عبد الناصر ثلاث مرات متوالية بعدم التوجه إلى المغرب. ولم تحمل شهادة آيت أحمد المبرأة للمغرب أي جديد بما أنه سبق وأن أدلى بنفس الشهادة عبر حصة بثتها القناة الثانية الفرنسية في 82، روى فيها وقائع تتعارض مع شهادة خبراء ومؤرخين مغاربة أنفسهم، حيث أكد فتحي الذيب أحد مؤسسي جهاز المخابرات العامة المصرية وإذاعة "صوت العرب" في إحدى شهاداته أن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر أكد للوفد الجزائري عن طريق أحمد بن بلة "أن المعلومات المتوفرة لدى مصر تؤكد وقوع مؤامرة ضدكم -يقصد بن بلة -، وضد بقية أعضاء الوفد"، "والسيد الرئيس أكد لي، يقول- فتحي الذيب-، أن أحاول منعكم من المشاركة في هذا المؤتمر الذي أرادته فرنسا مكرا وخداعا، فإن سافرتم ووقعتم فتذكروا كلام الرئيس عبد الناصر، لكن بن بلة قال له إنه لا يستطيع رفض ما قررته قيادة الثورة والأمر لله".