هل يمكن أن نخرج من جمودنا المخزي، ونهبّ هبّة رجل واحد لإنقاذ أهل غزة؟ لماذا نقوى، ونستعرض عضلاتنا على بعضنا فقط؟ ولماذا نلجأ لمجلس الأمن، ونستعين بالحلف الأطلسي لإصدار قرارات ضد بني جلدتنا فحسب؟ وفي المقابل، نخنع للتنديد والاستنكار العقيم، ونتخذ من كلمات الضعف شعارا لنا، عندما يتعلق الأمر بالعدو الصهيوني؟ ماذا لو قمنا بتسليح الفصائل الفلسطينية وكتائب عز الدين القسام وشهداء الأقصى، قبل أن نسلح »الثوار« المتمردين على حكوماتهم؟ لماذا لا تكون القنابل التي تسقط على تل أبيب ممولة من الجانب العربي، بدلا من أن تكون من صنع وتمويل إيراني؟ ولماذا تتخذ دول الخليج، إيران، عدوها الأول قبل إسرائيل؟ وهو الذي يصنع ويمول الحرب على إسرائيل، ونحن نصنع ونمول الفتن داخل الأمة؟ فهل ما يحدث من تناقض في السياسة العربية الآن أمر يقبله العقل؟؟ إن ما يقع من توجهات مختلفة نحو القضايا الراهنة، مواقف تدعو للدهشة، إنه لمن الغريب أن يقف بعض الزعماء العرب على منابر الديمقراطية التي تدعوا إلى تداول السلطة، وهم الذين ورثوا الحكم وسيورثنه لأبنائهم!! فكيف لهؤلاء الحكام خياطة ملابس الحرية لغيرهم وهم عراة؟ وهل من الممكن لهؤلاء الأمراء حثّ رعاياهم بعدم الخروج على الحاكم وولي الأمر، وفي المقابل يُحرّضون الشعوب الأخرى في الخروج على حكامهم وولاة أمورهم، فيأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم.. أفلا يعقلون؟ كيف لحكومة مثل حكومة قطر، أن تدعو لتكريس العدالة السياسية وهي لا علاقة لها بذلك.. لا شكلا ولا مضمونا؟، وليست لها أبسط مقومات هذا التوجه!! وكيف لها كذلك أن تشيد صرحا إعلاميا على أشلاء الشعوب العربية الأخرى، لتُظهر للعالم أنها تريد خدمة الحرية والمساواة؟؟ ومن جهة أخرى، كيف تحاول دولة مثل السعودية أن تبرهن بكل الأدلة الشرعية، وتثبت بكل المسائل الفقهية والعقائدية أن قتل المسلم لأخيه المسلم في شبه الجزيرة العربية، أو دولة من دول الخليج، مثل البحرين، لا يجوز شرعا وبأيّ حال من الأحول، ولكن عندما يتعلق الأمر بدولة مسلمة أخرى مثل ليبيا أو سوريا فالأمر مختلف تماما؟ هل يُنصّب العلم الأخضر للسباحة المسموحة فقط للدول العربية الخارجة عن مجلس التعاون الخليجي، للعوم في شواطئ الدماء، بحيث يُنصّب العلم الأحمر لدول الخليج عندما يتعلق الأمر بالخروج للشارع للمطالبة بحق من الحقوق الشرعية؟ وهل وصلت بهم السذاجة إلى درجة الاستخفاف بعقول الآخرين!؟.. ألا يخاف هؤلاء من شعوذة الدبلوماسية، وطلاسم السياسة الخارجية التي ستعود عليهم؟ وانقلاب السحر على الساحر؟؟.. حسنا، لماذا تدعي بعض دول الخليج أنها عرّابة الربيع العربي، وهي لم تعرف بعد شكل الربيع حتى في أحلامها؟ وهل يعتقد هؤلاء الحكام أن ما يقومون به من شطحات على منابرهم الإعلامية سيحميهم من عاصفة الشتاء التي تسبق الربيع؟ أم أنهم يعتقدون أن جرعات البترول التي يملكونها هي التي ستحميهم من ذلك؟؟.. إنه حقا استخفاف بالعقول الذي وصل إلى درجة الجهل بالعواقب!! والسؤال الصعب المطروح، بعد كل هذه الأسئلة المحرجة: لماذا لا يتخذ العرب موقفا جادا حيال ما يجري الآن في قطاع غزة، كما فعلوا من قبل في ليبيا، ويفعلون الآن في سوريا..!!؟؟