لست أدري لماذا أحس بأن عصر الحكام الظلمة والديكتاتوريين أصبح أفضل من العهد الذي يبشر به القادم به الربيع العربي؟! العرب هم الأمة الوحيدة في الكرة الأرضية الذين استبيحت أرضهم للغزاة خلال ال50 سنة الماضية أكثر من 30 مرة! وهم الأمة الوحيدة التي تنشط ضدهم الأممالمتحدة ومجلس الأمن والناتو! هل من الصدفة أن %75 من نفط العالم يوجد عند العرب؟! وهل من الصدفة أيضا أن ذلك تسبب في أن %75 من حروب العالم في المئة سنة الأخيرة جرت فوق أرض العرب وبأموال العرب أيضا؟! وهل من الصدفة أيضا أن أكبر زبون في العالم لتجار السلاح هم العرب؟! وهل من الصدفة أيضا أن أغبى الحكام في العالم هم حكام العرب؟! عندما قال وليام كونت وزير الدفاع الأمريكي الأسبق ذات يوم في محاضرة له في دولة الإمارات العربية: ”إن البترول والغاز العربي مسألة حيوية للعالم أكبر من أن يترك التصرف فيها لحكام عرب لا يقدرون قيمتها”! صفق له الحاضرون.. وكنت من بينهم وأنا أصفق له رغم إحساسي بشلل أصاب يدي؟! العرب يبيعون ثروتهم إلى غيرهم.. ويضعون أموالهم هناك في الغرب وعندما لا يتصرفون بحكمة يحجر عليهم وتجمد هذه الأموال وتصادر.. حدث هذا مع العراق ويحدث اليوم مع ليبيا وغدا سيحدث مع سوريا..! وقد حدث أيضا مع مصر وتونس.. وقد يحدث مع الجزائر في القريب العاجل..! في التسعينيات أخذت أمريكا أموال البترول السعودية والكويتية وغيرهما من دول الخليج ومولت حربها على العراق وأفغانستان.. وكان حجم هذه الأموال يعيد بناء الوطن العربي 5 مرات بماهو عليه الآن! وأخذ أموال العراق وراح الغرب يتصرف فيها بما يشبه الوصاية على القصّر! في سياسة تسمى ”النفط مقابل الغذاء”! وقتها أحسست بأن صدام حسين في العراق يعامل من طرف الأممالمتحدة ككلب ذلك الأمريكي الغني الذي مات وترك ثروة أوصى بها لكلبه المدلل! وقام المحامي الذي سجلت لديه التركة والوصية بممارسة الوصاية على أموال هذا الكلب فكان يدفع الأموال مقابل توفير الغذاء لهذا الكلب الذي ورث ثروة عن صاحبه! لقد أحسست بضيق في التنفس وأنا أرى مشاريع الثورات العربية في الربيع العربي الذي يبشر بالمستقبل العربي الواعد كل قادتها الفاعلين الذين قدموا من صالونات الغرب.. من الفنادق خمس نجوم لتحرير الشعوب العربية بالربيع العربي.. حدث هذا في تونس وفي مصر أيضا وحتى في اليمن وسوريا وليبيا..! والمصيبة أن الحكام المزاحين إما يقتلون كما حدث لصدام أو يفرون للخارج كما حدث لبن علي والقذافي وصالح اليمن.. أو يسجنون في صورة مهينة مشينة للبلد أكثر من إهانتها للحكام كما حدث لمبارك وسيحدث لبشار..! هل من الصدفة أن حكام العرب.. ووزراء حكومات العرب يضعون أموالهم الخاصة في الدول الغربية التي يناصبونها العداء في خطبهم! كيف يضع القذافي وبشار الأسد وبن علي ومبارك وعبد الله صالح أموالهم الخاصة والعامة في البنوك الأمريكية والبريطانية والفرنسية ويشتمون هذه البلدان صباح مساء في خطبهم؟! المعمرون والكولون الذين كانوا يتواجدون في البلاد العربية قبل 80 سنة كانوا يضعون أموالهم في البنوك الموجودة في هذه المستعمرات عكس هؤلاء الحكام اليوم؟! ما علاقة هؤلاء الحكام بهذه الأوطان.. إذا كانت أموالهم توضع في دول أخرى.. وممتلكاتهم يهربونها إلى الخارج.. وعندما يمرضون تتم معالجتهم في الخارج.. وعندما يغادرون الحكم يهربون إلى الخارج؟! ذات يوم سئل رئيس جزائري لماذا لا تترك الرئيس الذي سبقك في الحكم يغادر الجزائر إلى الخارج في تحويسة خاصة؟! فقال: له ذلك بشرط أن يعيد الأموال التي حولها إلى الخارج إلى أرض الوطن.. أما دون ذلك فلا يمكن أن نسمح له بمغادرة البلاد واللحاق بأمواله في الخارج!؟ ألا يحس كل عربي حر بالإهانة و”القنطة” وهو يرى ”عميد الحكام العرب” وملك ملوك إفريقيا القذافي وهو يبحث عن مكان في واڤادوڤو.. ولا تسعه أرض العرب من المحيط إلى الخليج؟! هل كان القذافي في تصرفاته العربية مع حكام عرب الغرب أسوأ من شاه إيران الذي استقبلته مصر السادات؟! ومات فيها؟! ألا يحس القذافي بالخزي والعار وهو لم يجد مكانا في بلاد العرب يقضي فيه بقية أيامه.. وهو الذي كان يلقب نفسه ويلقبه المتزلفون العرب بأمين القومية العربية؟! أليس الانتحار أفضل له من الفرار إلى واڤادوڤو؟! لقد كنت طوال حياتي أكره مبارك قدر كرهي لديغول.. ولكن عندما رأيت قادة المجلس العسكري المصري يتاجرون سياسيا بنعشه وهو حي وينقل إلى المحكمة على فراش المرض وأنبوبة السيروم في جسمه أحسست بالقرف من ممارسة السياسة في مصر بهذه الصورة القذرة والمقززة؟! لقد وصلت مصر في عهد الثورة إلى مرحلة من الحضيض لم تصلها من قبل حتى في عهد مبارك! فالعسكريون يريدون بناء مجدهم السياسي القادم على جثة مبارك في صورة مسيئة لمصر والعرب ككل أكثر من إساءتهم لما يسمى بثورة مصر الحديثة!؟ الديمقراطية هي بناء مؤسسات تناقش الحكام وهم في الحكم وليس الديمقراطية هي أن تحاكم الحكام وهم جثث ممددة في غرف الإنعاش!؟ انظروا إلى تركيا التي بنت ديمقراطية المؤسسات التي تناقش الحاكم وهو في الحكم.. ولا تناقشه وهو في القبر أو في غرفة الإنعاش كما هو حال الوضع في مصر الآن! مصر الآن يحاول العسكريون أن يخرجوها من الجغرافية كما خرجت من التاريخ على يد مبارك؟! ففي الوقت الذي يذهب أردوغان إلى غزة تقوم ”مصر العروبة” مصر الجامعة العربية بالسكوت على ما حدث في ليبيا لفائدة فرنسا.. بل وتتعامل مع أحداث ليبيا كما لو كانت أحداثا تقع في نيكاراغوا؟! ما الذي جعل مصر مبارك تتدخل ضد صدام حسين عندما قام بغزو الكويت.. ولا تتدخل في ليبيا التي حدث فيها ما حدث بصورة لا تمس بأمن ليبيا فقط بل تمس بأمن مصر بالدرجة الأولى.. بل وبمصالحها أيضا.. هل باع عسكر مصر ليبيا إلى الغرب مقابل السكوت على ما قد يحدث في مصر لاحقا؟! لسنا ندري؟!