تختتم نهار اليوم الأيام الطبية الجراحية السابعة، التي نظمتها في إطار التكوين المتواصل النقابة الوطنية لأخصائيي الصحة العمومية بداية من يوم أمس بالرويبة في العاصمة، وقد شارك فيها الأخصائيون من كل الولايات بأعداد كبيرة، وقد تناولت هذه الأيام بالبحث والدراسة ثلاثة محاور كبرى تحت باب موضوع الاستعجالات الطبية الجراحية، واتفق الجميع على أن الاستعجالات بوضعها الحالي، وبما هي عليه في مختلف الهياكل والمؤسسات الصحية والاستشفائية عبر الوطن هي بحاجة إلى إعادة النظر، بتمكينها من التنظيم، والرشادة في تسيير الطاقات والإمكانيات البشرية والمادية، ومنح التحفيزات، وما إلى ذلك. تناولت أمس وأول أمس الأيام الطبية الجراحية السابعة المنعقدة بالرويبة في ولاية العاصمة بالبحث والدراسة والتشريح ثلاثة محاور أساسية في موضوع الاستعجالات الطبية الجراحية، وهذه المحاور هي: الاستعجالات عند الأطفال، الاستعجالات عند الكبار، والاستعجالات الجراحية، وقد استمع وناقش وتدارس المشاركون العروض والمداخلات الطبية التي تقدم بها عدد من المختصين والباحثين، وقد مكنتهم من تبادل المعلومات، والمستجدات الطبية، وسمحت بتبادل التجارب بين أساتذة وأطباء كامل جهات الوطن. وحوصلة لهذين اليومين الدراسيين حول الاستعجالات الطبية والجراحية، قال ل"صوت الأحرار الدكتور محمد يوسفي، رئيس النقابة الوطنية لأخصائيي الصحة العمومية، التي أشرفت حتى الآن على سبع محطات في هذا التكوين المتواصل العلمي والطبي، إن المشكل الحاصل اليوم في الاستعجالات الطبية بمختلف الهياكل الصحية والاستشفائية يكمن في ضعف وانعدام التنظيم ، لأنه نظريا الإمكانيات المادية والبشرية متوفرة، وبما فيها الأدوية التي شهدت ندرة كبيرة، وواقع الحال أن الأدوية في حقيقة الأمر متوفرة بالكميات المطلوبة، ولكن المشكل الحاصل هو في التوزيع، ويعود أصلا إلى سوء التسيير الذي تعيشه المنظومة الصحية، وإلى الغياب الكلي لسياسة وطنية للصحة في الجزائر، والدليل على ما نقول أن الدولة خصصت وفق ما قالت الجمارك للأدوية والمواد الصيدلانية فقط حوالي ملياري دولار للسنة الجارية". وأضاف الدكتور يوسفي في نفس السياق: كانت السنتان الأخيرتان للوزير السابق كارثة على القطاع في مجال الأدوية، وعوض أن يسعى هذا الأخير لحل مشكل الأدوية، زاد الطين بلة، وعليه ما على الوزير الحالي عبد العزيز زياري إن أراد حل الإشكال بصورة نهائية أن يبادر بتنظيم أحسن، وتسيير أفضل، وكل ما من شأنه أن يُعيد ثقة المواطن في منظومته الصحية، وهذا ليس بالأمر العسير، بل يتوقف أساسا على قدرته في التكفل بعلاج هذه المشاكل، ويتوقف على مدى صلاحياته من الحكومة، لأننا نرى أن الصحة بوضعها الحالي لا تبدو أنها من أولويات الحكومة، وهو عكس ما نراهُ منها على سبيل المثال مع قطاعي التربية، والتعليم العالي، يُضاف إلى هذا يواصل رئيس النقابة ما دامت الحكومة هي بسلوكها وسكوتها وصمتها الحالي عن الهجرات المتواصلة لأخصائيي الصحة العمومية نحو القطاع الخاص، ونحو الخارج، فإننا لا نرى أنها مهتمة بهذا القطاع، ولا هي حريصة عليه، ولا توليه أي اعتبار، وقد هاجرت قطاع الصحة العمومية حتى الآن أعداد كبيرة، إذ لم يبق الآن بهذا القطاع سوى نسبة 5 بالمائة، وهو ما يساوي 400 أخصائي من مجموع 8000 أخصائي لهم أقدمية مهنية تفوق مدة عشرين سنة ، وهؤلاء كلهم هربوهم إما للقطاع الخاص، أو للخارج. وفي سياق عدم اهتمام الحكومة بالقطاع، قال يوسفي: لحضور هذا الأيام الطبية الجراحية وجهنا دعوة إلى وزير الصحة، والمدير المركزي للوزارة، وللأسف لم يحضرا، ولا حتى من ينوب عنهما أو عن الوزارة الوصية، وهذا في حد ذاته نوع من التهرب من المسؤولية، وكان من الأفضل لنا وللقطاع عامة أن يحضروا، لأنهم سيستمعون لما يُطرح، ويجيبون عن كل الانشغالات والاستفسارات، هذا في حد ذاته عدم احترام للصحة العمومية وللطاقم الطبي بها. وانتهى يوسفي للقول أنه ما لم تكن هناك سياسة للصحة في الجزائر، وما لم يُعاد النظر في المنظومة من قبل كل الفاعلين فيها فلن تكون هناك أية حلول لا للتكفل بالاستعجالات، ولا لغيرها من المصالح الطبية الأخرى.