أحدث قرار منع قروض شراء السيارات الصادر مؤخرا عن الحكومة والمتضمن في قانون المالية التكميلي، صدمة لدى عامة المواطنين خاصة ذوي الدخل المتوسط والطامحين للحصول على سيارة، معبرين عن استيائهم لمثل هذا القرار الفجائي الذي حطم حلمهم بعد أن تم رفض ملفاتهم لاقتناء سيارات جديدة، فيما عبر آخرون عن ارتياحهم للقرار باعتباره الوسيلة الوحيدة للحد من اكتظاظ السيارات وحوادث المرور المتزايدة، ولعل أكثر متضرر من هذا القرار هم أصحاب وكلاء السيارات باعتبار أن 30 بالمائة من مبيعاتها تأتي عن طريق البيع بالقروض البنكية. شرعت البنوك الخاصة في تنفيذ القرار الرئاسي الأخير المتضمن منع قروض شراء السيارات، وتوجيه القروض التي تمنحها البنوك والمؤسسات المالية إلى القروض العقارية فقط، وذلك في إطار الإجراءات الجديدة الهادفة إلى دعم قطاع السكن وتسهيل الحصول على قروض عقارية ودفع شركات صناعة السيارات إلى الاستثمار محليا، وهذا بعد سنة من إقرار رسم جديد على السيارات الجديدة. وفي هذا الصدد، أوقفت البنوك المصرفية استلام الملفات المتعلقة بمنح قروض للحصول على سيارات جديدة إلى جانب رفض الطلبات التي تقدم بها المواطنون مؤخرا للاستفادة من السيارات، مما شكل صدمة موجعة في أوساط المواطنين الطامحين في الحصول على سيارات جديدة خاصة منهم ذوو الدخل المتوسط، ذلك باعتبار أن الدفع الكلي مستحيل لدى هذه الفئة، حيث تعتبر عملية الدفع بالتقسيط أفضل وسيلة تلجا إليها العائلة الجزائرية البسيطة دعم قدراتها المالية والاستهلاكية من خلال اللجوء إلى الاقتراض لمواجهة آثار التضخم وتراجع قدرتها الشرائية على المدى الطويل دون أن يشعر بذلك بالرغم من الفوائد التي تجنيها هاته المؤسسات المصرفية جراء هذه العملية. من جهة أخرى، اقترح بعض المواطنين ضرورة إيجاد حلول أخرى تمكنهم من الاستفادة من قروض لشراء سيارات جديدة، كخلق قروض مالية على مستوى وكالات بيع السيارات يمكن التعامل معها بدلا من البنوك المصرفية، خاصة وأنه بعد إصدار هذا القرار ستعرف بذلك سوق بيع السيارات المستعملة ارتفاعا محسوسا في الأسعار حسب بعض الخبراء الإقتصاديين، مما سيشكل عجزا لدى المواطن في الحصول على سيارة قديمة أو جديدة، فالحل بالنسبة لهؤلاء المواطنين البسطاء هو إعادة صياغة هذا القانون بطريقة أخرى أوتعديله وأخذ مقاييس وإجراءات أخرى، مع ضرورة إشراك المواطنين في هذا القرار عن طريق ممثليهم في البرلمان، بدلا من منعه وحذفه نهائيا، إلى جانب إعادة النظر في سياسة القروض وعمل البنوك لا يأتي فجائيا بل يجب التحضير له من قبل عن طريق تشجيع الإنتاج الوطني. كما لاقى قرار المنع، استحسانا لدى مجموعة من المواطنين الذين اقتنوا سيارات عن طريق الدفع الكلي، مبررين وجهة نظرهم بأن عملية الدفع بالتقسيط تسمح لكل المواطنين بشراء سيارات مما يشكل عائقا حقيقيا أمام شبكة الطرقات الضيقة وازدحامها، إلى جانب أن معظم الذين قدموا طلبات للحصول على سيارات جديدة هم المتحصلون على رخص سياقة جديدة مما يسبب ارتفاعا في حوادث المرور التي أصبحت هاجسا حقيقيا، فيما أوضح آخرون أن هذا القرار سيسمح بعدم استيراد كمية كبيرة من السيارات خاصة ذات النوع الرديء باعتبار أن سوق السيارات في الجزائر عرفت دخول عدة علامات جديدة لا نجدها في البلدان المتقدمة، وبهذا يرى هؤلاء أن القروض العقارية هي أحسن وأفضل من القروض الاستهلاكية، باعتبار أن السكن من أولويات المواطن، مثمنين بذلك القرار الحكومي الذي يشجع على تمويل السكن وبالتالي الحد من أزمته. من جهتها، ستعرف وكالات السيارات تراجعا في نسبة المبيعات بسبب تراجع نسبة إقبال المواطنين على شراء السيارات مع احتمال انخفاض أسعار السيارات، وبالتالي التأثير السلبي على مداخيل الوكالات وعلى نشاطها خصوصا أن 30 بالمائة من مبيعاتها تأتي عن طريق البيع بالقروض البنكية، إلى جانب أنها تضررت جزئيا منذ السنة الفارطة بسبب إدراج رسم على السيارات الجديدة، إضافة إلى الأثر الرجعي الذي يعود على البنوك التي يتكون جزء كبير من مخزونها من قروض استهلاكية.