تمسك الرئيس الفلسطيني محمود عباس بحق المقاومة التي تكفلها الشرعية الدولية إلى جانب خيار السلام في افتتاح مؤتمر حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية. وأعلن في كلمة مطولة رفضه المتاجرة بدم الرئيس الراحل ياسر عرفات، كما هاجم بشدة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على خلفية منعها كوادر فتح بقطاع غزة من السفر للمشاركة في المؤتمر. وقال عباس إن اعتماد خيار السلام والتفاوض وفق الشرعية الدولية لا يعني وقوف فتح والسلطة عاجزتين أمام ما وصفها بالانتهاكات المدمرة لعلمية السلام، وأكد الاحتفاظ بحقنا الأصيل في المقاومة المشروعة التي يكفلها القانون الدولي، لكنه أكد أن حق المقاومة يرتبط بإجماع الوطن وتحديد أساليبه الملائمة ووقته المناسب، رافضا الانجرار إلى ما يمكن أن يسيء إلى صمود ونضال فتح، على حد قوله. وضرب عباس -القائد العام لحركة فتح- مثالا على المقاومة بما يحدث من مسيرات سلمية في بلدة بلعين أمام الجدار الفاصل وسقوط جرحى من المحتجين. وفي السياق ذاته أكد عباس رفضه لكل أشكال الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية. وبخصوص العلاقة مع إسرائيل، قال أبو مازن إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول حرف أنظار العالم من خلال اقتراح تسهيلات اقتصادية كبديل عن الحقوق السياسية. وأضاف أن الهدف الوطني الأسمى هو الاستقلال وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، مؤكدا أن السلطة لن توقع على أي اتفاق حتى يتم تبييض السجون الإسرائيلية جميعا، مشيرا إلى أن ستة قضايا يجب حسمها مع إسرائيل على رأسها اللاجئين والقدس والمستوطنات والحدود والمياه والأمن. وتطرق عباس إلى خطة خارطة الطريق، مؤكدا تنفيذ السلطة كامل التزاماتها فيما لم تبدأ إسرائيل خطوة واحدة باتجاه تنفيذ الخطة، وكشف عن أشواط قطعت في التفاوض، منها: تثبيت أن الأرض المحتلة هي غزة والضفة الغربية بما فيها القدس والبحر الميت ونهر الأردن والمناطق المنزوعة السلاح على حدود 67 بينهما ممر. وفيما يتعلق باتفاقية أوسلو عام 1993، قال عباس إن إعلان المبادئ الذي توصل إليه عرض على المجلس المركزي وأقر، كما عرض على اللجنة التنفيذية والمركزية للثورة وأقر، وأكد الرئيس الفلسطيني أن أوسلو حققت أول سلطة وطنية على الأرض الفلسطينية. أما فيما يتعلق بالخلافات الداخلية في فتح إثر تصريحات أمين سر الحركة فاروق القدومي واتهامه عباس والنائب محمد دحلان بالتورط في اغتيال عرفات، فقد أعلن الرئيس الفلسطيني أن السلطة الفلسطينية ستواصل البحث والتحري لمعرفة أسباب وفاة عرفات، ورفض ما وصفه بالمتاجرة بدم عرفات قائلا إن هذا عيب ويجب أن يتوقف. وخصص عباس الجزء الأكبر من كلمته لتمجيد عرفات والقادة التاريخيين للحركة. وسرد تاريخ انطلاق الرصاصة الأولى لفتح في الأول من جانفي 1965، وأبرز مآثر عرفات ودوره الكبير في انطلاق الثورة الفلسطينية. كما أكد التمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، متهما جهات فلسطينية لم يسمها بمحاولة تغييبها. واعترف أبو مازن بارتكاب حركة فتح أخطاء أبعدتها عن الجماهير، إضافة إلى ضعف الانضباط التنظيمي، مما أدى إلى خسارتها للانتخابات التشريعية وقطاع غزة. ووجه كلامه إلى أعضاء مؤتمر فتح قائلا إن الشعب يترقب نتائج هذا المؤتمر، داعيا المؤتمرين إلى جعل هذا التجمع منصة لانطلاقة جديدة تعزز النضال لاستكمال مسيرة الحرية والاستقلال، وتقديم رؤية لفتح تعكس فيها الحركة قناعاتها حول طبيعة الدولة التي ناضلت من أجلها. واعتبر المؤتمر فرصة نادرة لتحويله إلى ورشة عمل حقيقية لمواكبة المستجدات وتحديث فتح بنيتها الداخلية. واستهل عباس خطابه بمهاجمة حركة حماس على خلفية منعها عناصر فتح في قطاع غزة من السفر للمشاركة في مؤتمر الحركة، ووجه تحية لأبناء فتح في قطاع غزة الذين منعهم الانقلابيون من التوجه إلى الشق الآخر من الوطن. ووصف عباس أتباع فتح في غزة بالصامدين في وجه القمع والتعسف. واتهم الرئيس الفلسطيني حماس باعتقال عدد كبير من عناصر فتح في غزة، لكنه شدد رغم ذلك على أن الوطن سيبقى موحدا رغم أنف الجميع. وأكد أنه لن يسمح للظلاميين بأن يواصلوا نهجهم التخريبي الذي يستهدف أساسا ضرب المشروع الوطني الفلسطيني. وتطرق عباس إلى العلاقة مع حماس منذ البداية، مشيرا إلى أن الراحل ياسر عرفات كان أول من مد يده لمؤسس حركة حماس الشيخ الشهيد أحمد ياسين من اجل الشراكة. وسرد عباس من وجهة نظره ما قام به من إجراءات دستورية لتمكين حماس من تشكيل الحكومة بعد فوزها بالانتخابات عام 2006، وما قام به من محاولات لتسويق الحكومة دوليا وعربيا. واتهم حماس بالإعداد للانقلاب بعد اتفاق مكة بوضع متفجرات على طريق عودته وفي بيته، لكن رغم ذلك أشار عباس إلى أن الحوار استمر عبر مصر -التي امتدح دورها- دون نتيجة. وفي الختام جدد عباس دعوته إلى انتخابات عامة ورئاسية بعد فشل كافة جولات ومبادرات الحوار الفلسطيني مع حركة حماس برعاية مصرية، مشيرا إلى أن حماس ترفض ذلك. وسبق كلمة عباس افتتاح مفوض التعبئة والتنظيم وعضو اللجنة المركزية لفتح أحمد قريع لأعمال المؤتمر وقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء. وقالت مراسلة الجزيرة في بيت لحم شيرين أبو عاقلة إن هناك توجها لإعطاء قطاع غزة نسبة تمثيل 30% في مؤتمر فتح والانتخابات، حيث سيتم اختيار ستة من أعضاء اللجنة المركزية من قطاع غزة، إضافة إلى 30 عضوا في المجلس الثوري.