اجتمع مؤخرا ممثلو تسع دول متوسطية من بينها الجزائر بمقر مكتب البنك العالمي بفرنسا وقرروا إنشاء شبكة من المحققين والقضاة، هدفها العمل على تشجيع وتطبق التشريعات والمعاهدات في مجال محاربة التلوث البحري، وسن الأحكام والتنظيمات الضرورية بغية تجنيب البحر الأبيض المتوسط مختلف أشكال التلوث المتعددة (البحرية، الأرضية والجوية). الاجتماع الذي حضره ممثلو (الجزائر، مصر، اسبانيا، فرنسا، ايطاليا، مالطا، المغرب، تونس، ولبنان)، يهدف إلى إعطاء ديناميكية جديدة لعملية محاربة التلوث البحري بحوض البحر الأبيض المتوسط، وترقية التعاون الجهوي وتطبيق مختلف التشريعات والمعاهدات، وهي الغاية المتوخاة من إنشاء هذه الشبكة من المحققين والقضاة على المستوى المتوسطي، حيث تتولى إعداد التقارير وإنجاز الدراسات اللازمة حول حالة التلوث واقتراح الحلول المناسبة على الحكومات المعنية. وقد حظي هذا المشروع بدعم من البنك العالي من خلال برنامجه المسمى برنامج الدعم التقني الخاص بالبيئة بحوض البحر الأبيض المتوسط ، حيث قالت الممثلة القانونية للبنك العالمي بمناسبة تأسيس هذه الشبكة لم تكن الدول المطلة على المتوسط منذ عهد قريب، تهتم بالمحافظة على المناطق الساحلية، لكن نجد اليوم، أن معظم هذه الدول تتوفر على وكالات ووزارات للبيئة، إلى جانب سن تنظيمات تشريعية تنظم هذا القطاع، ولو أن تطبيق القوانين المتعلقة بالبيئة غير متساوي بين الدول المتوسطية. للتذكير، فإن مسألة محاربة التلوث من البرامج التي تضمنها تصريح رؤساء أول قمة متوسطية التي انعقدت السنة المنصرمة بفرنسا. وأضافت ممثلة البنك العالمي تقول بهذه المناسبة (تأسيس الشبكة)، أن القضاة والمحققين ووكلاء الجمهورية، يعانون في غالب الأحيان من نقص فادح في التكوين وقلة التجربة ونقص التجهيزات الضرورية للقيام بمهامهم على الوجه الأكمل، وتسيير أمور معقدة مثل القضايا البيئية، وهذه الحالة كثيرا ما قللت من الجهود المبذولة من أجل حماية التنوع البيئي في حوض البحر الأبيض المتوسط، فضلا عن غياب نظام قضائي ومصالح تكلف بإعداد التحقيقات وإطلاق المتابعات القضائية ضد الملوثين. وتحقيقا لهذه الغاية، أنشئت مثل هذه الشبكة الجديدة، التي ستعمل على تقاسم الخبرات وتبادل الممارسات العملية بين دول المتوسط وتوطيد التعاون بين القضاة في المجال القانوني من أجل تطبيق واحترام القوانين المعمول بها دوليا، ثم أن هذه الشبكة التي تجتمع مرة كل سنة ، يمكن أن تساعد على إنشاء نظام للإنذار المبكر بشن التلوث النفطي وكوارث بيئية أخرى، كما يمكن لهذه الشبكة أن تلعب دورا في تنسيق الإجراءات والعقوبات في المنطقة المتوسطية بهدف محاربة جنان الملوثين، أي الأماكن البعيدة عن الرقابة، حيث تقوم بعض الشركات وحتى بعض الدول بتفريغ موادها الملوثة بالبحر دون ادني اعتبار لصحة سكان هذه الجهة الساحلية أو تلك، وهو ما يفسر بروز بعض الأمراض الغريبة على شواطئنا من حين إلى آخر خاصة في فصل الصيف. وحسب دراسة أنجزت سنة 2008 ، فإن نصف المدن الساحلية المطلة على البحر، والتي يتجاوز عدد سكانها 100 ألف نسمة، لا تتوفر عل مصانع لمعالجة المياه المستعملة، مما يعني أنها ترمي بفضلاتها إلى البحر، كما عرف البحر المتوسط منذ سنة 1977 تسجيل حوالي 500 حادث تدفق النفط إلى مياهه.