بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين أيها الأخ العزيز يا أيها الراحل المستعجل اللحاق بالشهداء الأبرار والمجاهدين الأطهار هذه لحظة فاجعة فجائية تُغيّب عن دنيانا المجاهد عبد الرزاق بوحارة »كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام« صدق الله العظيم وإذ نرضى كل الرضى بقضاء الله وقدره تثبيتا للإيمان في الأفئدة المكلومة والنفوس الموجوعة فإن رحيلك عنا يثير اليوم بيننا، في هذا الجمع المشيّع لجثمانك مشاعر من الحزن البالغ والأسى العميق مشاعر من الحزن والأسى يمتد صداها إلى إخوانك المجاهدين وأصدقائك وكل الذين عرفوك وتمثلوا فيك خصال المناضل المجاهد وحماس الوطني الغيور على الجزائر واقتدار المسؤول المخلص الوفي لرسالة النوفمبريين ومكارم الإنسان الحريص في كل الأوقات والمواقع على تعزيز رصيده الثري. إننا في هذا الموقف الأليم وفي لحظة الوداع هذه، نبتهل إلى المولى عز وجل ونرفع إليه جل وعلا الدعاء لتتنزل الرحمات بردا وسلاما فتخفف على النفس الموجوعة بغيابك عنا ألمها وأحزانها وكيف للنفس أن لا تألم وتحزن وأنت من صفوة المناضلين وخيار المجاهدين نشأت منذ الأربعينيات فتى متشبعا بالوطنية الصادقة فشاركت وأنت في صفوف الكشافة الإسلامية في مظاهرات 8 ماي 1945? وما لبثت أن التحقت بجيش التحرير الوطني سنة 1956 بجبال خنشلة لم تسلك وأنت الرجل الوطني طريقا آخر هيأه لك تألقك التعليمي بحصولك المبكر والمتألق على شهادة البكالوريا في الرياضيات. غير أن قيادة جيش التحرير الوطني توسمت فيك تلك المرايا واستشرفت لك المكانة التي تليق بأمثالك من المتعلمين الموهوبين فكنت ضمن بعثة قيادة الثورة إلى الكلية الحربية بسوريا وتخرجت منها الأول في الدفعة. وتدرجت بعد ذلك في المسؤوليات إلى أن أوكلت لك قيادة الفيلق 39 على الحدود الشرقية بغار الدماء بتونس.. لتواصل بعد الاستقلال مسيرة القائد العسكري الميداني في الجيش الوطني الشعبي رئيسا لأركان الناحية العسكرية الثالثة ببشار ثم قائدا للقوات الجزائرية التي شاركت في حرب 1967 دعما للجيش المصري وبعد ذلك وزيرا للصحة .إن مسيرتك الوطنية الحافلية يا أيها الراحل عنا على حين غرة يوجزها عنوان كتابك »من الجبل إلى حقول الأرز« ويتوجها عطاؤك إلى آخر لحظة من موقعك نائبا لرئيس مجلس الأمة نعم من الجبل من جبال خنشلة الشماء إلى حقول الأرز بالفيتنام واللاووس وبنغلاديش، حيث عملت سفيرا، كنت الرجل الذي يدفع مع أبناء الوطن المخلصين بالجزائر إلى الأمام إلى الخطوات التي تُخرجها من عبء الإرث الاستعماري الثقيل فطوبى لك اليوم وقد قرت عينك بالجزائر وهي تحيي خمسينية استعادة السيادة الوطنية فشهدت مع إخوانك المجاهدين وأبناء الجزائر كافة هذا البلد آمنا مستقرا متوثبا إلى المستقبل بثقة وثبات. نودعك اليوم يا عبد الرزاق ونحن نحبس في عيوننا عبراتها ونُكبت في الأفئدة مشاعر فراق الأحبة . نودع فيك مناضلا ومجاهدا ومسؤولا وطنيا يترك بيننا فراغا لا يعوضه إلا الاحتساب إلى المولى تبارك وتعالى، فتغمدك الله برحمته وألحقك بالشهداء الأبرار والمجاهدين الأطهار. »يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي« صدق الله العظيم