كشف المختص في علم النفس، سليم زرقاوي أن التبول اللاإرادي عند الأطفال من أكثر الاضطرابات شيوعاً في مرحلة الطفولة، خاصة إذا تجاوز عمرهم الأربع سنوات، أي السن التي يتوقع فيها أن يتحكم الطفل بمثانته، مشيرا إلى الأسباب الرئيسية لهذه المشكلة على غرار الغيرة، المشاكل الأسرية والمدرسية، إلى جانب التأثيرات النفسية التي تتركها المشكلة على نفسية الأطفال كشعورهم بالخجل و عدم ممارسته الأنشطة الاجتماعية. وأوضح ذات المختص أن هناك عدة أسباب نفسية، اجتماعية و تربوية تجعل الطفل أسيرالتبول يقوم به بغير قصد منه، منها الإهمال في تدريب الطفل على استخدام المرحاض وهذا ما يسلب الطفل العادة في التحكم في أمره، إلى جانب قسوة وضرب الوالدين لهذا الطفل في حالة وجود الزوجين أما في حالة انفصالهما فان كثرة الشجار بينهما من شأنه أن يشعر الطفل بحالة من الخوف، مضيفا »من بين أهم الأسباب التي تربطنا بالمدرسة هو بداية دخول الطفل للمدرسة و انفصاله عن أمه، إلى جانب غيرة الولد بسب ولادة طفل جديد في الأسرة فيشعره بأنه يعاني من نقص حب وحرمان عاطفي من جانب أمه، هذا ما أكدته لنا الأم ليلى بشان ابنتها التي تبلغ من العمر 6 سنوات و التي لازالت تتبول بشكل غير إرادي وهي تبكي وتجلس في البيت، كما تحس بالخجل أمام أصدقائها، ما جعلني- تقول- أتوجه إلى المعلمة راجية منها تخصيص معاملة خاصة على أن لا تتكرر مشكلة التبول في القسم. من جهته يعاني الطفل صهيب 7 سنوات، من نفس المشكلة أي التبول لاإرادي في القسم، ما جعل معلمته تعزز من أساليب حسن المعاملة حتى لا يعيدها ثانية لكن دون جدوى، واضطرت المعلمة إلى استدعاء الأولياء اللذان أكدا لها أن جهازه البولي سليم ولكن الغيرة من أخيه الصغير هي السبب في حدوث ذلك. أما الأم أمينة التي تعاني ابنتها الكبرى من التبول اللاإرادي ليلا، حيث بدأت المشكلة عندها في سن الخامسة، استعانت بطبيب مختص لمدة سنة ولكن لم يأت الأمر بنتيجة رغم أن التحاليل جميعها سليمة، حيث نصحها الطبيب باستخدام أساليب التشجيع اللفظي مثل »أنت اليوم ممتازة لأنك لم تبللي في فراشك«، إلى جانب إيقاظها بعد ساعة ونصف تقريبا من نومها لقضاء حاجتها. وأشار زرقاوي إلى الأسباب العضوية والنفسية لهذا المرض، حيث يكون العلاج النفسي بعد التأكد من الشق الطبي أي خلو الحالة من مشاكل في المجاري البولية؛ والأورام، والمشاكل الخلقية التي تستدعي تدخل جراحي، إلى جانب العامل الوراثي والجانب الأكبر في هذه المشكلة هو الجانب النفسي للتبول اللاإرادي عند الأطفال نتيجة لضغط نفسي يتعرض له الطفل في الأسرة ونتيجة لمشاكل أسرية أو تنشئة اجتماعية خاطئة أو سلوك تربوي خاطئ أو تجاهل الأسرة بصفة عامة أو الأم بصفة خاصة بالطفل داخل المنزل والاهتمام بأخيها الأصغر أو يكون الطفل مدلل في الأسرة، كما يعاني بعض الأطفال من مشكلة في المدرسة وإذا نام الطفل وهو غاضب فهو ينفس عن نفسه بالتبول. وبخصوص التأثيرات النفسية التي يتركها التبول اللاإرادي على نفسية الطفل، قال محدثنا أنها تكمن مثلا في انخفاض تقديره لذاته وشعوره بالخجل، بالإضافة إلى عدم قدرة الطفل على ممارسة الأنشطة الاجتماعية مثل الذهاب في رحلات التخييم أو الإقامة عند الجد والجدة أو الأقارب، إلى جانب تأثره على طريقة معاملة الوالدين والأخوة للطفل. واقترح زرقاوي برنامجا خاص بالعلاج سواء للأم أو للمعلمة كتوفير الأجواء الهادئة في المنزل والمدرسة لإبعاد التوتر عن الطفل، توجيه الأخوة في الأسرة والزملاء بعدم السخرية والاستهزاء من مشكلة الطفل، إلى جانب ضرورة الالتزام بالهدوء والتحلي بالصبر في مواجهة هذه المشكلة، وإشعار الطفل بالثقة في النفس وترديد عبارات الثناء وتشجيعه بأنه قادر على التغلب على هذه المشكلة، وكذا ضرورة مراجعة الطبيب للتأكد من سلامة الجهاز البولي عند الطفل، وتشجيعه على النوم ساعات كافية بالليل، على أن ينام بالنهار ساعة واحدة فقط ، لأن ذلك يساعد في التغلب على مشكلة عمق النوم، وإيقاظ الطفل بعد ساعة ونصف تقريبا من نومه لقضاء حاجته، وتكرار ذلك بعد ثلاث ساعات من نومه، إلى جانب توفير أغطية وملابس داخلية بقرب الطفل وتشجيعه على القيام بتبديلها بمفرده في حالة التبول حتى يشعر بمسؤوليته تجاه هذه المشكلة، والعمل على تشجيعه على عدم تناول المشروبات الغازية والسوائل قبل النوم بثلاث ساعات على الأقل.