عادة ما يكون التبوّل اللاإرادي لدى الأطفال ظاهرة طبيعية تلازمهم منذ السنوات الأولى في حياتهم، إلا أن الوضع يختلف عندما تتعلّق الحالة بأشخاص كبار في السن، الأمر الذي يعتبره بعض الأفراد مدعاة للخجل، وسببا لإخفاء الحالة المرضية التي قد تكون أعراضا لأمراض أخطر بكثير. كثيرا ما يفضّل المصابون بهذه الحالة إخفاء مرضهم عن الآخرين، وغالبا ما تكون الزوجات والأمهات أمينات السر، في حال ما إذا كان الرجل هو الشخص المصاب، ونفس الوضع بالنسبة لحالات إصابة النساء بالمرض. ورغم الوضع غير المرغوب فيه، الذي يتسبّب في حدوث التبوّل اللاإرادي، وانعكاسات هذا الأخير على وظائف الأجهزة الحيوية الأخرى، إلا أننا نجد العديد من الحالات المصابة ترفض التوجّه للعلاج عند الأطباء بداعي ''الخجل''، ما يدفع بعضهم إلى القبول بالمرض والتعايش معه، خشية فضح أمرهم وارتباكهم من فكرة عرض حالهم على الأخصائي ورفضهم القاطع لمناقشتها. وفي الموضوع، أكد الدكتور عز الدين طناش أن حالات التبوّل اللاإرادي تنتج عن عوامل نفسية عصيبة، تطال الطفل بعد سن العامين، وغالبا ما تكون بفعل مشاكل اجتماعية محيطة به تعطّل راحته النفسية ونموه العقلي. وقال إن انتشار الظاهرة لدى الكبار عادة ما يكون مرتبطا بفترة طفولتهم، حيث يبقى الأمر يلازمهم إلى سن متأخّرة، إما بصفة دائمة أو متقطّعة، وقال عز الدين طناش إن المرض يمكن أن يتطوّر إلى حالة أخطر تتمثّل في ''التغوّط اللاإرادي''، وأوضح الدكتور، بخصوص الأسباب، أن الأطباء يفكّرون في تأثير وظائف الدماغ على الجهاز البولي، وإمكانية حدوث خلل به، بعد التأكّد من سلامة المحيط العائلي. وإجراء كل الفحوصات اللازمة التي تحدّد السبب بدقّة، حيث توصف لهم أدوية مهدّئة ومنوّمة، وعلاجات نفسية مناسبة، مبرزا أن الأطباء يبدون، في هذه المرحلة، تخوّفات شديدة من إمكانية حدوث التهابات أو تعفّنات في حال عدم التكفّل الجيد بنظافة الشخص المصاب. وحسب الدكتور طناش، فإن أزيد من 3 في المائة من المصابين بالتبوّل اللاإرادي تصل أعمارهم 18 سنة، وهو ما يؤكد- حسبه- وجود خلل في عمل المثانة وتخزين البول المنتج من الكليتين في المثانة البولية بعد مروره بالحالبين، والتي تستطيع تخزين ما يقارب 350 إلى 500 مليلتر من البول، حتى يحين الوقت المناسب لإخراجه بتحكّم مباشر من الدماغ والحبل الشوكي، وبتحكّم أيضا من الشخص ذاته. من جهته، أوضح الدكتور داود ماليك، مختص في أمراض الكلى والجهاز البولي، أن تخوّفات الأطباء في حالات التبوّل اللاإرادي تكمن في كونها أعراضا لمرض أكثر خطورة، وهو ما يستدعي من المختصين القيام بالتحاليل والأشعة اللازمة لمعرفة الخلل، وقال إن تأثير المرض على المثانة وعمل الكليتين يكون سببا في حال اكتشاف التهابات وتعفّنات ناجمة عن تلوّث يمسّ بيئتها ويسمح بتكاثر الجراثيم، التي قد تتحوّل مع الوقت إلى سرطانات وأورام في البروستات، خاصة عند الكبار الذين يزيد عمرهم عن 60 سنة، مؤكّدا أن بعض الحالات تستدعي القيام بعمليات جراحية لعلاجها. وتعود أسباب الإصابة بالمرض، حسب داود، إلى العامل الوراثي، كما يؤدّي النقص في إفراز الهرمون المضاد للتبوّل، والذي يُفرز من الدماغ بكميّات عالية أثناء النوم تساعد على تقليل إنتاج البول من الكليتين أثناء النوم، ما يساعد المرء على نوم ساعات الليل دون الحاجة للاستيقاظ للتبوّل. كما تُعتبر الإصابة بمرض السكري، حسب محدّثنا، من أهم دواعي حدوث التبوّل اللاإرادي، إضافة إلى التهابات وحصيات المسالك البولية، والإفراط في شرب الشاي والقهوة مساء.