تعد ظاهرة التبول اللاإرادي للأطفال أثناء النوم من أكبر المشاكل التي تعاني منها الأمهات مع أطفالهن، خاصة عند استيقاظهن كل صباح على رائحة البول الكريهة المنبعثة من الفراش المبلل، ليزداد سخطهن على الطفل وتتأزم نفسيته أكثر. و تعد مسألة تبول الأطفال اللاإرادي من المسائل التي تجد فيها العديد من الأمهات صعوبات خاصة في كيفية التعامل مع طفلهم ومساعدته في الإقلاع عن هذه العادة السيئة، ففي الوقت الذي تلجأ فيه بعض الأمهات إلى الضرب والصراخ في وجه الطفل المعني، تتعامل أخريات مع هذه المسألة بحيلة بإقناع ابنها بمكافأته بهدية في حال ما إذا تخلى عن هذا السلوك المشين، ظنا منها أن ذلك سيجدي معه نفعا للتخلص من العادة السيئة. وبين متفهم للحالة وساخط عليها يبقى التبول في الفراش ليلا من الأفعال اللاإرادية و اللاشعورية عند الصغار دون الخامسة. يعد تبول الأطفال في الفراش من بين أكبر المشكلات التي يواجهها الأولياء في تربية أطفالهم، على الرغم من أنه فعل غير متعمد من طرف الأطفال كونه يحدث أثناء الليل وهم يغطون في نوم عميق. إلا أن هذه المسألة من أكثر الأمور التي تجعل الأمهات اللواتي يعاني أولادهن من هذا المشكل يعشن على أعصابهن ويتعاملن مع الأمر بنرفزة كبيرة كون ابنهم تعود على تبليل فراشه في كل ليلة، وهو ما يجعلهن يحكمن على هذا الفعل بأنه حالة مرضية عادة ما تصيب الصغار نتيجة لغيرتهم الزائدة ممن حولهم والذين يتقاسمون معهم بيتا واحدا من الإخوة الأصغر سنا في الغالب. إلا أن هناك العديد من الأطفال يتبولون في الفراش ليس لهذا السبب النفسي، وإنما لخلل عضوي يحول دون تحكمهم في إمساك أنفسهم عن التبول. ولإثراء الموضوع أكثر اقتربنا من المختصين النفسانيين لتسليط الضوء على هذه القضية التي يعتقد العديد من الناس أنها مرضية. تقول المختصة النفسانية السيدة نعيمة سيروني إن تحكم الطفل في التبول أي بلوغه درجة إدراك أنه لا يجب عليه تبليل ثيابه تختلف من طفل إلى آخر باختلاف المراحل العمرية، لكن عموما يبدأ الطفل بالتفطن للأمر ابتداء من سن الخامسة وهو السن الطبيعي لإدراك الطفل لمثل هذا التصرف على الرغم مما يبديه الكثير من الأولياء من إحباط تجاه ابنهم عند بلوغه هذا السن وهو مايزال يبلل فراشه ليبذلوا كل ما بوسعهم لدفعه إلى الإقلاع عن التبول ليلا في الفراش، غير أن كل تلك المحاولات تكون فاشلة في أغلب الأحيان. وأضافت المختصة أن كل المحاولات التي يستخدمها الوالدان اتجاه أبنائهم قبل سن الخامسة تكون غير ناجحة، وذلك لأن هناك العديد من الأسباب الخفية والتي تكون لها علاقة بنفسية الطفل والتي تؤدى به إلى التبول، غير أن هناك حالة يكون السبب فيها لا علاقة له بالحالة النفسية وإنما سبب عضوي محض. وفي هذا الصدد يقول الدكتور'' هيشور '' مختص في طب الأطفال:''قد يتعلق السبب بعدة علل مرضية فمنها ما هو جيني متعلق بالوراثة بشكل كبير، وقد يكون الأمر متعلقا بخلل عضوي يتسبب في زيادة إفراز جسم الطفل للبول أثناء النوم أو يكون لدى الطفل مشكل صغر المثانة البولية بحيث لا يتحمل إمساك الطفل نفسه عن التبول لمدة طويلة، أو يكون السبب متعلقا بمعاناة الطفل من مشكل صحي على مستوى الكليتين أو الالتهابات المستمرة التي تصيب المثانة، إلا أن هذا الاحتمال يصيب الفتيات على الخصوص، وفي الغالب هذه هي الأسباب العضوية الأكثر شيوعا التي تؤدي بالطفل إلى التبول في الفراش حسب خبرتي الميدانية يضيف الدكتور. وأشارت المختصة أن الأسباب النفسية تتعلق بالأساس بعامل الغيرة الزائدة أو الخوف الشديد الذي يسكن الطفل أو نقص الحنان، وفي الأرجح هي من أكثر الأسباب المؤدية إلى التبول، وهو العامل الذي يسند إليه العديد من الأولياء مسألة تبول أطفالهم في الفراش، كما أن حياة الطفل داخل صراع عائلي حاد يولد لديه هذه العادة السلبية. وأضافت المختصة النفسانية أنه سواء تعلق الأمر بخلل نفسي أو عضوي عند الطفل يجب أن يسعى الأولياء بشتى الطرق إلى التخلص من العادة السلبية الملتصقة بطفلهم عن طريق علاجه لما تتركه هذه العادة من شعور وإحراج لدى الطفل خاصة إذا نام خارج البيت، ولهذا يجب عرض الطفل على طبيب من أجل فحص ما إذا كان يعاني من أي مشكلات صحية، أما إذا لم يكن المرض عضويا فهنا تتحول المسألة إلى قضية نفسية وتبدأ مهمة الأخصائي النفسي ، إلا أن مهمة الأولياء في هذه المسألة تلعب دورا كبيرا من أجل مساعدة صغيرهم على التخلي عن هذه العادة، ومن بين النصائح التي يمكن تقديمها إلى الأمهات إجبار الطفل على تغير فراشه المبلل بدل استمرار البقاء فيه، تدريب الطفل على التحكم في البول لفترات طويلة، وعدم تناوله مشروبات بكثرة قبل النوم، وهي نصائح نافعة للطفل بدل توبيخه وهو الخطأ الشائع الذي يقع فيه الأولياء رغم أن هذا التصرف لن يحل المشكلة بطريقة جذرية، كون الطفل يحتاج إلى مزيد من الحب والحنان والاحتواء بدل إحباطه و إحراجه أو توبيخه.