منحت، أول أمس ،وزيرة الثقافة ،خليدة تومي، درع التكريم ووسام الاستحقاق للفنان القبائلي أكلي يحياتين،بحضور نجوم الأغنية الامازيغية الذين أبوا إلا أن يشاركوا »الدا أكلي« الحفل التكريمي الذي نظم على شرفه بقاعة »الأطلس« والذي استمتع به الحضور من خلال النغمات والألحان المميزة التي أبدع فيها أيت منقلات ،ناصر مقداد ،أحسن نايت زعيم وفريد فراقي. وأطرب الفنانون أيت منقلات وناصر مقداد وأحسن نايت زعيم وفريد فراقي بالإضافة إلى الفنانة الصاعدة أمال زان الجمهور الغفير الذي تجاوب مع الأغاني المقدمة في هذا الحفل الفني. وتابع الحضور شريطا وثائقيا أعده التلفزيون الجزائري تناول المشوار الفني لأكلي يحياتن صاحب أغنية »المنفي« وأهم محطات سجله الفني الحافل بأغان عن الوطن والمرأة القبائلية والغربة. وقد شكل الفنان كمال حمادي المفاجأة لدى صعوده إلى المنصة ليروي للحاضرين لقاءاته التي جمعته بأكلي يحياتن بفرنسا إبان الثورة التحريرية حيث كان معظم الفنانين الجزائريين يقيمون حفلاتهم في المقاهي التي كانت مكان التقاء معظمهم. وقال حمادي انه عرف الفنان كمناضل حيث تحدث عن المصير الذي عرفه أكلي يحياتن عندما تم إيقافه في احد المقاهي الفرنسية أين أقام هناك حفلا فنيا واقتيد على إثره الى السجن لمساعدته في جمع الأموال لتمويل جبهة التحرير الوطني. وتواصل التكريم بوصلات غنائية أبدع في أدائها الفنان أحسن أيت زعيم الذي أعاد أغنية »ثمورثيو ثامورث اذورار« التي تغنى فيها أكلي يحياتن بمنطقة القبائل وبجبالها الشامخة. كما قدم ناصر مقداد وأمال زان وصاحب الأغنية العاطفية فريد فراقي مقاطع موسقية مثل »أزريغ الزين ذي ميشلي« و»ايناس اي وغريب« اللتين تحملان موضوع عن المراة القبائلية وقسوة الغربة. وتحت تصفيقات الجمهور ألهب لونيس أيت منقلات أحد عمالقة الأغنية الأمازيغية الملتزمة والشعرية قاعة »الأطلس« فصنع بأدائه أغنية »جاحغ بزاف ذامزيان« أو »هاجرت وانا جد صغير« لأكلي يحياتن أجواء بهيجة ظل فيها الحاضرون يرددون مقاطع من هذه الأغنية. وتعد هذه الأغنية من بين الأغاني الأولى التي سجلها الفنان أكلي يحياتن عند التقائه بالمايسترو عمراوي ميسوم حيث حقق عنوان الأغنية شهرة كبيرة للفنان رغم انه لم يتجاوز 24 سنة. وفي ختام الحفل، منحت وزيرة الثقافة خليدة تومي الفنان درع التكريم ووسام الاستحقاق ،كما وزعت على الفنانين المشاركين في الحفل علب تحمل تسجيلات للفنان المكرم. ويأتي هذا التكريم الذي يدخل في إطار سلسلة التكريمات التي تقيمها وزارة الثقافة بالتعاون مع الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تقديرا وعرفانا لما قدمه الفنان للأغنية الأمازيغية. يحياتن من مواليد سنة 1933 في بوغني بولاية تيزي وزو، تربى يتيم الأب، عانى ويلات الاستعمار، فانتفض في وجهه، الأمر الذي كلفه الطرد من أرضه وإرساله إلى المنفى بفرنسا، لتحزن عليه أمه حزنا كبيرا، وعندما بلغه ذلك، أطلق رائعته الخالدة »المنفى« عاش يحياتن محترما ومناضلا نظيفا، عانى السجن في زمن الاستعمار، كما استمر نضاله، لكنه ظل هادئا ونزيها لايشكك في وطنيته أحد. سجل يحياتن اسمه في السجل الذهبي للأغنية الجزائرية، فهو مؤلف، ملحن ومغن، عذب الصوت، حسن الصورة، أدى أغاني بالقبائلية والعربية وحتى الفرنسية، فمثلا رائعته »يا المنفي« بلغت المدى وتغنت بها الأقطار المغاربية فور صدورها في الخمسينيات، حيث مست حينها الوجدان الشعبي الذي كان مجروحا من ويلات الاستعمار. حوّل ابن آث منداس آلامه إلى إبداع، استمر طيلة مسيرته الفنية الحافلة ب 100 أغنية، أشهرها؛ يا »المنفي« و»أياخام« التي أداها بعد الاستقلال، والتي تدعو إلى حفظ الذاكرة والحث على التضامن، كذلك غنى يحياتن عن المرأة التي عانت وكانت سندا للرجل، خاصة الزوج الذي ترك لها مسؤولية الأسرة وتربية الأبناء، فيما تغرّب هو بحثا عن لقمة العيش في ديار الغربة.