كشف عبد الرحمان عرعار رئيس الشبكة الجزائرية لحماية وترقية حقوق الطفل »ندى« في حوار خص به »صوت الأحرار«، أن تفشي ظاهرة اختطاف الأطفال يعود الى نتيجة منطقية وحتمية، وهي تراكم الانحراف والجريمة التي باتت تأخذ عدة أشكال في مجتمعنا، مشيرا إلى ضرورة اتخاد القرارات الصائبة للحد من هذه الظاهرة بما فيها معالجة الخلفيات العميقة للجريمة ودراسة أسباب انحراف الشباب، مع فتح حوار وطني حول قضية الإعدام في الجزائر، داعيا الى إعادة النظر في قانون حماية الطفل الذي يكون الاطار الذي من خلاله يمكن حماية الأطفال وتفادي تسجيل ضحايا جدد. تعرف ظاهرة اختطاف الأطفال في الآونة الأخيرة منحى تصاعديا، ما تفسيركم لذلك؟ ¯حسب قراءتنا للواقع، فإنه منذ سنين نبهت الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل إلى انتشار ظاهرة العنف التي عرفت في الآونة الأخيرة منحى تصاعديا وذلك بسبب ما يعيشه المجتمع الجزائري من انعكاسات سلبية بما فيها هشاشته وضعف النسيج الاجتماعي الذي زاد من الانتشار الواسع للنزاعات التي انتشرت في المجتمع كالنزاع العائلي والتسرب المدرسي، وما ينجم عن ذلك من التراكم في الألم وعدم الوصول للحلول السريعة. للأسف كل ذلك أدى إلى الانتشار الواسع من وتيرة الجريمة والانحراف التي باتت تأخذ عدة أشكال وسيناريوهات في الأحياء، بوجود مجموعة من الشباب المراهق الذي يفرض قرراته في الحي، كما أن الذي زاد من استفحال الظاهرة هو الانحراف في الوسط الشباني بظهور العديد من الآفات الاجتماعية كتعاطي المخدرات والسرقة والاعتداء الجنسي، إلى جانب هذا فإن اختطاف الأطفال يعود أيضا إلى التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يعرفها المجتمع وضعف الآليات المعتمدة في حماية الطفولة، الأمر الذي يستدعي إيجاد آليات أخرى لمحاربة الجرائم ووضع حد لكل محاولة اختطاف، اغتصاب وعنف ممارس ضد الأطفال، كما لابد من الإسراع في اتخاذ القرارات الكافية التي تكون بتضافر جهود الجميع بما فيها السلطات المعنية والمواطنين قصد الحد من ظاهرة اختطاف الأبرياء. ¯ تعتبر ظاهرة اختطاف الأطفال دخيلة على مجتمعنا، ما هي الأسباب الرئيسة في انتشارها؟ ¯ ظاهرة اختطاف الأطفال تعود إلى الآفات الاجتماعية والانحراف الذي انتشر بسرعة كبيرة في الأوساط والشرائح الشبانية خاصة فئة المراهقين، تلك المتعلقة بالإدمان على المخدرات والسرقة وممارسة الجنس، إلى جانب الأوضاع الاجتماعية الصعبة التي يعيشها بعض الشباب على غرار المولودين خارج الزواج وليس لهم هوية عائلية ولم يتم التكفل بهم اجتماعيا ونفسيا وكذا أصحاب السوابق العدلية الذين ينبغي التكفل بهم ومرافقتهم باستمرار لإعادة ادماجهم في المجتمع حتى لا يساهموا في انتشار مثل هذه الظواهر الخطيرة على المجتمع، إلى جانب مخلفات المأساة الوطنية التي عرفتها الجزائر والتي أدت الى انعكاسات وسلوكيات سلبية لدى بعض الشباب الذين يتخذون العنف منهجا لحياتهم. ¯ بصفتكم من المدافعين عن حقوق الطفل، هل ترون أن ظاهرة الاختطاف تحتاج إلى تطبيق حكم الإعدام لردع الجناة؟ ¯ نحن اليوم أمام واقع وأمام ظاهرة خطيرة تسمى الاختطاف وأضحى الإعدام مطلبا شعبيا وجب وضعه على طاولة النقاش، وهذا يقتضي فتح حوار وطني حول قضية الإعدام في الجزائر، حتى نخرج برأي جامع لكل القوى السياسية والاجتماعية، وبالدرجة الأولى رجال الدين بعيدا عن الالتزامات الدولية، لأن المواطن في رأيى مقتنع بأن »من قتل شخصا يُقتل« وبلغة القانون هذا يتطلب أن نسمع جيدا لمؤسسات الدولة لأنه مطلب شعبي. وكرئيس لجمعية الدفاع عن حقوق الطفل أرى أنه لابد من الاسراع في أخد التدابير اللازمة من خلال فتح حوار جماعي من أجل الوصول إلى اتخاد قرارات صارمة، ونحن مع تنفيذ العقوبات ومسألة الاعدام تتطلب فتح نقاش من قبل الهيئات المعنية بما فيها الخبراء والمختصين وكذا علماء التاريخ والاجتماع. وفي إطار شبكة »ندى« ندافع عن حقوق الطفل، ونحن مع تنفيذ العقوبات اللازمة قصد الحد من ظاهرة الاختطاف في الجزائر التي باتت تقترف يوميا في حق أطفالنا الأبرياء وفي حق أوليائهم الذين أصبحوا يعيشون حالة رعب وكابوس دائم بسبب الخطر الذي يحدق بأبنائهم من قبل وحوش. ونجدد مطلبنا بفتح نقاش معمق مع تطبيق قرارات سياسية حكيمة وواقعية، إضافة إلى تكليفنا مجموعة من المحامين حتى يكون لنا رأي في الحكم بالإعدام الذي يتطلب أن يكون مبنيا على قرارات اجتماعية وموقف موحد. ¯ وزارة الداخلية تعتزم إعادة النظر في قانون العقوبات في جزئه الخاص بالعقوبات المطبقة على مرتكبي جرم اختطاف الأطفال »استثناء«، ما تعليقكم؟ ¯ قانون العقوبات موجود وصارم في موضوع الجريمة، والطفل في الجزائر محمي بقانون العقوبات لسنة ,1972 كما لا بد من إصدار قانون يحمي الطفل وإعادة النظر في المنظومة الاجتماعية والقضائية من خلال اعتماد آليات جديدة يشترك فيها المسؤولون والسياسيون وفعاليات المجتمع المدني، إلى جانب وضع تدابير وإجراءات جديدة وإستراتيجية عميقة، كما ندعو إلى اشتراك المجتمع المدني وإقامة محاكم مختصة في قضايا الطفولة مع استحداث جهاز مختص في محاربة الانحراف باشتراك المجتمع المدني. ¯ كان رئيس اللجنة الوطنية لترقية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني قد تقدم بمقترح حول تطبيق حكم الإعدام ضد خاطفي وقاتلي الأطفال ما تعليقكم؟ ¯ في رأيي، لا أعتقد أن هيئة بمفردها تستطيع أن تتخذ قرارا بخصوص الإعدام، ولكن ما يمكن أن يقال بخصوص هذه الظاهرة التي أخدت منحى تصاعديا في الجزائر هو أهمية أن يكون هناك حوار جامع لكل القوى السياسية والاجتماعية من أجل الخروج بقرار يكون بمثابة الاطار الذي من خلاله يمكن حماية هذه الفئة وتفادي تسجيل ضحايا جدد والحد من انتشار مثل هذه الجرائم ويكون بتطبيق أقصى العقوبات، أما الاعدام فلابد من دراسته مع رجال الدين والقانون والاتفاقيات التي صادقت عليها الجزائر. ¯ هل لديكم إحصائيات حول الظاهرة انطلاقا من النداءات التي تتلقاها الشبكة؟ ¯ لا يمكن تقديم إحصائيات بخصوص ظاهرة الاختطاف إلا مع الهيئات المختصة، ولكن شبكة ندى للدفاع عن حقوق الطفل قد وضعت رقما أخضر 3033 الذي كان مخصصا منذ 2008 لبرنامج »أستمع إليك« لفائدة الأطفال ضحايا أي شكل من أشكال العنف وسيوجه لتبليغ عن أي محاولة اختطاف، و قد سجلنا انطلاقا من الاتصالات عبر الرقم الأخضر 13 ألف و500 مكالمة منها 220 حالة تعلقت بالنزاعات العائلية والزوجية والاعتداءات الجنسية، إلى جانب تسجيل 18 حالة خلال السنة تعلقت بالجريمة والانحراف، وهناك أيضا اتصالات خاصة بطلب المساعدات من قبل الأمهات العازبات وطلب مساعدات من أجل تسجيل أبنائهن في المدارس وكذا المساعدات النفسية والقانونية. ¯في رأيكم، ما هي أهم المشاكل التي يتخبط فيها الطفل والشاب في الجزائر؟ ¯ أهم مشكل يتخبط فيه الطفل الجزائري هو العنف بجميع أشكاله إلى جانب البيئة الخاصة التي يعيش فيها والتي لا توفر له الظروف اللائقة في العيش، بالإضافة إلى نقص الهياكل الترفيهية والثقافية كالمسرح والسينما في الأحياء والمدن التي تساهم وبشكل كبير وبسبب الفراغ في انتشار مثل هذه الجرائم، كالإدمان على المخدرات والسرقة والتسول، فلابد من تجنيد محترفين في مختلف التخصصات في عمليات التكفل لتوفير مرافقة دائمة لفائدة الشباب ومساعدتهم على وضع مشاريعهم، إلى جانب فتح مناصب عمل في مجال التكفل الاجتماعي على مستوى البلديات متبوعة بتكوين في المجال مع إعادة النظر في قانون الجمعيات ونعطي الصلاحيات اكثر في التكفل حتى لا تبقى الدولة وحدها تتحمل العبء وكل واحد يؤدي دوره، إلى جانب التكامل في الميدان باعتباره مهما جدا. ¯ في رأيكم، هل قوانين حماية الطفولة كفيلة بالحفاظ على حقوق الطفل في الجزائر؟ ¯ لابد من إعادة النظر في القانون، فمثلا قانون الأسرة الذي ينص أنه في حالة طلاق الزوجين تحتفظ الوالدة بالبيت وبمجرد بلوغ الطفل سن 18 سنة ينزع البيت ، هذا يساهم في خلق ضحايا في المجتمع ويؤدي حتما إلى انتشار آفات اجتماعية خطيرة، حيث لا بد من انفتاح على وظائف اجتماعية جديدة وآليات اجتماعية جديدة، فالأسر تعاني وكذا العائلة التي يحدث فيها نزاع، مثل الخلع والطلاق، وكل هذه المشاكل لا بد أن تعالج في العمق وهي سبب في الاختطاف والانتحار، ولهذا لدينا 90 نقطة سوداء لابد من معالجتها إلى غاية ,2017 نقط سوداء في المنظومة كاملة لحماية حقوق الطفل في الجزائر، وبعضها موجود بناء على التقرير الثالث والرابع الذي قدمته الجزائر للأمم المتحدة، ولدينا ما نعمله ولكن البدء بالعمق والنية الصادقة في الميدان ، لتجاوز» البريكولاج« لأننا اليوم أمام ظاهرة اختطاف ولا نقوم فقط بحلول ترقيعية بسبب هذه الظاهرة، وأنا لا أشك في نوايا الحكومة ولا المؤسسات، بل بالعكس نحن نثمن الخطوة التي قامت بها الحكومة والمتعلقة بتناول ملف الطفولة على مستوى الحكومة خاصة تأسيس لجنة للمتابعة والتنفيذ. ¯ في اعتقادكم ما هي الحلول التي يمكن أن تقترح لضمان حماية كافية للأطفال؟ ¯ نحن اليوم في مفترق الطرق أمام كل ما هو مكتسب من حقوق لابد من المحافظة عليها والارتقاء بها، ولكن النقطة الثانية تتمثل في كل ما هو تحدي لهذه المكتسبات التي لابد أن نعالجها كالجريمة، الانحراف، التسول، تشغيل الأطفال وسوء المعاملة، وهذه كلها عوامل تزيد من حجم ظاهرة الاختطاف ولابد من حلول سياسية وقانونية واجتماعية ، إلى جانب وضع آلية سياسية ووطنية للوقاية من الانحراف والجريمة وكذا آلية التبليغ والإنذار الخاصة بالاختطاف، مع العمل على وضع قانون جديد لحماية حقوق الطفل وهو موجود على مستوى الحكومة الذي من شأنه تعزيز المنظومة الاجتماعية، القضائية والاجتماعية لحماية الأطفال. ثم لابد من ادراج حلول ميدانية، ذلك أنه ليس لدينا في الجزائر تكفل بالمراهقين، أمام غياب سياسة واضحة لإدماج المجتمع المدني في التكفل بهذه القضايا، في حين لابد من تأسيس مندوب الطفل الذي من شأنه أن يحمي الأطفال على مستوى الأحياء بالتنسيق مع البلديات والولايات والقطاعات المختصة، الى جانب ضرورة إدراج مراكز صحية خاصة بالطفولة من شأنها متابعة الطفل من الناحية الصحية والنفسية. ¯ كيف تقيمون تجربتكم في الدفاع عن حقوق الطفل؟ ¯ الآن لا يوجد وقت كاف لتقييم تجربتنا، ولكن مع ذلك يمكن القول أن تجربتنا في الدفاع عن حقوق الطفل هي جد إيجابية، وتبقى تجربة لا بأس بها منذ 6 سنوات فقط من تأسيس الشبكة ونأمل أن تصبح »ندى« بعد 10 سنوات مؤسسة احترافية في الدفاع عن حقوق الطفل.