تشابهت التصريحات التي أدلت بها القيادات النقابية بشأن اللقاء الذي جمعها أول أمس بممثلي وزارة التربية الوطنية، وخلُصت جميعُها إلى إن هذا اللقاء »كان إعلاميا« أكثر منه شيئا آخر، وأن وزارة التربية لم تُعطها أي جديد بشأن المطالب المرفوعة، إذا ما استثنينا التدابير التي كانت متخذة من قبل على غرار تسوية التنزيل في الرتب، وما تعلق منها بمنح المنطقة والامتياز، التي هي بصدد السعي لتجسيده. وبناء عليه ما هو مقرر من احتجاجات سيتجسد على أرض الواقع، وقد يطال حتى الامتحانات الرسمية، في حال تواصل الوضع على ما هو عليه. أكدت التصريحات النقابية التي أعقبت اللقاء الذي عقدته أول أمس وزارة التربية الوطنية مع نقابات القطاع، وأجمعت كلها أن هذا اللقاء، الذي تمّ مع ممثلي الوزارة لم يُفض إلى أي نتائج إيجابية بشأن المطالب المهنية الاجتماعية المرفوعة، فكل النقابات المشاركة في اللقاء صرّحت بفشله، واعتبرته لقاء إعلاميا فقط لا غير، لأنه في نظرها لم يرق إلى ما كانت تنتظره من وزارة التربية، وهذه الأخيرة في نظرها عجزت حتى على احتواء المطالب البسيطة التي تعنيها وتدخل ضمن صلاحياتها، وقد اكتفت فقط بذكر التدابير التي هي أصلا كانت اتخذتها سابقا، على غرار تسوية مسألة التنزيل في الرّتب. وما أشارت إليه النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، التي يرأسها مزيان مريان أن وزارة التربية لم تفعل أكثر من تصنيفها للمطالب المرفوعة إلى صنفين: مطالب مقبولة، تمّ التكفل بها، وهي في طريق التنفيد، ومطالب تتجاوز صلاحياتها على غرار منح الجنوب، ومطالب مؤجلة تتطلب تركيزا خاصا ودراسة أعمق مثل مراجعة اختلالات القانون الخاص بعمال التربية. وهو نفس المنحى الذي ذهبت إليه تقريبا النقابات الأخرى مثل الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، والمجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، وقد أكدت على أن ما تمّ مع الوزارة أول أمس هو أمر شكلي وإعلامي، ولم يُفض إلى أية نتيجة تُذكر، بل بالعكس لأن تواصل هذا الوضع سيُفضي بالضرورة إلى تأجيج الاحتجاجات، وتعميمها على كامل ربوع الوطن، مع التوجّه نحو مقاطعة الامتحانات الرسمية، وفي مقدمتها امتحاني البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط . ويأتي هذا في الوقت الذي أكدت فيه وزارة التربية في بيان أصدرته أنها شرعت في تنفيذ القرارات التي تدخل ضمن صلاحياتها بخصوص المطالب المهنية والانشغالات التي طرحتها النقابات، وأنها شرعت في تنفيذ القرارات التي هي من صلاحياتها، وقد طمأنت الوزارة النقابات على أن التكفل بمنحة الجنوب والامتياز هو جار من خلال التحضير والدراسة التي تجري بشأنها على مستوى الوظيفة العمومية، التابعة للوزارة الأولى، وسوف يتمّ تحقيقها قريبا. وبهذا تكون وزارة التربية والسلطات العمومية الأخرى قد ضيّعت من جديد فرصة امتصاص الغضب والإحباط العمالي الحاصل عبر ربوع الوطن، وتكون أساسا قد فشلت في طرح ما قد يوقف الإضراب الوطني المفتوح المقرر، الذي سيُباشره عمال التربية بولايات الجنوب ومعهم أيضا عمال الصحة والإدارة والتعليم العالي، ابتداء من يوم 5 ماي الداخل، ومن سيدفع الثمن غاليا في هذا الإضراب في واقع الحال هنا ليس العمال المضربون ولا الوزارة، بل هم التلاميذ، وبصفة أخص تلاميذ الامتحانات الرسمية التي لا تفصلنا عنها سوى بضعة أسابيع فقط . ومن الأهمية بمكان هنا أن تُذكر »صوت الأحرار« أن الإضراب الجهوي المتواصل لثلاثة أيام من كل أسبوع منذ مدة أربعة أسابيع متتالية قد أضرّ كثيرا بمقدار التحصيل التربوي لأبناء ولايات الجنوب والسهوب والهضاب العليا والأوراس، وسوف يُعيقهم في امتحاناتهم العادية والرسمية، وسيُعيقهم أكثر حين يبلغون الدراسة الجامعية، ومهما ستفعل مديريات التربية إن سعت نحو تدارك بعض الدروس، فلن تفلح بحكم قصر المدة التي تفصلنا عن مواعيد الامتحانات، ونهاية السنة الدراسية الجارية، وفي هذه الحالة لن تكون هناك ضحية أخرى غير التلاميذ، والتلاميذ وحدهم فقط.