تشير الإحصائيات إلى أن حوادث المرور التي تتسبب فيها الدراجات النارية في تزايد مستمر، والتي تؤدي في كل مرة إلى حصد أرواح، بسبب إساءة استعمالها من قبل الشباب، الإفراط في السرعة عدم استعمال الخوذات وعدم الالمام بالقيادة ، فيما تؤكد المعاينة الميدانية أن عدم تشديد مصالح أمن الطرقات العقوبات على أصحاب الدراجات، جعل هذه الفئة من السائقين لا تحترم قانون المرور وكأنها غير معنية بتطبيقه، لتتحول سياقة الدراجة الى نوع من الممارسات العشوائية التي لا تحمد عقباها . تنص القوانين على وجوب استعمال سائق الدراجة النارية ومرافقه خوذة مطابقة للمواصفات، لكن الواقع يؤكد أن نسبة تطبيق هذا الإجراء ضعيفة جدا بالنسبة للسائق وتكاد تكون منعدمة بالنسبة للمرافق، ناهيك عن إساءة استعمال الدراجة النارية في الطرقات وعدم احترام قانون المرور بصفة كلية، حتى أن بعض أصحاب هذه الدراجات النارية، لا يتوانون لحظة في القيام بمناورات خطيرة على مستوى الطرقات السريعة، وهي الممارسات التي تتكرر مثلا بالطريق السريع المؤدي إلى زرالدة، حيث يتسابق عدد من أصحاب هذه الدراجات ويتفننون في استعراض المناورات الخطيرة التي تجعل بقية مستعملي الطريق يكتمون أنفاسهم من هول ما يحدث، ويمكن الوقوف عليها يوميا. سائقو الدراجات لا يخضعون للمراقبة! ويتساءل مواطنون عن سبب استثناء سائقي الدراجات النارية من احترام قانون المرور، ومن تشديد العقوبات على هذه الفئة من السائقين، حيث أجمع معظم السائقين، الذين تحدثنا إليهم في الموضوع أن مصالح أمن الطرقات سواء الدرك الوطني أو الأمن، نادرا ما يقوم أعوان ذات المصالح بتوقيف سائق دراجة نارية، للإطلاع على وثائق دراجته والتأكد من حصوله على رخصة السياقة، رغم أن معظمهم يخترقون قانون المرور بشكل صارخ، ولعل أكثرها عدم ارتداء الخوذة على الرأس، التي هي بمثابة حزام الأمن لدى سائق السيارة. أحد هؤلاء السائقين قال لنا أن أن الشرطي أو الدركي يوقف سائق السيارة عند أول نقطة مراقبة أو حاجز أمني إذا لم يضع حزام الأمان وهي المخالفة التي تعرضه لعقوبة مشددة ، أما سائق الدراجة النارية يمر دون أن يلفت انتباه أعوان الشرطة أو الدرك وهو لا يرتدي الخوذة. ويرى سيد احمد بورنان سائق سيارة أجرة، أن أكثر الأماكن الخطيرة التي يتعرض فيها أصحاب الدراجات لحوادث المرور هي المنعرجات والمفترقات، حيث يقوم سائق الدراجة بمحاولة تجاوز لسيارة تستعد للانعطاف لليسار، ونظرا لصغر حجم الدراجات وسرعة مناورتها وتسللها بين صفوف السيارات، فإنه يصعب على سائق السيارة مشاهدتها في المرأة العاكسة للرؤية، خاصة إذا كانتهذه الدراجات تسير بدون إنارة، مؤكدا في ذات السياق أن مستعملي الدراجات النارية نادرا ما يستعملون الأضواء، ليلا ونهارا، مع أن ذلك ضروري جدا حتى يكونوا على مرآى من السائقين، فبريق الضوء المعكوس في المرايا العاكسة للرؤية يجلب انتباه السائق، وعلى سائق الدراجة النارية تفادي قدر الإمكان تجاوز السيارات قرب المفترقات خاصة اذا خفضت السيارة من سرعتها. ويرى محدثنا أن مصالح أمن الطرقات كثيرا ما تغض الطرف على أصحاب الدراجات النارية ونادرا ما تلاحظ توقيف سائق دراجة عند الحواجز الأمنية أو نقاط المراقبة، رغم أن معظم هذه الدراجات لا تتوفر على الإضاءة الأمامية والخلفية، إلى جانب عدم فعالية المكابح ، ناهيك عن عدم ارتداء سائقيها لعتاد الحماية كخوذة الأمان والبذلة الواقية، التي بإمكانها أن تقلص من الحوادث و من الإصابات القاتلة على الرأس. وتؤكد الاحصائيات المستقاة من المديرية العامة للأمن الوطني، عن تسجيل 625 حادثا مروريا، على مستوى المناطق الحضرية، تسببت فيه الدراجات النارية خلال الأربعة أشهر الأولى من السنة الجارية، نتيجة تهور الشباب والإفراط في السرعة وعدم استعمال الخوذات، إضافة إلى جهل أغلب راكبي الدراجات النارية بقانون المرور، فيما سجلت خلال 2012 ما مجموعه 2045 حادثا مروريا للدراجات النارية في إقليم اختصاص الأمن الوطني، منها 1296 حادث مرور تسببت فيه الدراجات ذات الفئة التي تقل مدة سيرها عن 5 سنوات، و458 حادث مرور السبب فيه الدراجات ذات الفئة التي تتراوح مدة سيرها مابين 5 و10 سنوات، و 162 أخر سببه الدراجات النارية ذات الفئة التي تتعدى مدة سيرها 10 و15 سنة. الدراجات النارية تسبب625 حادث مرور في أربعة أشهر وتبين الأرقام أن عدد حوادث المرور التي تقف وراءها الدراجات النارية، في تزايد بشكل ملفت للانتباه في الآونة الأخيرة، حيث أدت هذه الحوادث إلى حصد أرواح بشرية وإصابة آخرين بعاهات دائمة، نتيجة الإفراط في السرعة، عدم استعمال الخوذات وواقيات الرأس من الصدمات، عدم الإلمام بالقيادة، عدم الإلتزام بخط الطريق، وعدم احترام إشارات المرور، إضافة إلى تجاوز السيارات من جهة اليمين بدلا من اليسار، وغيرها من السلوكيات غير المسؤولة لسائقي هذه الدراجات. وكان مدير إدارة الاتصال والعلاقات العامة بالمديرية العامة للأمن الوطني، العميد أول للشرطة جيلالي بودالية، قد أكد أن إساءة استعمال الدراجات النارية بمختلف أنواعها من قبل الشباب، يجعلها نوعا من الممارسات العشوائية التي لا تحمد عقباها، نتيجة لافتقار هؤلاء الشباب إلى الخبرة الكافية، وعدم التزامهم بإجراءات السلامة كارتداء الخوذات وواقيات الرأس من الصدمات، والقفازات التي تمنحهم تحكما قويا أثناء القيادة، بالإضافة إلى ارتداء ملابس جلدية خاصة لحماية الجسم عند الوقوع من الدراجة، تفاديا للإصابة بإعاقات قد تلازمهم مدى الحياة. و أوضح أن الهدف من الحملات التحسيسية للوقاية من حوادث المرور، خاصة المرتبطة بالدراجات النارية، التي تنظمها مصالح الأمن الوطني عبر كامل التراب الوطني، من خلال إلقاء المحاضرات على مستوى المدارس، المراكز الثقافية ووسائل الإعلام، هو توعية الشباب بمخاطر القيادة المتهورة للدراجات، ورفع مستوى الثقافة المرورية لديهم بما يؤدي بهم إلى احترام قانون المرور، والإلتزام بارتداء الخوذة، خفض السرعة وتفادي كل المخاطر التي من شأنها أن تؤدي إلى حوادث مأساوية. ودعا ذات المسؤول مستعملي الطريق العام وخاصة فئة الشباب، إلى عدم التهور واللهو أثناء سياقة الدراجات النارية، لافتا إلى أن ذلك يشكل خطرا بالغا على حياتهم وحياة المارة من المواطنين، وشدد على أهمية زيادة التعاون مع الأولياء ومختلف الجمعيات الفاعلة في مجال الوقاية المرورية، لتعزيز مستوى الثقافة المرورية بين الشباب، وتحسيسهم بمخاطر الإستخدام الخاطئ للدراجات النارية، مضيفا أن للطريق آدابا وقوانين، تستوجب على جميع مستخدمي الدراجات النارية الحرص على القيادة بأمان وتعقل، حفاظا على أرواحهم وأرواح الآخرين.