تماما كما توقعه المواطنون، بدأت أسعار اللحوم الحمراء في الالتهاب تزامنا مع اقتراب مناسبة عيد الأضحى المبارك، حيث وصلت خلال نهاية الأسبوع المنصرم إلى مستويات قياسية، 1400دج بالنسبة للحم الغنم و1300دج للحم البقر، فيما لم تعرف أسعار اللحوم البيضاء أي استقرار ولو بشكل نسبي، حيث تراوح سعر الكلغ الواحد مابين 380 إلى 430 دج . لا حديث داخل الأسر أو في الشارع عندنا هذه الأيام إلا عن ارتفاع الأسعار، فالجميع يتساءل إلى أين تمضي الأمور، والى متى يتحمل المواطنون البسطاء هذه الزيادات المتتالية؟ وفي جولة استطلاعية قادتنا إلى عدد من القصابات عبر أحياء العاصمة والتي بدأناها بحي العاشور)غرب العاصمة(، وقفنا على حقيقة ارتفاع الأسعار بشكل ملفت للانتباه، حيث استقر سعر الكلغ الواحد من لحم الغنم عند 1400دج، فيما تراوح سعر لحم البقر مابين1300 إلى 1400دج. والملفت للإنتباه في قصابات أحياء العاشور والسبالة، هو أنها تعرض للبيع اللحوم الحمراء والبيضاء، هذه الأخيرة تراوحت أسعارها مابين390 و430 دج للكلغ الواحد . ولعل أول ملاحظة سجلناها خلال نصف ساعة من التجوال بين قصابات هذا الحي أن محلات بيع اللحوم المجمدة، التي اعتاد المواطن أن يجد فيها ضالته لا تعرف أي إقبال عليها بعد أن وصل سعر الكلغ الواحد منها إلى 800 دج . وحسب بعض الجزارين الذين تحدثنا إليهم، فإن القصابات شهدت تراجعا في إقبال الزبائن، منذ نهاية شهر رمضان، بسبب استمرار ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والتي بلغت مستويات قياسية، وباستثناء بعض المشترين، الذين تسمح لهم إمكانياتهم المادية في شراء بعض شرائح اللحم يكتفي الأغلبية بملاحظة مختلف أنواع اللحوم المعروضة، بأسعار تفوق قدرة المستهلك ذو الدخل المتوسط، والسؤال عن أسعارها ثم الخروج . وأرجع جزار بحي العاشور استمرار سيناريو غلاء أسعار اللحوم الحمراء إلى وجود عدة وسطاء في سوق التوزيع، الذين يعملون على تضخيم هامش ربحهم، لتصل هذه المادة الإسنهلاكية إلى المستهلك بأسعار ملتهبة. وعلى مايبدو فإن نفس الملاحظة يتم تسجيلها على مستوى مختلف أحياء العاصمة، وتحديدا العاشور، بن عكنون، الأبيار والجزائر الوسطى، هو أن الجزارون بدأوا في اعتماد زيادات جديدة تتراوح مابين 100دج إلى 200 دج في الكلغ الواحد، سواء بالنسبة للحم البقر أو الغنم وكأن التجار اتفقوا جميعهم على رفع الأسعار مع اقتراب العيد، الذي يفصلنا عنه أقل من شهر، وهي الزيادات التي توقعها المواطنون، الذين أصبحوا من العارفين بأحوال السوق عندنا. فيما يرجع الجزارون غلاء اللحوم الحمراء إلى ارتفاع أسعارها داخل المذابح والعدد الهام من الخرفان الموجهة للبيع على مستوى الحدود بشكل غير قانوني )التهريب)بغرض تحصيل أرباح طائلة. وفي ذات السياق دائما أشار عامل بقصابة الرحمة بسوق الأبيار أن أسعار اللحوم منذ منتصف السنة الماضية، عرفت استقرارا ملحوظا حتى وان كانت مرتفعة إلا أنها لم تتغير، ولم تعرف انخفاضا ولو بشكل نسبي حتى بعد مرور شهررمضان و يعود السبب في ذلك-حسبه- إلى أن أسعار اللحوم الحمراء بالنسبة للحم الخروف أو البقر على حد سواء مرتفعة جدا حتى داخل المذابح العمومية، وهذا لندرة الماشية خاصة الخرفان، بعدما صار الموالون يرفضون بيع مواشيهم وتسمينها من أجل بيعها خلال عيد الأضحى بأسعار مرتفعة . كل هذه المبررات بالنسبة للمواطنين واهية، الذين لم يخفوا استياءهم من الغلاء الفاحش، الذي تعرفه أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء لدرجة فاقت كل التقديرات. وبنبرة ساخطة على ممارسات التجار، قال مواطن التقينا به بسوق »كلوزال« بالجزائر الوسطى، متقاعد »إن جشع التجارهو الذي يؤدي دوما إلى ارتفاع الأسعار عند اقتراب المناسبات ولو أن ارتفاع الأسعار أصبح الآن واقع طيلة أيام السنة، غير أن ما نعيشه حاليا فاق كل التوقعات«، داعيا الدولة إلى تحمل مسؤوليتها في حماية المواطنين من جشع هؤلاء التجار الذي أنهك ميزانياتهم. ومن سوق إلى آخر بوسط العاصمة، فإن حالة الاستياء والشكوى من ارتفاع الأسعار هي العامل المشترك بين المتسوقين، الذين أبدوا تخوفهم من تواصل ارتفاع الأسعار.