سجلت الدورة السادسة لأيام مسرح الجنوب التي احتضنها المسرح الوطني الجزائري محي باشطارزي بالعاصمة من 23 إلى 30 من الشهر الجاري تطورا ملحوظا في أعمال الفرق المشاركة مما يبشر بخلق مسرح متميز في هذه المنطقة برأي النقاد و محترفي الركح لقد أكدت الكثير من الأعمال التي عرضت خلال هذه الطبعة التي عرفت ارتفاعا في عدد الفرق المشاركة بتسجيل 11 عرضا نضج هذه الفرق سواء من ناحية المواضيع المعالجة أو أداء الممثلين الذين كسبوا مع تعاقب الدورات خبرة و حضور على الخشبة و جرأة في مخاطبة الجمهور. وتميزت أيضا الدورة بتنوع في المواضيع المطروحة خلال 8 أيام من العروض اليومية مثلت مختلف مدن الجنوب مثل ورقلة و أدرار و تمنراست و النعامة و الواد و بسكرة و الأغواط و يقول الممثل و المخرج المسرحي المخضرم احمد بن عيسى الذي دعي للإشراف على الدورة السادسة في هذا السياق «أن المسرح في هذه المناطق عرف تطورا بفضل جهد و إصرار شباب مولع بالمسرح و وفي له». وشدد في نفس الصدد على ضرورة توجيه هذه الطاقات بدعمها بالإمكانيات سواء المادية أو التكوينية». وقد فرض الاختيار الموفق للمواضيع المطروحة التي كان لبعضها أبعادا فلسفية في تحريك انتباه المشاهد لمسائل تتعلق بواقعه و ما يختلج في أعماقه كما جلب اهتمام المتتبعين لشؤون الفن الرابع خاصة و أن بعض النصوص ذهبت إلى بعيدا باختيار مواضيع حساسة و آنية تعطي المشاهد صورة عن يومياته و حيرته في مواجهة مصيره في عالم أصبح أكثر تعقيدا و غموضا و من جهته اعتبر المخرج علي عبدون هذه الأيام بمثابة تمرين لهؤلاء الشباب حيث فتحت لهم كما قال فضاء المسرح الوطني لتقديم إبداعاتهم والتعريف بها و كذا معرفة رد فعل الجمهور ومحترفي المسرح. وقد نجحت الأعمال التي عرضت مثل «الرفاعة» لتمنراست و»نزيف» و «الجدار» لأدرار و أيضا مسرحيات «البخور السوداء» و «الفردوس المنبوذ» وغيرها في اختيار مواضيع جذابة قدمت بأسلوب مدروس و بلغة سليمة و ديكورات بسيطة لفسح المجال للمحتوى الدلالي للعبارات التلميحية. و سمحت هذه التظاهرة حسب أراء النقاد باكتشاف إرادة هذا الشباب الموهوب و الذي مازال في طور التكون في تقديم مسرح يقوم بدور تنويري في المجتمع و يعزز مفهوم المواطنة مسجلين بذلك مسرحهم ضمن المفهوم الحقيقي للفن الرابع. و يقول الممثل الشاب إبراهيم جاب الله في هذا المضمار»ان هذه الأيام كشفت أن جوهر مسرح الجنوب يطرح قضايا إنسانية مما يؤكد ان الجنوب خزان للقيم الإنسانية سواء على مستوى الطرح أو المضامين» مضيفا أن بعض الأعمال أكدت على حق الفرد في إنسانيته و تفكيره و حقه في العيش الكريم و تأسف إبراهيم لغياب الجمهور و خاصة المخرجين المحترفين و مدراء المسارح الجهوية عن التظاهرة معتبرا «أن هؤلاء فواتوا على أنفسهم فرصة اكتشاف مواهب صاعدة في الأداء». و بعيدا عن الركح عرفت هذه الأيام نشاطا على مستوى ورشات تكوينية تحت إشراف محترفي المسرح وكانت فرصة للشباب المشارك لتدعيم تكوينه و معارفه في مجالات التمثيل و الإخراج و أيضا استعمال تقنيات المسرح مثل الإضاءة و السينوغرافيا و استغلال الفضاء الأوسع و غيرها. عن هذا النشاط قال عبد الكريم لحبيب مدير فني بالمسرح الوطني أن الغرض منه هو دعم هؤلاء الشباب المدعوين مستقبلا لتسيير مسارح الجنوب بتكوين نظري و تطبيقي بتمكينه من معرفة طرق العمل و التسيير لاسيما في مجال إنتاج الأعمال المسرحية.