كشفت فعاليات الأيام السادسة لمسرح الجنوب (من 23 إلى 30 سبتمبر) التي يحتضنها المسرح الوطني الجزائري محي الذين بشطرزي بعد أربعة أيام من انطلاقها يوم الاثنين الماضي تطورا و نضجا في الأعمال المعروضة . وقد أكد هذا التطور النوعي العديد من متتبعي هذه التظاهرة المسرحية الجنوب والتي انطلقت سنة 2008 , المخصصة لإبداعات أبناء الجنوب بناء على الاعمال التي شهدوها لحد الآن و عددها اربعة . وكانت العروض بحسب هؤلاء النقاد والمسرحيين "متميزة " سواء من حيث المواضيع التي اختارها أصحابها و التي "كانت صعبة و فلسفية في بعض الاحيان " أو من ناحية الأداء والإخراج حيث تأكدت فعلا كما قالوا تلك الملاحظات التي سجلوها في الطبعات السابقة بشان رغبة وإرادة شباب المنطقة الشغوف بالمسرح في التعلم و التطور. كما يؤكد هذا التحسن حسبهم أهمية التكوين الذي حرص عليها المنظمون خلال كل الدورات السابقة . ونجحت الأعمال الأربعة التي عرضت و هي "الرفاعة" لتمنراست و"نزيف" و "الجدار" لادرار و" البقعة السوداء " لورقلة في اختيار مواضيع جذابة قدمت بأسلوب مدروس و بلغة سليمة و ديكورات بسيطة لفسح المجال للمحتوى الدلالي للعبارات التلميحية. وتناولت المسرحيات مواضيع متنوعة بعضها آني مثل الوطنية عند الشباب الجزائري و أخرى مواضيع تخص الصراعات الداخلية و الأحاسيس و الوجدان كما في "نزيف " بينما فضل صاحب مسرحية "البقعة السوداء "الغوص في متاهات و تناقضات الإنسان في مواجهة قدره. و حرصا على مواصلة جهد التكوين وإيجاد طرق التواصل بين الشباب ومحترفي المسرح تفتح مجال للنقاش عقب كل عرض بمقر إقامة المشاركين بحضور أساتذة ومحترفي المسرح على غرار الممثل و المخرج المسرحي احمد بن عيسى الذي دعي ل"لإشراف" على هذه الأيام مما سمح لهم بمعرفة أراء و ملاحظات المختصين بشان اعمالهم . بالتوازي مع هذا النشاط التكويني يتابع الشباب المشارك اشغال ورشتين "الاستغلال الاوسع للفضاء المسرحي و "كيفية استعمال مختلف التقنيات "الموجهة بالخصوص للتقننين المدعوين في المستقبل لتسيير المسارح الجهوية التي ستنجز هناك . عزوف الجمهور العاصمي عن العروض كما استمع الحضور في موعد "صدى الاقلام" نظم على هامش هذه الأيام المسرحية إلى قراءة نص مسرحي جديد لبوزيان بن عاشور مستمد من احدى روايات مالك حداد معتبرا ذلك تكريما لهذا الكاتب الجزائري الكبير. وبالرغم من التحسن الملحوظ في مستوى الفرق و تنوع الأعمال إلا ان توافد الجمهور على هذه الأيام المسرحية كان ضعيفا وقد يعود ذلك حسب البعض لنقص الجانب التحسيسي و الاشهاري من جهة و "تزامن موعد التظاهرة مع الدخول المدرسي من جهة أخرى" علما وأن دورة 2012 كانت قد برمجت في شهر ديسمبر . وتتواصل أيام مسرح الجنوب إلى غاية 30 سبتمبر الجاري بالمسرح الوطني بعروض أخرى لفرق من بسكرة و الواد و الاغواط و النعامة.