طالبت تسع منظمات حقوقية إسرائيلية الحكومة باحترام تقرير لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بالحرب على غزة والقيام بتحقيق جاد ومستقل كما يطالب التقرير الذي قوبل بانتقادات حادة من مصادر رسمية إسرائيلية. فعقب صدور تقرير رئيس لجنة تقصي الحقائق في الحرب على غزة ريتشارد غولدستون، الذي أدان إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد البشرية، أصدرت ثماني منظمات إسرائيلية بيانا مشتركا دعت فيه إسرائيل لعدم نفي «النتائج الشرعية» للتحقيق الدولي. وأكدت المنظمات بأن نتائج التقرير حول الحرب على غزة -الذي استند لشهادات فلسطينية وإسرائيلية- تنضم لسلسلة طويلة من التقارير التي اتهمت الجيش الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بانتهاك القوانين والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. وطالبت المنظمات في بيانها الحكومة الإسرائيلية بالرد بموضوعية على التقرير الدولي وتغيير سياساتها وعدم التشكيك بكل من لا يتفق مع روايتها الرسمية حيال الحرب على غزة التي تسببت بقتل وجرح آلاف الفلسطينيين معظمهم من المدنيين. وفي المقابل شنت الحكومة الإسرائيلية حملة شعواء على التقرير، حيث نقل موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» على الإنترنت عن مقربين من وزير الدفاع إيهود باراك قولهم إن مفاضلة تقرير غولدستون بين «الإرهاب وضحاياه لا يقبلها العقل». كما أوضح مقربون من باراك أن وزارة الدفاع تستعد لإعداد رد قضائي على التقرير لحماية ضباط الجيش من دعاوى قضائية. وأشاروا إلى وجود محاولات عبر القنوات الدبلوماسية والدولية من أجل جعل التقرير مرفوضا من الناحية القانونية. ونقلت مصادر سياسية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وباراك يدركان خطورة النتائج التي توصل إليها تقرير غولدستون، لكنهما يؤثران عدم الرد عليه رسميا في هذه المرحلة رغم قسوته والعمل على دراسة دلالاته المستقبلية بعمق، خاصة النقاط المتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية المختصة بجرائم الحرب وطرح التقرير للبحث على طاولة الأممالمتحدة. ومن جهته رحب رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية بتقرير لجنة تقصي الحقائق بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قبل ثمانية شهور، معتبراً أنه قدم إدانة واضحة بارتكاب إسرائيل جرائم حرب. وقال هنية في تصريحات للصحفيين خلال اجتماع حكومته الأسبوعي في غزة إن إسرائيل استخدمت نصف سلاحها الجوي وألوية متعددة براً وبحراً وقتلت بالجملة على مدار 22 يوماً في قطاع غزة. وأضاف «أن الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية في موقع الدفاع عن النفس وليس في موقع الهجوم، ولا يمكن على الإطلاق المقارنة بين الإمكانيات البسيطة التي تمتلكها المقاومة في غزة وبين القوة الكبيرة التي يمتلكها الاحتلال». وأكد هنية أن حكومته «سهلت عمل هذه اللجنة ووفرت لها المناخ اللازم من أجل أن تصل إلى الحقيقة الكاملة جراء الحرب الأخيرة التي تعرض لها القطاع». وقال إن مسؤولية قطاع غزة والضفة الغربية «تقع على عاتق الأممالمتحدة ويجب عليها متابعة جرائم الاحتلال التي ارتكبت». وكانت لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اتهمت إسرائيل والمنظمات الفلسطينية المسلحة بارتكاب جرائم حرب خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع. وقال رئيس اللجنة ريتشارد غولدستون إن فريقه توصل إلى أدلة أن جيش الاحتلال «ارتكب أفعالا تصل إلى جرائم حرب وربما بشكل أو بآخر جرائم ضد الإنسانية». وذكر التقرير أيضا أن إطلاق الصواريخ من جانب النشطاء الفلسطينيين على مناطق ليس بها أهداف عسكرية في إسرائيل يشكل أيضا جرائم حرب وربما جرائم ضد الإنسانية. وحسب التقرير، المؤلف من 574 صفحة فإن العملية العسكرية الإسرائيلية التي بدأت في 27 ديسمبر 2008 حتى جانفي الماضي «استهدفت شعب غزة بأكمله» من أجل«معاقبة» السكان. كما اعتبر غولدستون استمرار الحصار وإغلاق المعابر عقوبة جماعية تمثل جريمة ضد الإنسانية. وأوصى غولدستون مجلس الأمن الدولي باستخدام صلاحياته بموجب الفصل السابع من الميثاق لإلزام إسرائيل بإجراء تحقيق دولي شفاف في جرائمها التي وصفها التقرير بأنها تمثل بشكل أو بآخر جرائم ضد الإنسانية. وفيما أوصى التقرير بإجراء مماثل مع السلطة القائمة في غزة فقد دعا إلى إحالة الأمر برمته إلى المحكمة الجنائية الدولية في حالة تقاعس أي طرف عن إجراء ذلك التحقيق.