أقدمت الشرطة الفرنسيّة على تهديم أعشاش إقامة الحرّاڤة في ميناء كالي الفرنسي، في إطار سياسة أوروبيّة متشدّدة لمحاربة الهجرة غير الشرعية. فقد أصبحت قضيّة الهجرة محل انشغال الرأي العام ومبعث قلق لدى الهيئات االرسميّة بعد أن تحرّرت حركة تنقّل اليد العاملة بين الدول الأوروبيّة ال 27 وفي ظل استفحال آثار الأزمة الإقتصاديّة العالميّة على سوق العمالة. وهكذا، هجمت قوات الشرطة الفرنسيّة على مخيّم للمهاجرين غير الشرعيين، يوم الثلاثاء المنصرم، كان تأسس على ضواحي مدينة كالي، وعند أقرب نقطة من الضفّة المقابلة للشواطيء البريطانيّة. وعلى الرّغم من أنّ الشرطة الفرنسيّة التي كان تعداد افرادها 500 نفر قد ألقت القبض على قرابة 300 مهاجر من روّاد مخيّم كالي، فإن مئات أخرين منهم كانوا قد غادروه منذ أن أعلنت السلطات الفرنسية على الملإ، قبل أسبوع، عزمها على اقتحام الملجإ وتحطيم معالمه. وربّما هذا ما خطّطته السلطات الفرنسيّة لحملتها التي كانت من المفروض أن تطال قرابة 1500 مهاجرا، فلم يتم حجز سوى 278 مهاجر من بينهم 132 تقلّ أعمارهم عن سن 18. وقد نشأ المخيّم في أول الأمر سنة 1999، لاستقبال المهاجرين من كوسوفو، على أنقاض مركز قرب مدينة صانڤات على بعد بضعة كلمترات من كلٍّ من محطة القطار العابر للمانش وميناء كالي. ثمّ احتلّ المخيّم تدريجيا مهاجرون أغلبهم من أفغانستان والعراق. وفي الأصل، كان مؤهلا لاستقبال 900 مهاجر إلا أن منظمة الصليب الأحمر قالت سنة 2002 أن العدد وصل إلى ألفي نفر، ممّا جعل المركز أكثر من سكان صانڤات نفسها. وبدأت آثاره على السكان تظهر في الضغط على الخدمات في القرية وعلى انحسار السياحة فيها. كما بلغ حجم الخسائر الي تسبّبتها التأخيرات في رحلات القطار العابر للمانش، بفعل محاولات المهاجرين تسلّق القطار، 15 مليون جنيه كل ثلاثة أشهر. كما بلغ عدد الموقوفين خلال الستة أشهر الأولى من سنة 2001 أكثر من 18.500 مهاجر غير شرعي. وتقول الأرقام الرسميّة أن 88.500 محاولة لعبور القناة الأنڤليزيّة تمّ إحباطها خلال السنوات الخمس الماضية من بينها 61 ألف حالة من طرف القادمين عبر كالي وحدها، كما تمّ تفتيش أكثر من مليون عربة وشاحنة نقل. وبعد محادثات صعبة، توصّلت الحكومتان البريطانية والفرنسية لغلق صانڤات سنة 2002. ومنذئذ، انخفض عدد المهاجرين غير الشرعيين، الذين تمّ إيقافهم قادمين لبريطانيا عبر كالي، من أكثر من 10 آلف سنة 2002 إلى 1500 سنة 2006. وهو انخفاض يعود أيضا إلى إقامة هياكل مراقبة بريطانيّة على الأراضي الفرنسية من القناة العابرة للمانش. ولكنّ مع ارتفاع عدد طالبي اللجوء من جديد، فضّلت جمعيات إنسانية دوليّة وفرنسيّة وبريطانيّة، منذ الصائفة الماضية، إنشاء مركز لتقديم خدمات غذائيّة وصحيّة وإعلاميّة لفائدة ما يُقارب 900 طالب لجوء أصبحوا ينامون على أرصفة الميناء والمدينة. وهكذا تمّت تسمية المركز صانڤات 2. وعلى الرغم من حرص الحكومة الفرنسيّة على عدم توفره على مساكن لإيواء المهاجرين، انتقدت وجوده أحزاب المعارضة البريطانيّة لكونه، كما تقول، دعاية مجانيّة لجلب مزيد من طلبة اللّجوء في اتجاه بريطانيا مع خطر تحوّلة إلى قطب جاذبيّة لكل الراغبين في الهجرة لها. وبإقدام السلطات الفرنسيّة على عمليّة كالي، استبشرت الحكومة البريطانية خيرا لكون الحكومة الفرنسية بدأت الإستجابة الفعليّة لتطبيق التزاماتها بتصفية "وكر" المهاجرين غير الشرعيين الذين تعتبرهم مهاجرين مزيّفين وتميّزهم عن طالبي اللّجوء الحقيقيين الذين، تُوضّح، يمكنهم إيداع طلباتهم مباشرة لدى البعثات القنصلية البريطانية في دولهم الأصليّة. وتفتخر الحكومة البريطانيّة بأنّ القواعد التي تحكم تدفّق الهجرة للمملكة المتّحدة أصبحت الآن مُحكمة، سريعة وفعّالة. وقد خصّصت مصالح الهجرة البريطانيّة الملايين من الجنيهات لتعزيز الرقابة بما فيها استعمال كلاب التّفتيش وتنصيب تجهيزات عالية التكنولوجيا في معبر كالي، الذي تمرّ عليه 800 الف عربة نقل وشحن سنويّا، وغيرها من الموانيء الأوروبيّة، منذ 2004. وتشمل هذه التجهيزات أيضا مقاييس لرصد عدد دقّات القلب لتقتنص المرتعبين، ومسابير لقياس توفّر كربون الأوكسيد في العربات حتى تهتدي لأماكن تخفي الأفراد وكذا أجهزة مسح لأمواج الحركة في إمكانها اختراق عربات النقل. كما تمّ تشديد العقوبات على مالكي عربات وشاحنات النقل بحيث تصل إلى ألفي جنيه استرليني عند العثور على مهاجر غير شرعي داخلها. أمّا وزير الهجرة الفرنسيّ، إيريك بوسون، فقد اعتبر أنّ فرنسا: "قد حقّقت عمليّة بالغة الأهميّة" لأنّها نقّت المدينة من المهاجرين غير الشرعيين وصفّت قاعدة للمتاجرين في الهجرة غير الشرعيّة . وقد أوردت وكالة اللأنباء الفرنسيّة شهادات عن دفع أحد منهم مبلغ عشرة آلاف أورو للوصول إلى أوروبا قادما من باكستان عبر اسطمبول. ووعد الوزير بمتابعة نفس السياسة لتشمل بقيّة المخيّمات. وفي رأي السلطات الفرنسيّة، على لسان رئيس بلديّة كالي، فإنّ: "نظام اللجوء البريطانيّ المتسامح وما يُوفّره من مساعدات إجتماعيّة" هو السبب الذي يجلب المهاجرين للمدينة. وهذا ما استخلصه الباحث الفرنسي اسماعيل لعشر في دراسته سنة 2002. وتتّهم الساطات الفرنسيّة بريطانيا بكونها لا ترغب في تشديد قانون العمل بها حيث أن المهاجرين غير الشرعيين يعتقدون في توفّر حظ لهم في العمل بها لغياب قانون يُلزم الأفراد بحمل بطاقة هويّة معهم، على الرّغم من أنّ أرباب العمل مجبرين على التأكد من هويّة عمالهم، وإلا فإنّهم يتعرّضون لعقوبة مالية تصل إلى 10 آلاف جنيه. وعلى الرّغم من أنّه ليس من السهل التمييز بين طالبي اللجوء السياسي بسبب الأوضاع الأمنية في بلدانهم والمهاجرين الطامحين في حياة أفضل، إلا أن السلطات البريطانية رفضت التجاوب مع طلب الجمعيات الإنسانية والمدافعين عن حق المهاجرين لاستقبال بعض من أولئك المهاجرين غير الشرعيين المقيمين بكالي. وقد اعتبر الرئيس التنفيذيّ لجمعيّة استشاريّة في الخدمات المخصّصة للهجرة أن تصفية غابة كالي سيكون له نفس المصير المؤقت الذي لقيه غلق مركز صانڤات منذ سبع سنوات حيث انتقل مئات المهاجرين غير الشرعيين إلى مخازن محطة قطار كالي. واعتبر أنّ الفرنسيين لا يلعبون دورهم تجاه طالبي اللجوء. أمّا النّاطق باسم مجلس المهاجرين فقال أنّ هذه الطريقة لن تحلّ المشكل، إذ أنّها تتعامل مع مظاهر الأزمة وليس أصلها. وتوقّع المتشكّكون في فعاليّة العمليّة أن يلجأ المُطارَدون من كالي لشوارع المدينة نفسها أو الإختفاء بين أحراش ضواحيها أو الإنتقال مؤقّتا لنقاط جديدة عبر شواطىء بحر المانش الفرنسيّة. وبالفعل، فقد أكّدت صحيفة "الدايلي تلغراف " في مراسة لها أول أمس أنّ تلك المخيّمات عادت لتنصب أثافيها، كما كانت، كما أن قرابة ثلاثين من المهاجرين غير الشرعيين المحجوزين في العمليّة قد حظروا لدى جمعية خيرية لاستلام وجباتهم بعد أن أطلقت السلطات الفرنسية سراحهم. وصرّح العديد منهم للجريدة بأنّهم سيمكثون بالمركز إلى أن تُتاح لهم فرصة العبور إلى بريطانيا. كما سجلت الصحيفة انبعاث خمس مواقع جديدة على الأقل. وتحتلّ قضيّة الهجرة مركزا مهمّا في انشغالات الرأي العام في بريطانيا. وآخر شضاياها أصابت البارونة سكوتلند التي تشغل منصب وكيل الدّولة، وهو منصب وحيد وأعلاها في المراتب التشريعية في جهاز الدولة، حيث يتولّى صاحبه اقتراح القوانين باسم الحكومة وتقديم الإستشارة القانونية لها وكذا المسؤوليّة عن منظومة قانون العقوبات. فقد اكتشفت مصالح الهجرة أنّ البارونة تُشغّل مهاجرة غير شرعيّة، كما أخلّت بالإلتزام بنصوص قانون الهجرة، الذي دافعت عنه هي بنفسها أمام مجلس اللوردات، إذ لم تحتفظ بصورة طِبْق الأصل لجواز سفر العاملة في بيتها. وهكذا، عوقبت بغرامة 5000 آلاف جنيه، وهي أقصى ما ينصّ عليه القانون. ومع ذلك، يصرّ زعماء المعارضة على المطالبة بعزلها من منصبها الذي أساءت لمقتضياته الأساسية كما يقولون. بل إنّ أحد العاملين تحت إمرتها، على الرّغم أنّه نائب من حزبها الحاكم، استقال من منصبه احتجاجا على عدم الصرامة في عقابها. ولم يشفع في بقائها في منصبها سوى إصرار رئيس الوزراء على الدّفاع عنها شخصيّا. ويمارس اليمين واليمين المتطرّف، خاصة، تَهَجُّمه على سياسة الحكومة في مجال الهجرة واصفينها ب "الليونة"، ويحمل لواء هذه الحركة، خاصّة، صحيفتا: "الدايلي ميل" و"الإكسبريس"، اللتين ذهبتا للحديث عما يعتبرانه: "التهديد بالغزو من كالي". ويعتقد السير أندرو غرين، رئيس جمعية "ميغرايشان واتش" التي تراقب ظاهرة الهجرة في بريطانيا: أن المهاجرين مصطفّين على أعتاب كالي لأنّ بريطانيا تمارس سياسة متساهلة مع طالبي اللجوء. وإذ عبّر وزير الداخليّة البريطاني عن ابتهاجه لعمليّة تفكيك المخيّم، فقد اعتبرت جمعيات الدفاع عن حق المهاجرين أن الموعد قد حان للدفاع عن مبدإ طلب اللجوء السياسي. فقد رأوا في ذلك الموقف أن الحكومة البريطانيّة تستجيب للضغوط التي تمارسها الدوائر اليمينية، متجاهلة اتفاقية جينيف 1951 المتعلقة باللجوء السياسي. ويذهب الصحفي ألن ترافيس إلى أن أغلبيّة المهاجرين يأتون عبر مطارات هيثرو وغاتويت بلندن إمّا كزوّار أو كعمّال مؤهّلين للإقامة المحدودة ثمّ يبقوا بعد انتهاء مدّة التاشيرة التي استفادوا بها. وفي رأي المدافعين عن المهاجرين، فإنّ هؤلاء المهاجرين لم يتنقّلوا في رحلة سياحيّة لاقتناص فوائد الضمان الإجتماعي السخيّة في أورويا، كما يُروَّج عنهم، بل جاؤوا من دول تتجشّم عناء الأهوال في أسوإ بؤر التوتر والمآسي عبر العالم، ومن بينها أفغانستان والعراق وإيريتيريا. وبالنسبة للمدافعين عن حق هؤلاء المهاجرين، فالمسألة يجب النظر لها، من طرف السلطات البريطانيّة، نظرة إنسانيّة حيث أنّ للدول التي جاء منهم أغلبيّتهم لها علاقة تاريخية مع الأمبراطريّة التي كانت يومًا مَا لا تغيب عن أرجائها أشعّة الشّمس. وبالتالي، فالغالب أن يكون لديهم ارتباطات عائليّة بها، أو على الأقلّ، وجود شخص ما قد يساعدهم في مواصلة مغامرة الإقامة. كما أنّهم من المرجّح أن يكونوا مالكين لناصية اللغة الأنڤليزية، ممّا يجعلهم ميّالين لتفضيل الهجرة لبريطانيا، تماما كما يُفضّل أبناء شمال إفريقيا الذهاب لمارساي. بل ويرون أن وزير الداخليّة الأسبق، دافيد بلانكات، كان أكثر مرونة لدى غلق مخيّم سنة 2002، حيث وافق على إتاحة الفرصة لطالبي اللّجوء بأن يأتوا لبريطانيا لتقديم طلباتهم والبت فيها، استجابة لتلك الإعتبارات. ولكنّ الحكومة الحالية ترفض هذا الإقتراح، لكونه سيفتح الباب لجلب أصول وفروع المهاجرين بدون أيّ قيد، وهذا ما يُعتبر حلا غير واقعي البتة. وبنظرة أكثر شمولا على المستوى الأوربيّ، فقد كانت تقرّرت حريّة تنقّل اليد العاملة فيما بين دول المجموعة. وعندما حلّت الأزمة التي أطاحت باقتصاديات الدول الأوروبية ال 27، أصبحت الهجرة من خارج دولها مصدر قلق سواء لدى البطّالين أو الحكومات أو الساسة. وفي سنة 2008 كان هناك 240 ألف طالب للّجوء السياسي ضمن دول المجموعة الأوروبيّة، منهم 42 ألف في فرنسا و30 ألف في بريطانيا (مقابل مئة ألف سنة 2002) و19 ألف لليونان. وعلى إثر عمليّة الشرطة الفرنسيّة في مخيّم كالي، كان التساؤل في بريطانيا: لماذا لم يستفد هؤلاء المهاجرون من طلب اللجوء، وقد مرّوا على دول أوروبية أخرى؟ والحال أن سياسة الدول الأوروبيّة، فيما يتعلّق باللّجوء، تحكمها قواعد ما يُسمّى بأحكام دبلن الثانية التي تنصّ على مبدإ مسؤوليّة الدّولة الأولى التي يدخلها المهاجر في أن تنظر في حقّ طلب اللّجوء. وهذا ما يجعل دول البحر المتوسّط مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا، الأكثر قربا من دول الجنوب، الأكثر عرضة لتكون أرض الإستقبال الأولي. وبالتالي، كانت تلك الدول سبّاقة للمبادرة بسياسات أشدّ صرامة تجاه المهاجرين غير الشرعيين. فقد شهدت الحدود الإسبانيّة والفرنسيّة إقبال أكثر من 80 ألف مهاجر من شمال إفريقيا. لا يعلم، إلا الله، عدد من انتهي مصيره في جُبّ البحر. أمّا البقيّة، فغالبيتهم تلقى الهوان على يد سلطات دول جنوب البحر المتوسط، إذ ليس لدى الضحيّة منهم سوى التخفّي تحت رداء حقّ طلب اللّجوء. ويبيّن نموذج كالي أنّ فرنسا قد فضّلت على دراسة حالات المهاجرين فرديّا أن تحشربعضهم في تلك الغابة مانحة لهم سخاءها الإنساني متمثّلا في إبقاء إمكانيّة تحيّن فرصة العبور إلى بريطانيا. أمّا اليونان، فقد تشدّدت في منح حق اللّجوء، حيث لم تمنح هذا الحق سوى لثمانية أشخاص من بين أكثر من 25 ألف طلب خلال سنة 2007 ومن بين 20 ألف طالب للّجوء خلال سنة 2008 حصل 379 منهم على هذا الحق، تحت ضغوطات واسعة. وفي نفس الوقت عملت للحيولولة دون دخول هؤلاء إلى دولة أوروبيّة أخرى حتى لا يُحالوا عليها من جديد بحكم قانون دبلن 2. ولشدّة صرامة وقسوة معاملتها معهم، أدان بشدّة مدير سياسة الهجرة لدى منظمة: "هيومان رايتس واتش" سياسة الترحيل القصريّة التي يلقاها المهاجرون على يد السلطات اليونانيّة التي ترغمهم على ركوب قوارب صغيرة للوقوع في يد سلطات أخرى، كما حدث لبعض الجزائريين الذين وجدوا أنفسهم في قبضة سلطات الكيان الإسرائيلي. أمّا إيطايا فقد توصّلت إلى اتفاقيات مع ليبيا لصدّ المهاجرين من البحر، حتّى على حساب مصير محتّم يُعرّض أرواحهم للهلاك، والحيلولة دون أن تطأ أقدامهم الأرض الإيطاليّة، وبالتالي حرمانهم من الإستفادة من مبرّر حقّ طلب اللّجوء. وبالفعل، ما بين ماي ومنتصف جويلية 2009، أحتجزت القوات الإيطالية قرابة 900 مهاجر في البحر وأعادتهم إلى ليبيا. وعلى ضوء هذه المعطيات وجّهت وكالة الأممالمتحدة للاجئيين انتقادات لكل من إيطاليا واليونان على ممارساتهما تجاة طالبي اللّجوء، باعتبارها عائقا أمام حق المهاجرين في طلب اللجوء ولكونها تدخل في صنف الإبعاد الذي تمنعه القوانين الدوليّة بحق طالبي اللّجوء. وهكذا يبدو أنّ التّظاهر بفعل شيء ما، هو الذي يحكم تصرّفات الساسة في الدول الأوروبيّة لتسجبل نقاط لدى الرأي العام في قضيّة الهجرة التي تعود للسطح كلّما تأزّمت الأوضاع الإقتصاديّة. ولكنّ وجود وانتشار مخيّمات للمهاجرين غير الشرعيين على الأراضي الأوروبيّة دليل على فشل سياستها الرّاهنة للتعامل مع هذه الظاهرة التي لاينكر أحد بُعدها الدّوليّ وطبيعتها شديدة التعقيد. ويرى المختصّون أنّ الطريق الذي من شأنه أن يؤدّي إلي حلّ يمرّ على أقلّ عبر مقاربة تحترم فيها هذه الدول تلك الواجبات التي تفرضها عليها القوانين الدوليّة، أولا، وتتّبع سياسة أوروبيّة تعاونيّة جديدة من شأنها تخفيف العبء على دول المتوسط الأوروبيّة التي تدفع ثمن موقعها الجغرافي، ثانيا، وتستند إلى استرايجيات سياسيّة وبرامج تنموية لفائدة الجنوب المتخلّف لمعالجة تبعات الحروب والبطالة والفقر والمجاعة والنموّ الديمغرافي والتغيّرات المناخيّة، ثالثا وبصفة جديّة.