القصر والأطفال معنيون بالترحيل نحو بلدانهم رغم معارضة الجمعيات الحقوقية يرى المراقبون عقب مصادقة الاتحاد الأوروبي على قانون الهجرة الجديد، الذي أطلق عليه شعار “قانون العودة”، ودخل حيز التنفيذ خلال السنة الجارية، أن يقضي المهاجرون غير الشرعيين أكثر من 200 ألف حراڤ ودون وثائق يتواجدون في فرنسا وحدها معاقبة الرافض لقرار الترحيل بالسجن من 6 إلى 18 شهرا وحرمانه من دخول الفضاء الأوروبي لمدة خمس سنوات خاصة القادمين من شمال إفريقيا وبلدان جنوب الصحراء، صيفا ساخنا، بمختلف دول الاتحاد الأوروبي، وبالخصوص في فرنسا التي تضم أكبر تجمع للمهاجرين غير الشرعيين، أغلبهم من الجزائر، حيث يقدر عدد المقيمين منهم دون وثائق، بأكثر من 200 ألف حراڤ، دخلوا التراب الفرنسي خلال فترة التسعينيات. يتضمن القانون الجديد، وفق ما أطلعت عليه “ الفجر”، إجراءات توصف بالقاسية ضد المهاجرين السريين، بمن فيهم القصر، خاصة المعنيين بالطرد الإجباري إلى بلدانهم الأصلية، من خلال مرافقتهم إلى المطارات لترحيلهم، وإخضاعهم لعقوبة “عدم الانصياع” في حالة أبدوا تعنتا أو معارضة على قرار الترحيل، التي أقرها قانون الهجرة الجديد “العودة”، وحددها بالسجن من 6 أشهر إلى سنة ونصف السنة، وبقرار حرمان المهاجر المعني من دخول فضاء الاتحاد الأوروبي لمدة خمس سنوات. ويقدر العدد الإجمالي للمهاجرين الأجانب المعنيين بهذا القانون، حسب إحصائيات الاتحاد الأوروبي، 8 ملايين مهاجر مقيم بطريقة غير شرعية، أغلبهم من منطقة المغرب العربي وجنوب الصحراء، إلى جانب عدد هام قدموا خلال العشرية الأخيرة من بلدان أمريكا اللاتينية، كبوليفيا والإكواتور. وأثارت مصادقة دول الاتحاد الأوروبي على “ قانون العودة” جدلا واسعا في أوساط المنظمات غير الحكومية المدافعة عن حقوق الإنسان، التي وصفته ب “قانون العار”. واعتبر مجلس مساعدة واستقبال المهاجرين وطالبي اللجوء السياسي، غير الحكومي، المصادقة على قانون الهجرة الجديد “أفقد البرلمان الأوروبي الكثير من مصداقيته وواجباته الأخلاقية، كهيئة ديمقراطية مكلفة بحماية المواطنين وحرياتهم الأساسية، وأكد عزمه معارضة القانون بشدة، وذلك بالتنسيق مع شركاء آخرين أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان”. وفي ذات السياق، احتجت الجمعية الفرنسية، “فرنسا أرض اللجوء”، على إجراء طرد القصر واعتبرته منافيا لروح القوانين الفرنسية وكل اللوائح الأممية الداعية إلى حماية الأطفال والقصر، مشيرة إلى أن إجراءات الترحيل بالقوة، التي تصنف الأطفال في خانة الفئات الواجب حمايتها وأن تحظى بالرعاية، وقالت “فهم أولا قصر قبل أن يكونوا مهاجرين أجانب غير شرعيين”. وتعدت الاحتجاجات على “قانون العودة” المذكور الفضاء الأوروبي، لتثير رد فعل بلدان أمريكا اللاتينية، التي تحصي عددا كبيرا من مواطنيها المهاجرين إلى إسبانيا والبرتغال، مهددا بالطرد، خاصة مواطني بوليفيا والإكوادور، ولم تسلم حكومات مدريد ولشبونة هي الأخرى من انتقادات الجمعيات والمنظمات الحقوقية والإنسانية، التي نددت بالقانون واعتبرته تراجعا خطيرا عن القيم الإنسانية ومبادئ أوروبا في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات، مؤكدة على الطابع التعسفي للقانون، الذي يعامل المهاجرين كالمجرمين، ويدعو إلى التخلص منهم “رغم حاجة أوروبا إلي اليد العاملة الأجنبية في جميع القطاعات”، تضيف ذات الجمعيات الحقوقية. ومن جهته، قال الناطق باسم البرلمان الأوروبي، من انعكاسات قانون الهجرة الجديد على سياسات أوروبا المستقبلية، مطمئنا الرأي العام والحكومات المعنية، بالقول إن الاتحاد الأوروبي يعمل على إرساء سياسة جديدة للهجرة، وفق نظام الحصص الخاصة باليد العاملة المؤهلة، في إطار ما اسماه ب “تدابير الهجرة الشرعية”. وتقدر الهيئات الأوروبية الاقتصادية، ومراكز الدراسات الاستشرافية احتياجات الدول الأوروبية من الموارد البشرية العاملة بأكثر من عشرة ملايين عامل مؤهل، خلال السنوات العشر المقبلة، خاصة في قطاعات المعلوماتية، الصحة، البناء والأشغال العمومية، الصناعات التحويلية والقطاع الزراعي. كما أكدت جل الدراسات في مجال التأمين الاجتماعي بأن عدد المتقاعدين في بلدان أوروبا، سيتجاوز خلال العشرية القادمة عدد العاملين الناشطين المساهمين في تمويل صناديق الضمان الاجتماعي والنفقات الصحية، ما قد يسبب عجزا لا يمكن تداركه، طالما أن نسبة المستفيدين ستكون اكبر من المساهمين، في ظل تراجع النمو الديموغرافي بأغلب دول الاتحاد الأوروبي وشيخوخة اليد العاملة.